لقد قضيت بعض الوقت مؤخراً في نيجيريا قابلت خلاله عدداً من القادة في الحكومة والمجتمع المدني الذين يتحدون المعرفة التقليدية في بلادهم. هذا وقد عملت مؤسسة ماك ارثر هناك منذ عام 1989 ولها مكتب في العاصمة, ابودجا. كانت هذه هي الزيارة الرابعة بالنسبة لي خلال خمس سنوات. ونيجيريا التي رأيتها مؤخراً عندما زرت المنظمات والأفراد الذين تدعمهم مؤسسة ماك ارثر تركت في نفسي اثراً كبيراً واحساساً بالأمل فيها وشعبها. \r\n ان العالم مهتم بدرجة كبيرة برؤية السلام والاستقرار في نيجيريا وهي حالة اختبار للديموقراطية في القارة الأفريقية, التي تضم 250 جماعة عرقية كما انها اكبر دولة من حيث عدد المسلمين في قارة افريقيا. واذا نجحت تلك الدولة, فسوف تبين ان الحكومة المنتخبة من الممكن تتأصل جذورها في الصحراء الأفريقية. ولكن نيجيريا في حاجة الى فهم, وتوجيه نقد هاديء وكذلك احترام لشعبها وسكانها الموهوبين المصممين على عدم اهدار هذه الفرصة او تضييعها. \r\n ورغم ان الحكم العسكري قد انتهى منذ خمس سنوات الا ان التحديات التي وُجهت للديموقراطية الناشئة في نيجيريا مثبطة للهمة بدرجة كبيرة. ونظراً لأنها تضم 130 مليون نسمة فهي بذلك تحوي سدس سكان افريقيا. ومنظمة الشفافية الدولية تضع نيجيريا في مرتبة ثالث اكبر دولة ينتشر بها الفساد في العالم. ورغم الكميات الهائلة من احتياطي النفط, الا ان 80 مليون نسمة من مواطنيها وهو مايعادل ثلثي السكان, لايملك الا ان يعيش على اقل من دولار واحد يومياً. \r\n ولكن بإمعان النظر في هذه الإحصائيات المعتدلة, نجد انها تغض الطرف عن التقدم الملموس في بناء مؤسسات المجتمع المدني, وتقوية دور القانون, وتحسين نظم التعليم, وكذلك اتخاذ الخطوات الأخرى الضرورية لتطوير وتعزيز الديموقراطية. ومن بعض الإحصاءات, يوجد الآن حوالي 1000 منظمة غير حكومية تتولى مسؤولية مستقبل نيجيريا. هذه المنظمات هي العمود الفقري للمجتمع المدني المتنامي في نيجيريا, والتي تعمل لتحسين الرعاية الصحية وصيانة حقوق الإنسان الأساسية وتقديم المساعدة في مجال تنظيم الأسرة, وحماية البيئة. \r\n وهناك تقدم ملحوظ في نظام العدل وحقوق الإنسان والتعليم في بعض المناطق. على سبيل المثال, قامت وزارة العدل الفيدرالية بمراجعة القانون المدني لنيجيريا للتأكد من ان القوانين تتفق مع الدستور. وتمت مراجعة مايقرب من 1000 قانون وتم استبعاد مايزيد عن 500 قانون او تعديله. ولأول مرة يتم عرض قوانين نيجيريا من خلال موقعها على الإنترنت لكي يراها الجميع. \r\n ومن الواضح ان وزارة العدل قد عدلت وحسنت في مستواها بدرجة كبيرة. وهناك برنامج تتم ادارته من خلال منظمة غير حكومية هي منظمة الدفاع والمساعدة. وقد قامت هذه المنظمة بتدريب 20% من مسؤولي الدولة والمسؤولين الفيدراليين ورجال الشرطة على الإجراءات الجنائية, وتعزيز دور وزارة العدل, وهناك المزيد من الأشخاص الذين يتم تدريبهم يومياً. ومن بين الإصلاحات الأخرى التي تمت تقليل فترة التأجيلات التي تسبق الحكم بنسبة 50% في بعض الولايات, ورغم ذلك لابد من فعل الكثير في مناطق اخرى. وهناك بعض المجموعات مثل مركز تعزيز دور القانون وشبكة اصلاح الشرطة هذه المجموعات تعمل بشكل مباشر مع الشرطة من اجل ضبط السلوك والإنتهاكات وبناء دعم جماهيري واسع النطاق للنظام القضائي ودور القانون. \r\n وهناك المزيد من الجهود التي لازالت قيد التنفيذ. حيث وضعت لجنة وطنية برنامج عمل من اجل تنفيذ ودعم سلسلة من قوانين حقوق الإنسان التي تعزز حقوق الطفل, وتزيد من قوة التحقيقات الجنائية وتضع المعايير القياسية للإجراءات الجنائية. وهناك بعض المنظمات النسائية التي تعزز دور المرأة مثل منظمة باوباب لحقوق المرأة التي تستند الى احكام الشريعة, وهذا يعد امراً هاماً لبلد يوجد بها 12 ولاية يحكمها قانون اسلامي وعلماني في ان واحد. \r\n كما ان هناك تحسنا ملحوظا في النظام الجامعي. حيث تزايدت اعداد المتقدمين اضافة الى الزيادة الملحوظة في مصادر التمويل من القطاعين العام والخاص بنسبة تزيد عن 270%. وفي جامعة ايبادان, تقابلت مع احد الطلبة الذين تخرجوا مؤخراً وكان يعد نفسه للدراسات العليا في الخارج, وتجولت كذلك في مكتبتها الرقمية الجديدة. \r\n وهناك عدد كبير من معامل العلوم الجديدة بجامعة احمدو بلو, اضافة الى مراكز الحاسب الآلي الجديدة وكلية الزراعة الجديدة بجامعة بايرو ومعهد هندسة البترول الجديد بجامعة بورت هاركورت. كل هذه التفاصيل ان دلت انما تدل على التحسن الملحوظ في كل مجالات الحياة في نيجيريا. \r\n وتعد فترة رئاسة, اوليسيغون اوباسانغو, من افضل فترات الرئاسة التي شهدتها نيجيريا. وعندما تقابلت معه الأسبوع الماضي كان يركز خلال حديثه على التحديات التي تواجهه في طريق نهضة بلاده. \r\n وقد ابدى الرئيس دعماً قوياً لعمل مؤسسة ماك ارثر في مجال اصلاح الشرطة ومجال حقوق الإنسان. كما الزمت ادارته نفسها بإجراء عدد من الإصلاحات في المجال الاقتصادي والتي لاقت ترحيباً كبيراً من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي, والتي شملت بعض البروتوكولات الخاصة بالمراجعة المالية للمؤسسات الحكومية وتشريعات تخص عوائد النفط والغاز الطبيعي. \r\n ونتيجة لبرنامجها ضد الفساد وفرت الدولة النيجيرية حوالي مليار دولار عام 2004. ولكونها تترأس حالياً الاتحاد الأفريقي فقد بذلت جهوداً كبيرة في سبيل حفظ السلام ودعمه في عدد من الدول الأفريقية من بينها سيراليون وليبيريا وساوتوم والسودان وتوجو حالياً. \r\n ان الأسبوع الذي قضيته في نيجيريا قوى لدى الإحساس بالتفاؤل الحذر حول مستقبل نيجيريا. وانا اعلم ان هذه الاتجاهات الإيجابية لابد من تقييمها بمرور الوقت. ومن المعروف ان الديموقراطيات لايتم بناؤها بين يوم وليلة وانما تحتاج لفترات من الزمان حتى تنضج ويكتمل بناؤها. ولكي يتسنى لها هذا لابد من تقديم الدعم والعون لها في كل المجالات وان لم نفعل ذلك ستكون البدائل كارثية بالنسبة لنا. \r\n \r\n جوناثان فانتون \r\n رئيس مؤسسة ماك ارثر \r\n خدمة كيه ارتي خاص ب(الوطن)