\r\n ولهذا يتبادر الى ذهن المرء ان الاجماع الدولي حول العراق من شأنه ان يعطي املا حقيقيا, ليس فقط لوضع العراق على المسار الصحيح, بل ايضا لرأب بعض الصدوع القائمة بين الولاياتالمتحدة وحلفائها الاوروبيين. فقد طالبت فرنساوالمانيا بدور بارز للامم المتحدة, وتحقق لهما ذلك. وطالبتا بنقل سريع للسلطة الى العراقيين, وحصلتا على هذا كذلك. ومع اخذ هذين البلدين لدورهما في تسيير التفاوض على القرار كما ارادتا, يكون قد ان الاوان لهما لان تعملا وتشاركا في بناء مستقبل سلمي ومستقر وديمقراطي للعراق. وبرغم كل شيء, فقد اصر الفرنسيون والالمان, وغيرهم من المسؤولين الاوروبيين, دائما على ان النجاح او الفشل للعراق, يشكل بالنسبة لهم مصلحة حيوية مثلما هو بالنسبة للولايات المتحدة. ومن الامور المفهومة تماما تمسكهم بالقول بانه اذا رغبت الولاياتالمتحدة في مساعدتهم, فعليها ان تفسح لهم المجال للمشاركة في صنع السياسة الخاصة بالعراق. \r\n \r\n ويبدو ان ادارة بوش قد اذعنت اليوم لمطالبهم, مع العلم انه ما زال يبدو على فرنساوالمانيا رفضهما الايفاء بغايتهما من الصفقة. وقد اعلن زعيما البلدين انهما لن يرسلا قوات لتقديم المساعدة في العراق تحت اية ظروف. بل ان ما يثير قلقا اكبر, التصريح الذي ادلى به الرئىس الفرنسي جاك شيراك في قمة الثماني, والمتعلق بمعارضته لاي دور للناتو في العراق, وبالرغم من ان قرار الاممالمتحدة, الذي ايدته فرنسا, يدعو صراحة الى »اسهام الدول الاعضاء والمنظمات العالمية والاقليمية, في تقديم المساعدة للقوات متعددة الجنسيات, بما فيها ارسال القوات العسكرية«. ان المواقف التي شددت عليها حكومتا فرنساوالمانيا تعتبر تخليا عن مسؤوليتهما الدولية. \r\n \r\n على ان الجميع يعلمون بان النجاح في العراق سيتطلب جهودا اعظم من المجتمع الدولي مما كان متوقعا لغاية الان. فعلى الاممالمتحدة القيام بعملية رئيسية. على ارض الواقع, ان كانت تريد مساعدة الحكومة العراقية, التي تمر في مرحلة انتقال سياسي صعبة, خلال الاشهر المقبلة. فالامن داخل العراق يجب ان يتحسن على نحو كبير كي تجرى الانتخابات في موعدها, وكي يبدأ الاقتصاد في النمو. ووضع برنامج للتدريب والتجهيز المكثف لقوات الامن العراقية, بما فيها رجال الشرطة والدفاع المدني والقوات المسلحة النظامية, سيمكن العراقيين من المحافظة على الامن في نهاية المطاف. والى ان يتحقق ذلك, ستقع هذه المهمة على كاهل القوات الدولية بصورة رئيسية فبفضل سوء التخطيط لدى البنتاغون, لم تتوافر ابدا قوات عسكرية كافية في العراق. وعلى المدى القصير, على الاقل, فان الامن الحقيقي بحاجة الى قوات اضافية, ويقتضي الحال ان يتوفر معظم هذه القوات من الولاياتالمتحدة. لذلك على اصدقاء امريكا وحلفائها ارسال المزيد من القوات, ايضا. \r\n \r\n وعلاوة على الحاجات الضرورية في العراق, هناك قضايا اخرى اوسع على المحك. ففي المقام الاول, هناك مسألة فيما اذا بقي اي معنى لمصطلح »التحالف«. ولعلنا نعترف بان الولاياتالمتحدة لم تكن الافضل بين الحلفاء طوال العامين الماضيين. وفاتتنا فرص للعمل بشكل اكبر مع الدول الاعضاء في الناتو. غير ان تفعيل دور التحالف عبر الاطلسي يتطلب دولا اكثر من الولاياتالمتحدة. فاذا رفضت بعض اقوى دول الناتو المشاركة في مهمات امنية حيوية, كتلك المهمة في العراق, فمن الصعب الاستغراب ان يبدأ الامريكيون وقادتهم باسقاط تلك الدول كشركاء استراتيجيين جادين. \r\n \r\n كما ان الامريكيين لا يعتقدون بأن البوسنة وكوسوفو يشكلان جزءا من همومهم. بل ان الكثير من اسباب شن الولاياتالمتحدة للحرب في البلقان خلال التسعينات, انما كان من اجل الحلف نفسه. \r\n \r\n ويقول بعض المسؤولين في الناتو, وكذلك بعض الدول الحليفة, انه بمشاركة الحلف فعلا في افغانستان, يكون الاضطلاع بهذا الدور في العراق كذلك اكبر من قدرة الناتو. لكن الحقيقة تقول, اذا لم يكن بمقدور الحلف القيام بمهمة كمهمة العراق, وحيث تقدم الولاياتالمتحدة 90 بالمئة من القوات, فلماذا يتوجب على الولاياتالمتحدة الاستمرار في اعطاء قيمة للحلف? قد تكون المانيا تأثرت سلبا, من حيث مشاركة قواتها العسكرية في افغانستان والبلقان, وهو تعليق مؤسف على دولة ذات قدرات عسكرية ومالية هائلة, لكن فرنسا بالتأكيد تملك قوات زائدة, هذا اذا رغبت الحكومة الفرنسية في تقديمها. \r\n \r\n والآن وحيث فتح مجلس الامن باب التدويل في العراق, فمن الحكمة ان يتقدم الاوروبيون على طول. وعلى قادة دول الحلف الذين التقوا في اسطنبول ان يوافقوا على القيام بمهمة التدريب والتجهيز الامنيين فورا, مع امكانية اضطلاع بلد مثل المانيا (المشاركة فعلا في تدريب بعض رجال الشرطة) بدور القيادة في هذا المجال. كما عليهم ان يتفقوا كذلك بأن يتولى الناتو قيادة القطاع الذي يشرف عليه البولنديون في جنوب العراق فورا, وان يبدأوا في التخطيط بأن تصبح القوات متعددة الجنسيات جميعها تحت قيادة الناتو في نهاية المطاف. \r\n \r\n اذا لم يشارك الناتو في توفير الامن في العراق, فذلك سيشكل ضربة قاتلة للعلاقات عبر الاطلسي. ويعتقد العديد من الاوروبيين ان مشكلتهم تكمن مع ادارة الرئيس بوش فقط. وهذا ما يعتبر حسابات خطيرة. وفي حالة فوز جون كيري في انتخابات الرئاسة في شهر تشرين الثاني المقبل, فان أول عمل سيقوم به هو طلب المساعدة من اوروبا في العراق. \r\n \r\n فهل يريد الاوروبيون حقا قطع علاقاتهم الاستراتيجية بالولاياتالمتحدة? ان كان الجواب لا, فعليهم ان يفهموا ان الكرة الآن في ملعبهم.0 \r\n \r\n * ايفودالور, زميل في معهد بروكينغز \r\n \r\n ** روبرت كاغان, عضو بارز في مؤسسة كارينج للسلام العالمي \r\n \r\n عن صحيفة »الواشنطن بوست« \r\n \r\n \r\n