المدينة التي شقها مرة اخرى سور صلب ربما لم تكن منشقة الى هذا الحد في كل تاريخها‚ فليس هناك فلسطينيون فحسب بازاء يهود مع ارتفاع ملحوظ في عدد السكان الفلسطينيين فيها «نحو من ربع مليون»‚ بل اليهود بازاء اليهود ايضا‚ \r\n \r\n شرقي القدس الذي ضم الى اسرائيل بعد نحو شهر من الحرب قسم مرة اخرى‚ ان بناء السور الذي هدف الى منع انتقال سكان الضفة الى القدس يتسبب بالنتيجة العكسية: فان اولئك السكان الفلسطينيين ذوي بطاقات الهوية المقدسية الزرقاء الذين انتقلوا في عشرات السنوات الاخيرة من القدس الى مناطق الضفة المحيطة بالمدينة يعودون اليها اخيرا خوفا من ألا يستطيعوا العمل والدراسة فيها بعد اكمال السور‚ على حسب تقدير خبراء يعود بضع عشرات آلاف من الفلسطينيين أو ينوون العودة قريبا الى القدس‚ وبهذا فانهم يزيدون الكثافة الموجودة اصلا في الاحياء الفلسطينية هناك‚ يساعد الشعور بالاختناق لدى الفلسطينيين مستوطنون اسرائيليون توطنوا في قلب الاحياء العربية‚ \r\n \r\n في منطقة الحرم القدسي وفي منحدرات جبل الزيتون وجبل المشارف تدور في الاشهر الاخيرة حرب القط والفأر بين جهاز الامن وبين متطرفي اليمين‚ الذين يدبرون لتفجير المساجد هناك او على الاقل التسبب بخراب فيها‚ هادفين الى منع الانسحاب‚ بسبب تخوف حدث شديد كهذا‚ قد يتسبب بمحو دولة اسرائيل من الخريطة تستعمل جهات الامن ل 24 ساعة في اليوم افضل الاشخاص والوسائل الاكثر تطورا‚ \r\n \r\n قال احد المسؤولين الكبار في الجهاز الامني سابقا في هذا الاسبوع ان المشكلة الرئيسية «للشباك» هي ان المتطرفين قد استخلصوا درسا من تجارب سابقة للمس بمساجد الحرم القدسي‚ ولهذا فانهم حذرون للحفاظ على ظهور ضئيل قدر الامكان يصعب جدا أو هو غير ممكن تقريبا محاولة تحديد أماكنهم‚ \r\n \r\n وبين السكان اليهود في المدينة هناك فصل شبه تام بين الجزء المتدين الحريدي وبين العلمانيين‚ ففي يوم الذكرى لضحايا الجيش الاسرائيلي ساعة الصفير يمكن ان نرى بالعين التقسم بين من يقف صامتا وبين اولئك الذين يواصلون السير‚ القدس هي في حقيقة الامر ثلاث مدن منفصلة مدينة العلمانيين الآخذين في القلة‚ الذين يترك اكثر ابنائهم وبناتهم نحو الساحل‚ ومدينة الحريديين ومدينة الفلسطينيين لا يوجد اي شعار ل «المدينة التي ضمت معا» او «وحدت الى الابد» يستطيع ايقاف عملية الفصل السريعة تلك‚ \r\n \r\n في عام 1968 كتب الشاعر المقدسي الراحل يهودا عميحاي: «القدس عملية جراحية بقيت مفتوحة الجراحون مضوا ليناموا في السماء البعيدة»‚ وبعد ذلك بثلاثين سنة بالضبط في عام 1998 اصبح عميحاوي يعي انه لا يمكن لأي عملية جراحية ان تفيد‚ لأن المريض اصبح في وضع ميئوس منه: «القدس تجلس جلوس الثكالى‚‚ وهي لم تفهم بعد انها هي بنفسها الميت وهي الثكلى»‚ \r\n