وبعد اسابيع انتقدت وزارة الخارجية في تقرير صحفي لها \"التضليل الاعلامي\" في تقارير متفرقة من خلال وسائل اعلام خارجية حول بعض انواع الأسلحة التي استخدمت في الفلوجة,والتي من بينها مادة كيماوية شديدة الاشتعال تعرف بالفوسفور الأبيض. قال التقرير الذي نشر في 9 ديسمبر أن قنابل الفوسفور قد استخدمت بشكل ضئيل من اجل اغراض الاضاءة الليلية. لقد اطلقت في الهواء لكي تضيء مواقع العدو بالليل, ولم تستخدم ضد مقاتلي العدو. كل هذا كان كذبا وتضليلا من قبل الادارة. \" ان بعض نيران المدفعية اطلقت الفوسفور الأبيض الذي احدث شعلة هائلة من النيران لايمكن اطفاؤها بالماء\", هذا ما اوردته صحيفة الواشنطن بوست من الفلوجة خلال المعركة. وذكرت المقاومة انها هوجمت بمادة تذيب جلودهم وهو الأمر الذي لايحدث الا من خلال حرق مادة الفوسفورالأبيض\". كما اكد احد الأطباء في مستشفى مجاور ان بعض \"جثث المقاومة كانت ذائبة تماما\". \r\n لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها القوات الأميركية الفوسفور الأبيض ضد اهداف بشرية في الفلوجة. وخلال عملية نفذتها في ابريل 2004 والتي تمت بناء على اوامر من واشنطن,كانت الشركات المتخصصة في قذائف الهاون تقوم بشكل روتيني بتغيير رؤوس الفوسفور الأبيض برؤوس المتفجرات التقليدية. وفي 10 ابريل كتبت دارين مورتنسون في مجلة نورث كاونتي تايمز , كاليفورنيا, انها رأت جنودا يلقون بخليط من الفوسفور الأبيض وبعض المتفجرات على سلسلة من المباني التي كان يختبئ بها افراد المقاومة. وكان مورتنسون والمصور هاين بالمور يسافران مع المارينز من معسكر بندلتون. \r\n وخلال قضية فيلد ارتيليري وهي احدى المطبوعات التابعة للجيش الأميركي في شهري مارس وابريل 2005, وصف الضباط الذين قاتلوا في الفلوجة في نوفمبر الماضي المدفعية وعمليات الهاون بما فيها استخدام الفوسفور الأبيض. وكتب الضباط انه قد تم استخدامه بالفعل من اجل احداث دخانا ليغطي على حركات القوات وكسلاح فتاك ضد افراد المقاومة من اجل اخراجهم من الخنادق وفتحات العناكب. لقد استخدمنا هذا السلاح من اجل تدميرهم وسحقهم تماما, على حد قول الضباط. في الحقيقة, ان الفوسفور الأبيض حسب الوصف يعد من بين الأسلحة الحارقة التي ذكر اسمها على موقع الأمن العالمي على شبكة الانترنت. حيث يشتعل تلقائيا بمجرد اتصاله الهواء. هذا التفاعل الكيماوي يولد حرارة مكثفة واصابات كيماوية خطيرة. \"اذا وضع جزء ضئيل جدا على جلد الشخص تقوم على الفور باختراق واذابة الأنسجة الدهنية, ومن ثم يبدأ الجسم في الذوبان. هذه الأسلحة قذرة بدرجة كبيرة\", وذلك حسب ما اورده الموقع. وذلك لأن الفوسفور الابيض يستمر في الحرق حتى يختفي\".كل هذا كان معروفا رغم انكار وزارة الخارجية منذ عام عندما تم بث فيلم وثائقي الشهر الماضي على تليفزيون الراي الايطالي. لقد قدم البث الذي تم يوم 8 نوفمبر مجموعة من الصور والأدلة التي تعد بمثابة شهادة على بشاعة الأساليب التي استخدمتها القوات الأميركية ضد المدنيين العراقيين وبخاصة ضد مقاتلي الفلوجة, ومن بينهم الأطفال والنساء الذين قتلوا شر قتلة واصيبوا اصابات بالغة خلال الهجوم الأميركي على الفلوجة في نوفمبر الماضي. ورغم كل هذه الدلائل الا ان ادارة بوش تعاملت مع الأمر بلا مبالاة وكأنها تعيش في هذا الكون وحدها واعتبرت نفسها كدولة عظمى يمكنها ان تفعل ما تشاء بدون محاسبة. كان رد السفارات الأميركية على مستوى العالم أن اصدرت بيانات منمقة الكلمات ورد فيها ان الفوسفور الأبيض قد استخدم كسلاح ذي حدين, اي انه استخدم لانارة مواقع العدو ولتعتيم الدخان المتصاعد منه على القوات الأميركية ولكنه لم يستخدم ضد البشر. وبعد ايام قليلة وتحت العناوين الرئيسية تصدرت هذه العناوين الفرعية كل الصحف\" ان الولاياتالمتحدة لم تستخدم الفوسفور الأبيض كسلاح\". كما صدر بيان اخر من البنتاغون جاء فيه \"اننا لم نستخدم الفوسوفور الأبيض ضد المدنيين\". كما استغرق الأمر من الناطق باسم البنتاغون المقدم باري فينابل وقتا طويلا ولكنه اعترف في النهاية لاذاعة ال\"بي بي سي\" البريطانية بأن الولاياتالمتحدة استخدمت الفوسفور الأبيض كسلاح حارق ضد \"المقاتلين الأعداء\". ولكنه اصر على انها لم تستخدمه اطلاقا ضد المدنيين. ان فكرة استهداف القوات الأميركية للمدنيين مستخدمة الفوسفور الأبيض أو أي شيء اخر, بالطبع هي هراء. ولكن تفسيرات البنتاغون المتغيرة خلال خمس سنوات من التهرب من الحقائق,أو ذكر انصاف الحقائق,والانكار الكاذب من قبل ادارة بوش قد وفر للعالم كل الأسباب التي تجعله يشك فيما يجب ان يكون حقيقة واضحة. كما ان الأحاديث المزدوجة للحكومة والمجادلة في الحقائق والتلاعب بالألفاظ يجعلها في اسوأ حال. هل الفوسفور الأبيض سلاح كيماوي؟ ان هذا الأمر يعتمد على \"تفسيرك للخواص السامة فيه\" حسب تفسير المعاهدة الدولية للأسلحة الكيماوية. ولكن ألم تسميه الولاياتالمتحدة سلاحا كيماويا عندما سمعنا ان صدام قد استخدمه ضد الأكراد عام 1991؟ اذا ما الأمر؟ هل هو سلاح حارق؟ سواء استخدم للاضاءة أو للتمويه. ولكن الولاياتالمتحدة استخدمته كسلاح حارق لكسب المعركة مع المقاومة. أليس كذلك؟ لقد اعترف البنتاغون اخيرا انه فعل هذا في الفلوجة. والبروتوكول الثالث من معاهدة جنيف حول الأسلحة الحارقة يحظر استخدامه \"بالتركيز على المدنيين\". والمدهش ان الولاياتالمتحدة لم توقع اطلاقا على البروتوكول الثالث. هذا التردد في التعريفات بات امرا مقززا ويحط من قدر الولاياتالمتحدة. وهل الولاياتالمتحدة بالفعل تحتاج الى دفاع قائم على التلاعب بالكلمات والألفاظ والتقنيات؟ \r\n ان الأميركيين بطبيعتهم متفائلون وواضحون. ان اكبر مفخرة لنا هي تلك الثقة التي اوشكنا على فقدانها. ولكن يبدو ان هذه الادارة قد تخلت عن أي ادعاء شرعي لصالح الشك. انها لاتعبأ ما اذا كان هذا نتيجة الحقد والضغينة , وعدم الكفاءة, أم انه مزيج من كليهما. بسبب ادارة بوش, مايمكن ان تقوله اميركا للعالم لم يعد يمثل أي مصداقية. وقد يستغرق هذا الأمر اجيالا بأكملها حتي ينصلح ما دمرته الادارة. \r\n إيريك مينك \r\n محرر بصفحة الرأي في صحيفة سانت لويس بوست ديسباتش. \r\n خدمة كيه ار تي خاص بالوطن