\r\n ويشار في هذا الصدد إلى أن عدة دول وسط أوروبية، من التي انضمت إلى الولاياتالمتحدة في حربها ضد العراق، تقوم الآن بإعداد خطط للانسحاب من هذا البلد، كما يشار إلى أن بولندا التي قامت بإرسال رابع أكبر قوة من حيث الحجم إلى العراق، هي أول دولة تلمح إلى أنها لن تنتظر حتى انتهاء الفترة الانتقالية، وتعين حكومة عراقية جديدة كي تقوم بسحب قواتها من هناك. \r\n وفي الوقت الحالي تقوم \"أوكرانيا\" و\"مولدوفا\"، بالنظر في مسألة إجراء خفض في تكليفات قواتهما. ويحظى التصريح الذي أدلى به وزير الدفاع البولندي بأهمية خاصة، لأن الدول الشيوعية السابقة، كانت من أوائل الدول التي شاركت أميركا في حربها على العراق، ومن أكثر التزاما كذلك، كما أن تسعة من بين الدول التي انضمت إلى \"الناتو\" حديثا، لها قوات تخدم الآن في العراق. \r\n علاوة على ذلك فإن بولندا تتولى قيادة منطقة من المناطق العسكرية الأربعة في العراق، وتحتفظ فيها بقوات قوامها 2500 جندي. كما يشار هنا أيضا، إلى أن حكومات ليتوانيا، والمجر، وأوكرانيا التي ساهمت معا بقوات يبلغ عددها 2446 جندي، تواجه الآن احتمال التعرض إلى ردة فعل سياسية، خصوصا عند خطف مواطنيها في العراق واتخاذهم كرهائن، أو عند تعرض جنودها للقتل. \r\n \r\n وقد انضم قادة دول وسط أوروبا إلى الولاياتالمتحدة في العراق، على الرغم من التحفظات التي أبدتها شعوبهم على ذلك، وعلى الرغم من الضغوط المكثفة التي تعرضوا لها من قبل قادة أوروبيين معينين. بيد أن هناك شعورا بعدم اليقين يسود وسط أوروبا بأسرها، بشأن الأسباب التي دعت دولها إلى التورط في العراق. ففي بدايات هذا العام، وتحديدا في شهر مارس الماضي، أدلى الرئيس \"كيفاشنيفسكس\" بتعليق قال فيه: \"أنا بالطبع أشعر بعدم الراحة بسبب التضليل الذي تعرضنا له بشأن المعلومات المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل\". وفي استطلاع للرأي تم إجراؤه في شهر يونيو الماضي، تبين أن 61 في المئة من المجريين الذين شاركوا في الاستطلاع، يريدون إعادة القوة التي أرسلتها بلادهم إلى العراق وعددها 350 جندي إلى المجر، بدلا من تجديد مهمتها التي ستنتهي في نهاية هذا العام. \r\n \r\n ويذكر أن وزير الخارجية الأميركي \"كولن باول\" قام بزيارة إلى دول وسط وشرق أوروبا في شهر يوليو الماضي، في محاولة لحشد الدعم للتحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة. وقد ظهر \"باول\" على شاشة التلفزيون المجري، وأدلى بحديث حث فيه أعضاء التحالف على \"عدم التخاذل والشعور بالخوف\" بسبب عمليات الخطف التي تجري في العراق، أو بسبب نتائج استطلاعات الرأي التي تجري في بلادهم. \r\n \r\n ولكن الولاياتالمتحدة مطالبة- إذا ما أرادت إدامة مشاركة \"أوروبا الجديدة\" في التحالف الموجود في العراق- بالذهاب إلى ما هو وراء الكلمات، والعمل على اتخاذ خطوات لمعالجة الهموم الأساسية لحلفائها. أول هذه الخطوات هي تخفيف الإجراءات الصارمة المتبعة حاليا فيما يتعلق بمنح تأشيرات الدخول لأميركا لمواطني دول أوروبا الوسطى. فحتى اليوم، وعلى الرغم من أن دولهم قد حصلت على عضوية كل من الاتحاد الأوروبي وحلف \"الناتو\"، لا زال يتعين على المواطنين التشيك والسلوفاك، والمجريين دفع مئة دولار كرسم مقابل الحصول على طلب لتأشيرة الدخول بالإضافة إلى ضرورة قيامهم بإجراء مقابلة شخصية قبل أن يسمح لهم بالحصول على تلك التأشيرة. \r\n \r\n وخلال الزيارة التي قام بها إلى واشنطن في شهر أغسطس الماضي، قام الرئيس البولندي \"كيفاشنيفسكي\" بتوجيه سؤال علني ومباشر للرئيس الأميركي جورج بوش حول هذا الأمر. وتجاوبت الإدارة الأميركية مع الطلب البولندي، من خلال زيادة عدد الأفراد العاملين في السفارة الأميركية في \"وارسو\"، وعن طريق تأسيس برنامج يسمى برنامج \"الفرز المسبق\" للبولنديين المغادرين من العاصمة \"وارسو\" إلى أميركا. ولكن البولنديين غير مقتنعين بذلك ويرغبون أن يروا دولتهم وقد انضمت في نهاية المطاف لبرنامج \"الإعفاء من تأشيرة الدخول للولايات المتحدة\". \r\n \r\n ومما يحسب للسيناتور \"جيم كيري\" هو أنه قد أدلى بتصريح في شهر سبتمبر الماضي قال فيها أنه \"سيعمل عن قرب مع البولنديين وغيرهم من الدول الديمقراطية الحديثة في وسط وشرق أوروبا والتي انضمت لعضوية كل من الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، من أجل ضمهم إلى برنامج الإعفاء من تأشيرات الدخول\". \r\n \r\n نقطة الاختلاف الأخرى التي ظهرت بين الولاياتالمتحدة وأوروبا الوسطى تتعلق بالعقود التي تم إبرامها في مرحلة ما بعد الحرب في العراق. ففي حين حملت التقارير الخبرية أنباء حصول شركة \"هاليبيرتون\" وعدة شركات أميركية أخرى على عقود بمليارات الدولارات في العراق، فإن العقود التي منحت لشركات تابعة لدول وسط أوروبا تعد محدودة نسبيا. وعلى رغم أن السفارة الأميركية في \"وارسو\" قد قامت بتنظيم ورشة عمل في شهر سبتمبر الماضي لمساعدة الشركات البولندية على فهم لوائح وقوانين التعاقد العراقية، فإن هناك نوع من خيبة الأمل الواسعة النطاق في بولندا ناتجة عن الإحساس بأن حرص إدارة بوش وتشوقها لجر قدم بولندا في حرب العراق لم يكن مقرونا بمشاركة في العمل في مشروعات إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الحرب. \r\n \r\n إن التقدم في هذين المجالين على وجه التحديد وهما تخفيف إجراءات تأشيرات الدخول لمواطني وسط أوروبا الراغبين في زيارة الولاياتالمتحدة، وفتح عملية التعاقدات أمام حلفائنا، سوف يلعب دورا كبيرا في تعزيز التحالف عبر الأطلسي، ليس فقط فيما يتعلق بتحقيق أهدافنا في العراق، ولكن أيضا في المناطق الساخنة الأخرى في العالم. وإذا لم تتغير السياسات القائمة حاليا فإن التحالف القائم بين الولاياتالمتحدة ودول وسط أوروبا، يمكن أن يتحول إلى نموذج آخر من النماذج الدالة على الفشل الدبلوماسي لإدارة بوش. \r\n \r\n \r\n مارك برجينسكي \r\n \r\n عضو مجلس الأمن القومي الأميركي في إدارة الرئيس \"بيل كلينتون\". يعمل حالياً مستشارا غير متفرغ لحملة السيناتور \"جون كيري\" الانتخابية \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\"