\r\n لكن اتحاد الحريات المدنية الذي رفع قضية للحصول على وثائق التعذيب ونجح في الآونة الاخيرة في الإفراج عن عدد من تلك الوثائق، يشير بأصابع الاتهام إلى الرئيس بوش بأنه أصدر أمرا تنفيذيا أجاز فيه اللجوء إلى أساليب معينة غير انسانية في استجواب المعتقلين العراقيين. ومن أهم تلك الوثائق المفرج عنها، رسالة إلكترونية مؤلفة من صفحتين يقول اتحاد الحريات المدنية انها تذكر صراحة الأمر التنفييذي للرئيس بوش، الذي يسمح فيه باستخدام تقنيات الحرمان من النوم وإجهاد المعتقلين وتخويفهم بالكلاب البوليسية، إلى غير ذلك من الوسائل غير الإنسانية. \r\n وأرسلت الرسالة الإلكترونية المشار إليها في مايو (أيار) الماضي من ضابط في موقع الحدث في بغداد جرى حجب اسمه إلى مسؤوليه في مكتب المباحث الفيدرالي بواشنطن. وتقول الرسالة بوضوح، إن الوسائل المستخدمة تعدت الحدود المتعارف عليها في أوساط مكتب المباحث الفيدرالي ولكنها تتماشى مع الأمر التنفيذي. \r\n وكشفت الرسالة أن ضباط مكتب (اف. بي. آي) شاهدوا استخدام تلك الأساليب ضد المعتقلين العراقيين لكنهم لم يشاركوا فيها. \r\n وتأتي هذه الرسالة الإلكترونية ضمن عشرات الوثائق الأخرى التي أمر القضاء الأميركي بالإفراج عنها بعد طول تردد. ويقول أنثوني روميرو المدير التنفيذي لاتحاد الحريات المدنية إن الوثائق الجديدة تعني أن مسؤولين كباراً لن يكون بإمكانهم بعد الآن أن يتواروا من المسؤولية ومن تساؤلات الرأي العام بإلقاء اللائمة على جنود من ذوي الرتب الصغيرة. \r\n وفي إحدى الوثائق المؤرخة في 24 يونيو (حزيران) 2004 تحت عنوان «تقرير عاجل» موجه إلى روبرت مولر مدير مكتب المباحث. ويتضمن التقرير مشاهدات عن اساءة معاملة جسدية خطيرة لمعتقلين مدنيين عراقيين. \r\n وتتضمن الوقائع محاولات خنق وضرب ووضع أعقاب السجائر في فتحات آذان المعتقلين، واستخدام وسائل استجواب غير مصرح بها. وتشير الوثيقة إلى وجود محاولات للتغطية على أساليب التعذيب. \r\n ولم تقتصر الوثائق المفرج عنها على تعذيب المعتقلين العراقيين في سجن أبو غريب، بل أشارت في أجزاء كثيرة منها إلى ما يحدث في قاعدة غوانتانامو الأميركية بكوبا حيث قال محققو مكتب المباحث إنهم شاهدوا معتقلين معلقين بالسلاسل في أوضاع غير إنسانية لأكثر من 24 ساعة وتركوا يتبولون ويتبرزون على أنفسهم. وأشار أحد المحققين في احدى الوثائق الى ان معتقلاً معيناً شوهد وقد نتف أكثر من نصف شعر رأسه بشكل جنوني. \r\n ومن جانبها تحقق وزارة الدفاع (البنتاغون) في مزاعم اتحاد الحريات المدنية بأن المحققين العسكريين الاميركيين مارسوا التعذيب والاستجواب بأساليب لا إنسانية خصوصا في قاعدة غوانتانامو. وقال المتحدث باسم البنتاغون براين وايتمان إن ما وصفه عملاء مكتب المباحث الفيدرالي من وقائع لم تكن مدرجة في قائمة وزارة الدفاع التي تتعلق بالأساليب المسموح بها في الاستجواب والاعتقال. \r\n وكشفت الوثائق المتعلقة بمعاملة معتقلي غوانتانامو أن أحد المعتقلين شوهد جالسا على أرض غرفة الاستجواب وقد لف حوله العلم الإسرائيلي، كما فتحت أصوات الموسيقى بشكل مرتفع لدرجة لا تطاق، إضافة إلى مضايقته بالأضواء القوية. وأكد معتقل آخر، هو السوداني ابراهيم احمد محمود القوصي، المساعد المفترض لاسامة بن لادن، أن المحققين لفوا حوله العلم الإسرائيلي أثناء الاستجواب، لكن المتحدث باسم السلطات العسكرية الأميركية في القاعدة نفى حدوث ذلك. وزعم القوصي الذي كان من بين اول فوج بدئ بمحاكمته عسكرياً بتهم ارتكاب جرائم حرب، ان المحققين في غوانتانامو لفوا السجناء بعلم اسرائيلي واظهروا لهم صورا عارية وأرغموهم على الحضور بينما يكون آخرون يمارسون الجنس. وقد نفى المسؤولون العسكريون تلك المزاعم. \r\n وتحتوي الوثائق المفرج عنها أيضا على ما يمكن أن يكون أول رواية لشاهد عن استخدام الكلاب العسكرية لترويع السجناء خلال عمليات الاستجواب في غوانتانامو. ففي مذكرة بدون تاريخ ومنقحة الى حد كبير وتحمل صفة «سري»، اشار موظف في (اف. بي. آي) الى أن أعضاء في وحدة تحليل السلوك التابعة للوكالة قد شهدوا استخدام «الموسيقى الصاخبة والاضواء القوية والكلاب المزمجرة» خلال عمليات التحقيق التي أجراها المسؤولون العسكريون الأميركيون في سجن غوانتانامو. \r\n وأشار خبراء في الشأن الأميركي إلى أن صراعا مكبوتا بين الأجهزة الفيدرالية الأميركية بدأت أعراضه تظهر منذ تسرب صور التعذيب في سجن أبو غريب العراقي. \r\n وألمحت مصادر إعلامية أميركية إلى أن التنافس بين وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. ايه) ومكتب المباحث (اف. بي. آي) من جهة مع الأجهزة التابعة للبنتاغون من جهة أخرى، سهلت تسرب الكثير من أنباء الأخطاء المرتكبة حيث تحاول كل جهة تحميل الجهة الأخرى أكبر قدر من الأخطاء. \r\n \r\n * خدمة «واشنطن بوست» خاص ب «الشرق الأوسط»