\r\n\r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n من هذا المنظور يرى العديد من الرافضين والمنتقدين للسياسة وللتوجهات الاميركية الكيفية التي تتعامل معها ادارة المحافظين الجدد في واشنطن مع قوى العالم الاخرى في اوروبا, فيما ترى مجموعة بأن تأثير امريكا ضعيف واصبح اكثر ضعفاً الان بعد انضمام سبع دول جديدة الى عضوية هذا الحلف وبعد انضمام عشر دول اوروبية شرقية جديدة اخرى الى عضوية الاتحاد الاوروبي. واصبحت هذه الفئة ترى بأن الناتو لم يعد مجرد تجمع للقوى السياسية القديمة وامتداداً للحرب الباردة في اوروبا, وانما اتحاداً وتحالفاً قوياً من الناحية السياسية والعسكرية, تتمنى العديد من دول العالم الانضمام اليه. ولكون هذا الحلف قد شارك في العديد من الاحداث الدولية الهامة سواء في افريقيا او افغانستان وحتى منطقة الشرق الاوسط, فقد زالت عنه تلك الفكرة القائلة بأنه تحالف جغرافي لا يتعدى في تأثيره جانبي الاطلسي. \r\n وهناك مسألتان هامتان ينبغي الاشارة اليهما في هذا الصدد وهما اولاً نجاح حلف الناتو شبه الكامل في اعادة تنظيم الاوضاع في منطقة البلقان وفي افغانستان, وثانياً, فشل الولاياتالمتحدة في السيطرة على الاوضاع في العراق وحدها وبمعزل عن حلفائها ودون موافقة المجتمع الدولي على تلك السياسات احادية الجانب ودون التماس المساعدة من دول العالم الاخرى. وبطبيعة الحال فإن هاتين المسألتين قد اعطتا الادارة الامريكية الدرس الواجب فهمه في هذه المرحلة, وهو ان امريكا لم ولن تستطيع مواجهة اية ازمة دولية وحدها, والدليل على ذلك, يكمن في محاولتها توزيع اخفاقاتها العسكرية في العراق على جميع القوات من مختلف الجنسيات. وقد تكون هذه المسألة هي الدافع الاساسي للادارة الامريكية ولرئيسها بوش الذي وجد نفسه مضطراً للتنازل عن مواقفه السابقة والانصياع لمتطلبات وتداعيات واخطار حربه الفاشلة في العراق, وطلب الاستجداء من دول حلف الناتو للاضطلاع بدور اكبر في العراق, وكان من البديهي في ضوء النكسات الكثيرة والخطيرة التي منيت بها مشاريعه الحربية والاحتلالية في العراق, ان يطلب بوش العون من حلف الناتو باعتباره التجمع العسكري الوحيد والابرز الذي تملك واشنطن فيه حقاً بتقديم مثل هذا الطلب نظراً لمشاركة عدد لا بأس به من القوات في صفوف هذا الحلف. \r\n واذا كانت هذه هي حقيقة العلاقة بين الناتو والولاياتالمتحدة, فإن الامر يبدو مغايراً ومعكوساً تماماً بالنسبة لهذه العلاقة القائمة بين الحلف والاتحاد الاوروبي اللذين يبدوان اكثر تقارباً من حيث المبادىء والاهداف, حتى ان الحلف نفسه بدأ يرسخ نفوذه في دول الاتحاد الاوروبي ويقوي محاولة التلاحم بها ويحث الدول الاخرى على الانضمام اليه بطريقة ذكية وايجابية تعود بالنفع الكبير على اوروبا نفسها, وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن مسألة الانضمام الى الحلف تتطلب وجود حكومة مستقرة وقوية وديمقراطية واقتصاداً مزدهراً ومتأقلماً مع دول الاتحاد الاوروبي الاخرى من حيث مكافحة الفساد واحترام الاقليات وتسوية الصراعات والازمات مع الدول المجاورة بالوسائل السليمة, كل هذه الشروط وغيرها تجعل من الدول الراغبة والطامحة للانضمام الى عضوية حلف الناتو نموذجاً ايجابياً ومقبولاً للانضواء تحت المظلة الاوروبية. وبالمقابل فإن الدول الجديدة تكون قد اكتسبت ابعاداً سياسية جديدة اكثر قوة وفاعلية. وها هي روسيا على سبيل المثال قد اصبحت ترى, ولو بنوع من الحذر, جميع تحركات دول البلطيق التي يحمي سماءها سرب من طائرات »F.16« الامريكية المقاتلة التابعة لحلف الناتو الامر الذي دفعها الى اعادة حساباتها بشأن علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع دول الاتحاد الاوروبي بشكل عام ودول البلطيق على وجه الخصوص وفرض تحول جذري في لهجتها من لغة التهديد والوعيد الى لغة الحوار والتفاوض وبخاصة مع الدول الاوروبية الشرقية الصغيرة التي كانت منضوية تحت لواء الاتحاد السوفيتي السابق. وقد تكون بولندا التي انضمت للحلف عام 1999 مثالاً جيداً للتطور الحاصل في علاقات روسيا مع جيرانها. \r\n وتستطيع دول الاتحاد الاوروبي الان بعد ان اتسع نطاق عدد الدول المنضوين تحت لوائها من 15 الى 25 دولة بعد انضمام عشر دول الى عضويتها في مطلع هذا الشهر وبعد تحولها الى قوة سياسية واقتصادية مؤثرة ان تلعب دوراً بارزاً وجوهرياً, وليس مجرد دور التابع للولايات المتحدة, في ترتيب شؤون العالم. وباستطاعة اوروبا الان بعد ان تجدد شبابها ان تثبت لامريكا وللعالم بان الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي لن يكون مجرد اداة سياسية وعسكرية للدفاع عن اوروبا والعالم ووسيلة التدخل الامريكي الاحتياطية فقط, بل ان يكون لهما ايضاً دور سياسي وعسكري جوهري في الضغط على الادارة الامريكية وحثها على التخلي عن مبدأ قيادة العالم بقطب واحد.0 \r\n »دي فيلت« الالمانية