والعمل كذلك على تفكيك الميلشيات اللبنانية, وتجريدها من السلاح »والمقصود هنا هو حزب الله بالمقام الاول«, بالاضافة الى تجديد سيادة الدولة من جديد, على كامل التراب الوطني, وبسط سيطرة الجيش حتى خط الحدود مع اسرائيل, وهي مطالب كانت قد صيغت مؤخرا, من ضمن قرار مجلس الامن رقم ,1559 الذي حصل على اغلبية اصوات اعضاء المجلس التابع للامم المتحدة, ثم نال الاجماع فيما بعد, عبر وثيقة رئاسية دعت الى فرض آلية رقابة نصف سنوية, من خلال التقرير الذي من المنتظر ان يتقدم به السكرتير العام كوفي انان. \r\n \r\n رقابة قد تحولت في الحال لتصبح خانقة ومضجرة عبر تصريحات وتداخلات شبه يومية من قبل مسؤولين امريكيين وفرنسيين بالاضافة الى سفيريهما في عين المكان جاعلين القيادة السورية تقف وظهرها مستند الى الحائط, كونه قد بات معروفا في بيروت انه لا يمكن تحريك ورقة واحدة دون رغبة سوريا. \r\n \r\n ولكن كيف تم التوصل الى هذا الكشف عن الاوراق, الذي لم يكن يخطر على البال قبل شهرين? فنوايا الادارة الامريكية كانت معروفة حتى انه تم التصريح بها من قبل كولين باول نفسه, اثناء التقائه في العاصمة السورية الرئيس بشار الاسد, بعد انقضاء اسابيع قليلة على سقوط نظام صدام حسين, وبعد ذلك بقليل من خلال »قانون محاسبة سورية« الذي صوت عليه الكونغرس بالاجماع مما ادى بطريقة او باخرى على استباق المطالب الواردة في القرار 1559 هذا في الوقت الذي ما زالت فيه فرنسا تتخذ موقف المتفرج. \r\n \r\n وكانت الانتخابات الرئاسية هي التي ادت الى ان يطفح الكيل, عاملة على تدهور الوضع اثر صدور القرار السوري القاضي بتجديد ولاية الرئيس الحالي ايميل لحود, وجاء ذلك ضد رغبة غالبية اللبنانيين بما في ذلك الطبقة السياسية, ومن ضمنها حلفاء سورية انفسهم ولفعل ذلك كانت الشقيقة سورية قد لجأت الى استخدام القبضة القوية وممارسة الضغوط الشديدة وحتى التهديدات على الوزراء والنواب لهدف ارغامهم على التصويت لصالح التعديل الدستوري وتحديد ولاية لحود. \r\n \r\n كما كانت المعارضة المدعومة من قبل البطريارك الماروني, قد طالبت منذ عام مضى بوجوب احترام الدستور والعمل على ترتيب انتخابات حرة, وحدث فيما بعد ان اتخذت كل من واشنطن وباريس نفس الموقف, مطالبتان سورية بعدم التدخل في الانتخابات ثم انضمت اليهما كل من المانيا, انكلترا واسبانيا مرسلات عبر ذلك مؤشرا قويا جدا الى سورية, وتحولت مسألة الذراع الحديدي حينئذ الى سباق ما بين سورية والامم المتحدة, فقد كان قد جرى التصويت على القرار رقم 1559 قبل اربع وعشرين ساعة من انعقاد جلسة مجلس النواب اللبناني, التي خصصت لتعديل الدستور وبناء عليه فقد كانت تلك الخاصة بالانتخابات الحرة, ومن غير اية تدخلات, هي على اية حال, اولى النقاط الواردة في القرار المذكور وبهذا كانت خطوة مجلس النواب, قد مثلت بشكل عملي انتهاكا صريحا للقرار 1559 بحيث انتهى الامر بلبنان ليوضع تحت الرقابة المباشرة لمجلس الامن. \r\n \r\n ولكن, ما هو السبب المختفي خلف ما ارادته سورية, باي ثمن, من هذه الخطوة الزائفة الخاصة بالانتخابات? ففي خطاب رسمي القاه الاسبوع الماضي كان الرئيس الاسد قد اكد على ان الولاياتالمتحدةوفرنسا كانتا قد قررتا التصويت على القرار منذ زمن وان الانتخابات الرئاسية لم تكن سوى ذريعة وبانه لا يثق فعليا الا بالرئيس لحود, من اجل التصدي لهذا الفخ, ولم تتأخر المعارضة عندئذ بالرد على ذلك من خلال التساؤل: ولماذا وقعت بذلك الفخ? فمن خلال مرشح واحد للانتخابات وقريب من دمشق على وجه الخصوص كان الاسد راغبا برؤية البلاد باكملها متحدة وليست منقسمة على نفسها كما هو حاصل اليوم. \r\n \r\n وبمقتضى هذه الخلفية, كان قد تم العمل على تبديد الازمة, وخروج رئيس الحكومة رفيق الحريري من على مسرح الاحداث انه المليونير, رجل الاعمال الذي يحمل الجنسية السعودية, والذي لم يكن ابدا على وفاق مع لحود, قائد الجيش السابق, والمقرب من سورية الى اقصى حد. \r\n \r\n ويرتبط الحريري بعلاقة صداقة متينة مع جاك شيراك وعلاقات جيدة مع الامريكان, والالمان; وعواصم هامة اخرى, وبناء على ذلك فقد اصبح الحيز ضيقا الى ابعد حد, وبقيت المبادرة لغاية الان في يد سورية التي علمت على استدعاء عمر كرامي, كي يحتل موقعه ولكن الى متى يستمر ذلك? فقد اخذت المعارضة تطالب بحضور مراقبين دوليين من اجل الاشراف على سير الانتخابات السياسية التي من المقرر ان تجرى في الربيع المقبل, وقت ان يقوم كوفي انان بتقديم تقريره الثاني امام مجلس الامن الدولي. \r\n \r\n ومع ذلك, فان اللغز الذي يقف من خلف هذا السيناريو هو المتمثل في التصريف الحاسم الخاص بفرنسا, فبعد ابدائها معارضة شديدة للحرب ضد العراق, رافضة اي تعاون, ما الذي حدا بباريس لتكون على وفاق مع واشنطن? فبالاضافة الى الامال الخائبة تجاه دمشق, فان فرنسا وجدت نفسها, وقد اخذت تفقد نفوذها في المنطقة. \r\n \r\n ومع وجود رجال المارينز الذين يحتلون العراق, عاملين من خلال ذلك على وقوع كافة انحاء المنطقة بايدي الولاياتالمتحدة, فباتت راغبة بعدم فقدان لبنان »الفرانكوفوتي« كذلك, وعليه, فقد فضلت التوصل الى تسوية لاجل حماية حضورها في المنطقة, انطلاقا من »البوابة اللبنانية« وليس بامكانها تحقيق ذلك, دون محاولة وضع نهاية »لاحتلال بلاد الارز« وهو الشيء الذي تضغط الولاياتالمتحدة باتجاهه منذ زمن.0 \r\n \r\n عن: المانيفيستو الايطالية