فهناك نزاع بين إيران وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن قيام الأولى بتطوير أنواع من الوقود النووي. والولاياتالمتحدة غير متفقة مع حليفاتها الأوروبيات (بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا) بشأن ما يتعين عمله في هذا الأمر. فإدارة بوش ترى من جانبها أن الأوروبيين متساهلون أكثر من اللازم، في حين ترى الدول الأوروبية أن الولاياتالمتحدة متصلبة أكثر من اللازم. وفي مشكلة أخرى، يقول المسؤولون العراقيون والأردنيون إن إيران تقوم بالتدخل في الانتخابات العراقية المزمع إجراؤها في الثلاثين من الشهر الحالي. \r\n \r\n وخلال هذا كله كانت إيران منقسمة بين المعتدلين والأصوليين. ويعود هذا الانقسام في الحقيقة إلى الانقلاب الذي قام به \"رضا بهلوي\" الضابط في لواء القوزاق الفارسي عام 1921. فبحلول عام 1925، كان \"بهلوي\" قد نجح في تعزيز ولاء الجيش، وترسيخ النظام العام، وتنصيب نفسه حاكماً أو\"شاه\" للبلاد. بعد ذلك قام \"بهلوي\" بالتفاوض مع بريطانيا على تحسين شروط الاتفاقية الموقعة معها1901 بشأن حصولها على امتيازات نفطية في إيران. وأدت الإصلاحات التعليمية والقضائية التي أدخلها الشاه الجديد، إلى حرمان طبقة رجال الدين الإيرانيين من جزء كبير من النفوذ الذي كانوا يتمتعون به. فقد قام \"بهلوي\" بتعديل قانون الزواج وجعله أكثر تحرراً، كما لم تعد النساء في عهده مطالبات بارتداء الحجاب. وعندما لجأ الشاه إلى ألمانيا كي يوازن النفوذ الروسي المتزايد في بلاده، قام الروس والإنجليز بغزو إيران عام 1941، وأطاحوا الشاه ونصبوا مكانه ابنه \"محمد رضا بهلوي\". \r\n \r\n وبعد ذلك جاءت فترة \"محمد مصدق\" وهو سياسي إيراني قومي ذو شعبية كان عضواً في \"المجلس\" أو البرلمان الإيراني. ففي مارس 1951 قام المجلس بالموافقة على مشروع قانون صادق عليه \"مصدق\" بخصوص تأميم شركة النفط الأنجلو- إيرانية. وقام الشاه بتعيين محمد مصدق رئيساً للوزراء، على الرغم من أن الأميركيين والبريطانيين نظروا إلى الخطوة التي أقدم عليها بتأميم الشركة المذكورة، على أنها خطوة خطيرة تهدد باقي الشركات النفطية الغربية العاملة في منطقة الشرق الأوسط. وعندما حاول الشاه تنحية مصدق من منصبه إرضاء للأميركيين، ثارت الجماهير في الشوارع، وأجبرت الشاه على التنحي والذهاب إلى المنفى. ولكن المخابرات الأميركية والبريطانية سارعت بتدبير اضطرابات مما أدى إلى حالة من الفوضى نتج عنها طرد مصدق من منصبه، وعودة الشاه مرة أخرى إلى عرشه. \r\n \r\n وفي السبعينيات من القرن الماضي قام الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون بإرسال \"ريتشارد هيلمز\" مدير \"السي.آي.إيه\" كسفير إلى طهران. وقامت \"السي.آي.إيه\" بالتعاون مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلي\"الموساد\" بتنظيم جهاز\"السافاك\" الرهيب الذي تعاون بشكل مباشر مع السفارة الأميركية، التي اعتمدت عليه بشكل كامل وتخلت عن التقارير المستقلة التي كانت تقوم بإعدادها. وقام عملاء \"السافاك\" بالتجسس على الطلاب الإيرانيين في الجامعات الأميركية، كما قام الشاه بإنفاق مبالغ طائلة على شراء الأسلحة والمعدات الأميركية لتعزيز قدرات هذا الجهاز. وعندما عارض المحافظون الإصلاحات الاجتماعية وبرامج التحديث التي أدخلها الشاه، قام الأخير بشن حملات دهم عليهم، مما أدى إلى حدوث موجة من التظاهرات العنيفة، التي تعاملت معها قوات الشرطة الإيرانية بعنف زائد. \r\n \r\n وكانت الصحف الغربية تقوم بنشر أنباء كل صدام كبير يقع بين المتظاهرين والشرطة في إيران. وكانت الروايات المنشورة في الصحف تشير كلها إلى أن أيام الشاه قد أصبحت معدودة. ولكن هذه القصص على ما بدا في ذلك الوقت لم تكن تقرأ بواسطة أجهزة الاستخبارات الأميركية أو البيت الأبيض، وهما جهتان تسود فيهما نزعة إلى عدم قراءة أي شيء لا يكون ممهوراً بختم \"سري للغاية\". لذلك كتبت الاستخبارات الأميركية في تقرير لها عام 1978:\"إن إيران ليست في وضع ثورة ولا حتى في وضع يشبه تلك الأوضاع التي تسبق الثورة\". وجاء في تقرير للاستخبارات العسكرية الأميركية في سبتمبر من نفس العام:\"من المتوقع أن يظل الشاه باقياً في السلطة خلال العشر سنوات التالية\". وفي الثاني عشر من ديسمبر من نفس العام أعلن الرئيس الأميركي آنذاك \"جيمي كارتر\" في مؤتمر صحفي:\"أتوقع أن يظل الشاه محتفظاً بالسلطة في إيران\". ولكن الذي حدث في الواقع، هو أن الشاه قد أطيح به على أيدي الراديكاليين الإسلاميين في فبراير من العام التالي (1979). ولم يجئ شهر نوفمبر من نفس العام حتى كان الراديكاليون قد استولوا على السفارة الأميركية في طهران، واحتفظوا بالعاملين فيها كرهائن حتى عام 1981. \r\n \r\n هنا نرى فشلا استخبارياً يماثل ذلك الذي وقع قبل الحادي عشر من سبتمبر 2001 تقريباً. وقد شرح \"جاري سيك\" المسؤول بهيئة مجلس الأمن القومي والذي كان يعمل بإيران عام 1979 هذا الفشل الاستخباري بقوله \"هذا الفشل لا يرجع إلى قلة الموارد، أو قصور في الملاحظة والرصد، أو في جمع البيانات والمعلومات بقدر ما يرجع إلى خلل وقصور في بنية المنظومة الاستخبارية ذاتها\". \r\n \r\n منذ ذلك الحين اكتسب الإصلاحيون الإيرانيون سلطة كافية مكنتهم من انتخاب رئيس للجمهورية. بيد أن هذا الرئيس ظل مع ذلك مقيداً بالقيود التي وضعها رجال الدين على تحركاته. من مصلحة الولاياتالمتحدة الأميركية أن يسود المعتدلون في المنطقة. وفرص حدوث ذلك في إيران هي أفضل من أي مكان آخر في الشرق الأوسط. فسيادة المعتدلين هناك ستعطي بوش ما كان يرغب في تحقيقه- ولم يتمكن ربما- في العراق وذلك بتكلفة أقل كثيراً. \r\n \r\n هناك خطوة أولى جيدة يمكن أن تقوم بها إدارة بوش في فترة ولايته الثانية، ألا وهي استعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران. فهذه الخطوة ستحقق ما هو أكثر من توفير قناة للاتصال، إنها ستؤسس لوجود أميركي يتضمن فيما يتضمن إقامة مؤسسات تجارية وثقافية. \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\"