\r\n إذا كان الأمر كما يقولون، فإن بلير يخفيه بشكل متقن. فقد كان مزاجه جيدا خلال مقابلة في وقت متأخر من بعد ظهر يوم أول من أمس (الثلاثاء) في مقر رئيس الوزراء في 10 داونينغ ستريت، مع نهاية يوم طويل ترأس خلاله مؤتمرا دوليا حول تقديم المساعدات الى السلطة الفلسطينية، وهناك لم يتراجع بلير بوصة واحدة عن شراكاته غير المتوقعة مع الرئيس الجمهوري المحافظ، فامتدح «تطور سياسة اميركية» اكثر تعاطفا تجاه المصالح الفلسطينية، التي تبلورت خلال زيارة بوش الى اوروبا في الشهر الماضي، ويعتقد بلير ان المزيد من الدول الاوروبية اصبحت تتبنى «الواقعية العملية» للادارة الاميركية بخصوص أمن اسرائيل، فيما تم التوصل لعقد مؤتمر لندن، بعد شهور من المحادثات بين بلير والاميركيين والاوروبيين والفلسطينيين والدول العربية، بل وحتى اسرائيل، التي لم تشارك، وقد كانت هكذا خطوة مهمة في التوصل الى لغة مشتركة لجهد سلام جديد. \r\n أوضح رئيس الوزراء البريطاني قائلا: «نقف الآن على الأرضية نفسها، بسبب هذا الوصف المشترك لما يعني دولة مستقلة فلسطينية». وقبل الاميركيون اهمية وحدة اراضي الدولة الفلسطينية، بينما قبل الاوروبيون اصرار اميركا على ان تكون مثل هذه الدولة «ديمقراطية ومستقرة». واضاف بلير: «ان المؤتمر وضع سيناريو متفقا عليه، وبقي علينا ان نقدم الفيلم». لقد حقق بلير نجاحا اجرائيا بقبول كل الاطراف سلسلة من الآليات لمراقبة التقدم على مجالين: «الاصلاحات السياسية والاقتصادية والامنية التي تعهد بها الفلسطينيون، والمساعدات الاقتصادية والتقنية التي تعهدت بها الولاياتالمتحدة واوروبا». \r\n في المقابل أملت إسرائيل في أن يكون هذا الاجتماع فرصة للتعبير عن دعم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لكن مع دعم الإدارة الأميركية، وقد استخدم بلير هذا اللقاء لإنشاء خريطة طريق حقيقية للعودة إلى «خريطة الطريق» الأصلية الهادفة لتحقيق السلام، التي تؤدي إلى تحقيق الحل المستند إلى وجود دولتين فلسطينية وإسرائيلية حلا للنزاع القائم بين هذين الطرفين. \r\n والجدير بالذكر هنا أن بلير قد لعب دورا أساسيا في تحريك بوش صوب مساعي تحقيق السلام في الشرق الأوسط حسبما بلغني، لكن رئيس الوزراء البريطاني تجنب تأكيد ذلك عند لقائي به. وفي ملاحظاته التي طرحها أمام المؤتمر سمعت مع ذلك ما ظل (حسبما قيل) يردده على الرئيس بوش في جلساتهما الخاصة. \r\n وصف بلير النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بأنه «السبب الذي ظل يستغل أو يساء استخدامه من قبل أولئك الذين يناصرون التطرف». كذلك أشار بلير وبشكل غير مباشر إلى أن أهداف بوش في حربه العالمية على الإرهاب ودفعه باتجاه الديمقراطية في الشرق الأوسط ستتأثر سلبا إذا لم يتم احتواء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وتوقع أن يتحقق تعزيز الأمن، إذا دعم المجتمع الدولي وراقب تحقق الإصلاحات الأمنية بالنسبة للفلسطينيين. \r\n وهذا المؤتمر هو أول عودة جوهرية لبلير صوب جمهوره المحلي لإظهار ما تمكن من تحقيقه من خلال دعم بوش لحربه في العراق. ومع ذلك ما زالت الخلافات قائمة على الطريق مع واشنطن، بخصوص الأسبقيات العاجلة بالنسبة لبلير والمتعلقة بمساعدة أفريقيا والتحولات في المناخ. وحينما سألته إن كان يتوقع نجاحه في تحريك بوش لهذه القضايا أيضا، احتفظ الزعيم البريطاني بمزاج متفائل، لكنه لم يقلل من شأن الخلافات. \r\n وقد قال بلير بهذا الخصوص: «الأميركيون على استعداد للبدء بحوار يأخذ في الاعتبار مخاوفهم حول الاقتصاد في ما يتعلق بموضوع التغيرات المناخية وحول الإدارة الجيدة»، كشرط لتقديم المساعدة لأفريقيا. وأضاف: «هذا نوع من الواقعية العملية التي غالبا ما نراها في مواقف الإدارة الأميركية». \r\n وأخيرا، فقد ظل رؤساء الوزراء البريطانيون، منذ زمن تشرتشل، يدعمون «العلاقات الخاصة» مع واشنطن. وبلير الذي قال إنه على وشك البدء بالتهيؤ للفترة الأخيرة من حكمه، قام بما هو أكثر من ذلك في وقت الاستقطاب الذي تلا هجمات 11 سبتمبر، في ما تحمل الكثير نتيجة للعلاقة الخاصة التي ربطته ببوش. ومن هنا ومن خلال النظر إلى مسار الأمور، يبدو وكأن بلير قد تمكن من النجاة سياسيا. \r\n \r\n * خدمة مجموعة كتاب «واشنطن بوست» \r\n خاص ب«الشرق الأوسط» \r\n