وقال المسؤولون الذين طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم مراعاة لحساسية الموضوع إن الخطط المشار إليها إذا أقرت، فإنها قد تستهدف كذلك مواطني الدول المحايدة، وربما الحليفة للولايات المتحدة. \r\n وحذر منتقدو أسلوب التضليل الإعلامي من أن ذلك الاسلوب قد يقود إلى التشكيك في مصداقية البنتاغون، إلى درجة يرفض فيها متلقو الرسائل الإعلامية تصديق أي بيان صادر عن البنتاغون على غرار ما حدث أثناء حرب فيتنام. \r\n لكن المتحمسين للخطط البديلة يعربون عن إحباطهم بسبب «تمكن جماعات التمرد والإرهاب من تعميم الأكاذيب عبر القنوات الإعلامية في حين عجزت الولاياتالمتحدة عن الترويج لأفكارها وقيمها الديمقراطية». \r\n ويقول كبير الناطقين باسم البنتاغون لورانس دي ريتا: «إن المعركة القائمة لتغيير الوعي يستخدم فيها الخصم الإعلام بشكل واضح للتأثير في وعي الجماهير، ودورنا يجب ألا يقوم على تغيير الوعي، ولكن مواجهة ما يقوم به الخصم لتغيير الوعي العام». \r\n وتتضمن خطط الدعاية المطروحة للنقاش زرع قصص إخبارية في الصحافة الخارجية، واختلاق وثائق مزورة، إضافة إلى إنشاء مواقع باللغة العربية على شبكة الإنترنت من أجل تقويض تأثير المساجد والمدارس الدينية، التي تقدم مواعظ معادية للقيم الأميركية. \r\n وأشار مسؤولون اطلعوا على تلك الخطط إلى أنها تركز بشكل كبير على منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا، حيث توجد بلدان مثل باكستان ما زالت تعتبر المأوى الأول لعناصر «القاعدة»، ولكن حملات الدعاية يمكن أن تستهدف كذلك بلدانا حليفة، مثل ألمانيا على سبيل المثال التي توجد فيها مساجد أصبحت بوتقة للتشدد والعداء لأميركا. \r\n وكانت الولاياتالمتحدة قبل غزو العراق قد استهدفت عناصر معينة في نظام صدام حسين بتوجيه رسائل إلكترونية إلى عناوينهم وإجراء اتصالات متكررة إلى هواتفهم الجوالة، في إطار الحرب النفسية والسعي لاستقطابهم أو تحييدهم. وتجري حالياً دراسة القيام بجهد مماثل مع أعضاء في الدوائر الضيقة، المحيطة بقادة آخرين في دول ليست في حال حرب مع الولاياتالمتحدة. \r\n يشار إلى أنه أثناء الحرب الباردة اعتادت الأجهزة الأمنية الأميركية إدراج أسماء صحافيين في كشوفات الرواتب أو إرسال عناصر أمنية متخفية بأسماء صحافية، خصوصا في غرب أوروبا، وذلك لنشر مقالات مؤيدة لأميركا من أجل التأثير على سكان البلدان الأجنبية. ولكن مصادر البنتاغون استبعدت اللجوء إلى مثل هذا الأسلوب في الوقت الراهن. كما أن خطة للتضليل تبناها البيت الأبيض عام 1980 أثارت جدلا حينها واستهدفت زعزعة استقرار نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، ولم تنجح في إسقاطه. \r\n وبسبب السرية البالغة التي تحاط بها خطط البنتاغون الجديدة، فإنه لا يعرف ما إذا كانت هناك أنظمة مستهدفة حاليا أو مستقبلا بخطط مماثلة لزعزعة استقرارها. \r\n ولكن وفقا لما كشفه مسؤولو البنتاغون، فإن الجدل ما زال مستمرا حيال مقترح سري بتفعيل خطط سابقة، تسمح بشن حملات قوية ضد قادة الدول المعادية لأميركا، وتستثني القيادات الحليفة أو المحايدة. \r\n وفي داخل البنتاغون أيضا أعرب مسؤولون كبار عن قلقهم إزاء بعض الخطوات، التي اتخذت في العراق تم فيها تجاوز الخط الفاصل بين العلاقات العامة والمعلومات المتعلقة بالعمليات القتالية في ساحة المعركة. \r\n ونشأ نوع من التوتر هذا الصيف في العراق، بعد ان اتخذ الجنرال جورج كيسي، أكبر قائد عسكري في العراق، قراراً يقضي بدمج العمليات اليومية لمكتب العلاقات العامة مع عمليات الحرب النفسية والمعلوماتية في مكتب واحد أطلق عليه اسم «مكتب الاتصالات الاستراتيجية». \r\n وقد بعث الجنرال ريتشارد مايرز رئيس أركان القوات المشتركة مذكرة إلى قادته في العراق حذرهم فيها من خطورة الخلط بين المعلومات المخصصة للعلاقات العامة والمعلومات عن العمليات الميدانية. لكن مذكرة الجنرال مايرز لم يتم اتباع ما ورد فيها من قبل القادة الميدانيين في العراق، لأنهم يعتقدون أنهم يفصلون بأمان بين نوعين من العمليات، ولكنهم بحاجة إلى أقصى حد من المرونة لملاحقة فلول المتمردين. \r\n ويقول خبير عسكري في واشنطن ومسؤول في البنتاغون إن ضباط العلاقات العامة في مناطق الحرب، ربما يقومون تحت ضغط المعارك أو باختيارهم، بإصدار بيانات لوسائل الإعلام العالمية تتضمن شيئا من الحقيقة، ولكنها في الوقت ذاته تهدف بشكل واضح إلى إثارة استجابة المعسكر المعادي بالدرجة الأولى. \r\n ولا يوجد أي مسؤول عسكري أميركي يدافع عن فكرة التغيير في السياسات المعلوماتية العسكرية أكثر من الجنرال مارك كيمت، الذي عين ناطقا باسم القوات الأميركية في العراق عقب انتهاء العمليات العسكرية الرئيسية التي تحول الجيش الأميركي بعدها لمواجهة أعمال التمرد. \r\n وقد أثار عدد من ضباط العلاقات العامة مسألة أن الجنرال كيمت جرى تدريبه على العمليات القتالية ولا خبرة له في العلاقات العامة. \r\n لكن الجنرال كميت الذي يشغل حاليا نائب مدير خطط الجيش الأميركي في منطقة الشرق الأوسط يقول إن العمل في مجال الإعلام العسكري عمل شاق. ويشدد على أنه من واجب القوات الأميركية تقديم معلومات صحيحة للعالم. كما يتساءل كميت قائلا: «هل نحن نقدم وجهات نظر؟ نعم. هل يجب أن نقول الحقيقة كي نحافظ على صدقيتنا؟ نعم. هل هناك أي قيمة ميدانية من وراء تضليل العدو؟ نعم. هل نحن نتعمد تضليل الشعب الأميركي؟ الإجابة لا». ومن هنا كما يقول الجنرال كميت تنبع صعوبة العمل في إطار من المبادئ المتضاربة. ويضيف أن هناك منطقة رمادية يصبح فيها التضليل التكتيكي والعملياتي شائعاً وقانونياً على أرض المعركة و«لكن في بيئة الإعلام العالمي، فإننا نتساءل كيف يمكن أن نمنع التضليل من التسرب من أرض المعركة والتحول إلى عملية خداع للشعب الأميركي نفسه». \r\n ويقع جزء كبير من هذا العمل الذي يقوم به البنتاغون، تحت مجال غير معروف نسبياً ويدعى «الدعم العسكري للعلاقات الدبلوماسية». وتستخدم هذه العبارة الاخيرة لوصف جهود البنتاغون في الاتصال مع اطراف اجنبية. ويشرف على هذا النوع من العمل رايان هنري، مسؤول السياسات بمكتب دوغلاس فيث، وكيل وزارة الدفاع. \r\n ويقول هنري: «مع تقدم التكنولوجيا وطبيعة الحرب الكونية على الارهاب، فإن المعلومة أصبحت الى حد اكبر تعد جزءاً من نصر استراتيجي، والى حد ما نصرا تكتيكياً، مقارنة بما كانت عليه في الماضي». \r\n وأعرب مسؤولون في الإدارة الأميركية عن شعورهم بالإحباط، لأن الدولة التي تمكنت بنجاح من تسويق سياراتها ومنتجاتها حول العالم حتى في الدول المعادية للسياسات الأميركية، فشلت في الترويج لأفكارها وقيمها الديمقراطية، في وقت نجح فيه المتمردون في نشر الأكاذيب عبر وسائل الاتصال الجماهيري والقنوات واسعة الانتشار مثل قناة «الجزيرة»، حسب رأيه. \r\n \r\n * خدمة «نيويورك تايمز»