\r\n فالرئيس ليندون جونسون، والأخوان بندي، وروبرت ماكنمارا، ودين راسك، كانوا جميعا يعتقدون أن الشيوعيين الصينيين هم الذين يديرون حرب فيتنام، وأنهم سيستغلون النصر الذي سيحققه الفيتناميون لإشعال فتيل الانتفاضات الشيوعية في كافة أرجاء جنوب شرق آسيا وما وراءها. لم يدرك هؤلاء الرجال أن الأمر ليس بهذه البساطة كما أثبتت الأيام فيما بعد. فعلى الرغم من أن الشيوعيين قد ربحوا الحرب في النهاية، فإن شيئاً مما كان يتوجس منه هؤلاء المسؤولون لم يحدث. \r\n \r\n والذين قاموا بغزو العراق لم يكونوا مهتمين بما إذا كان العراق يمتلك أسلحة للدمار الشامل أم لا، وإنما كان كل همهم هو السيطرة على العراق لأسباب اقتصادية واستراتيجية، وربما شخصية أيضاً. \r\n \r\n ومثلهم مثل الرجال الذين أداروا حرب فيتنام، لم يتخيل رجال الإدارة الحالية أن الولاياتالمتحدة لن تكون قادرة على السيطرة على العراق بسهولة، لقد كانوا يعلمون أن الجيش الأميركي لن يكون قادراً على كسب الحرب إلا إذا كانت تلك الحرب \"فائقة التقنية\" ومع ذلك واصلوا التخطيط للحرب على الرغم من علمهم أن العدو الذي يحاربهم ليس لديه أي نوع من التقنية المتطورة. \r\n \r\n إن أخطر سلاح يواجه قوافل الجيش الأميركي في الوقت الراهن هو تلك المتفجرات المموهة التي يتم زرعها على جوانب الطرق، والتي يطلق عليها العسكريون الأميركيون اسم \"الأدوات المتفجرة المرتجلة\". \r\n \r\n وكان الأجراء المضاد لتلك المفرقعات والذي لجأ إليه \"البنتاجون\" هو استخدام مصدر طاقة، متصل به قضيب معدني، يتدلى من شاحنة، ويقوم بصهر الدائرة الكهربائية لكبسولة التفجير، أو يقوم بتفجيرها قبل أن تصل القافلة الأميركية إلى الموقع المدفونة فيه المفرقعات. والإجراء المضاد منخفض التقنية الذي سيلجأ إليه عدونا هو العودة بالطبع إلى استخدام أسلوب التفجير الميكانيكي. \r\n \r\n وحرب العراق يتم تعريفها حالياً بأنها حرب شريرة للغاية، وأنها تختلف اختلافاً بيناً عن حروب العصابات العادية مثل تلك الحرب التي خاضها الوطنيون الفلبينيون ضد أميركا (1899- 1901) أو تلك التي خاضتها قوات المقاومة الأوروبية ضد الجيش النازي في الحرب العالمية الثانية، أو الفيتناميون ضد الولاياتالمتحدة منذ ثلاثة عقود من الزمان. \r\n \r\n والرأي العام الأميركي يتحول في الوقت الراهن ضد الحرب في العراق. فقد أظهرت آخر استطلاعات الرأي التي أجرتها إن. بي. سي ومجلة وول ستريت جورنال، أن 55 في المئة من الشعب الأميركي لا يوافق على قيادة جورج بوش وأن 39 في المئة منه يريدون تخفيض أعداد القوات الأميركية الموجودة هناك. \r\n \r\n إن اكتشاف أن القوة الأميركية الهائلة غير قادرة على كسب الحرب في العراق، قد أصاب إدارة بوش بحالة قريبة من الفزع. كان قد أصبح مفهوماً لدى تلك الإدارة، أن القوات الأميركية في العراق قد أصبحت معرضه لخطر الهزيمة، وأن تلك الهزيمة كان معناها أن الإرهابيين عبر الشرق الأوسط الكبير قد حققوا انتصاراً على أميركا، وأن مصداقية واشنطن قد تعرضت لضربة كارثية، بل وأنها قد هزمت في الحرب العالمية الرابعة، (وهو الاسم الذي أطلقته على حرب العراق تلك الفئة من \"المحافظين الجدد\" التي تميل إلى تهويل الأمور). \r\n \r\n وهؤلاء المحافظون يصرون على أن الولاياتالمتحدة يجب أن تواصل مهمتها هناك، وإلا بدت في نظر العالم ك\"عملاق يدعو للرثاء\" وهو الوصف الذي استخدمه ريتشارد نيكسون لوصف أميركا بعد فيتنام. \r\n \r\n والسياسة الأميركية الحالية في العراق هي \"عرقنة\" الحرب. والعرقنة الآن هي مثل \"الفتنمة\" في الستينيات، سواء في الوزن الصرفي أو في النتائج غير الواعدة التي قد تتمخض عنها. وبعض السياسيين يريدون الآن تجزئة العراق إلى ثلاثة كيانات، وهي التجزئة التي لو تمت فإنها ستؤدي إلى زيادة النفوذ الإيراني، وتدخل تركيا للحيلولة دون استقلال كردستان، وتواجه بمقاومة شرسة من جانب السُنة العرب. \r\n \r\n وآخر الاستراتيجيات المقترح استخدامها في العراق وأكثرها وضوحاً، هي تلك التي قدمها \"كريباينفيتش جي آر\" في دورية \"فورين أفيرز\"، هذه الاستراتيجية هي تلك المعروفة باسم \"بقعة الزيت\" وهي تقوم على مد المنطقة الآمنة الموجودة في المنطقة الخضراء الآن وغيرها من المناطق الآمنة في المدن الأخرى إلى مناطق جديدة بحيث يتم تحويل العراق بكاملة إلى منطقة آمنة واحدة. \r\n \r\n ومثل هذه الاستراتيجية كانت قد جُربت وفشلت في فيتنام، وكان السبب هو عدم القدرة على ضمان أن المناطق المؤمنة ستكون خالية من الأشخاص الذين يتسببون أصلاً في عدم الأمن. فصدام حسين بجهاز شرطته السرية الرهيب مثلا لم يكن قادراً على تأمين مناطق كاملة من العناصر المناوئة لنظامه، لأن تلك العناصر تمتلك شبكة من الأصدقاء والأقارب والمتعاطفين والعائلات والارتباطات العشائرية والقبلية. \r\n \r\n ونظرا لأن الدولة لا يمكن أن تعمل تحت ظروف مثل هذه، فإن الخيار الوحيد المتاح أمام الأميركيين حاليا هو: إما التفاوض على ترك العراق الآن وهو حل لا يزال ممكناً، أو مواصلة البقاء هناك لعقود، مع تحمل المزيد من الخسائر البشرية، وإنفاق المزيد من مليارات الدولارات ثم المغادرة بعد ذلك مضطرين ومهزومين في النهاية، وسط غضب عارم من جانب الشعب الأميركي. \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة\" تربيون ميديا سيرفس\" \r\n \r\n