\r\n ليس هناك من شك في أن هزيمة الأميركيين عسكريا في العراق- وهو ما سيتحقق عندما تضطر الولاياتالمتحدة إلى سحب قواتها نتيجة لعجزها عن قمع التمرد- سوف يؤجج نار الصراع في تلك الدولة، كما يمكن أن يعجل بنشوب حرب أهلية، بيد أن الاستمرار في الحرب يمكن أن يقدم نفس المردود أيضا. ليس هذا فحسب، بل أنه يمكن أن يترتب عليه زيادة الخسائر في صفوف القوات الأميركية، وإلى سقوط المزيد من الضحايا العراقيين الأبرياء، وإلى وقوع المزيد من الهجمات \"الإرهابية\"، واستمرار تدفق المقاتلين الإسلاميين من خارج العراق. \r\n \r\n وفي مثل هذه الظروف، فإن الانتخابات المقررة في شهر يناير المقبل قد لا يمكن إجراؤها، أو قد يمكن، ولكن لن يكون لها الشرعية الكافية بسبب استحالة التصويت في الكثير من المناطق السنية. \r\n \r\n وفي الحالتين، لن تكون هناك حكومة تفرض على العراقيين قدرا كافيا من الولاء لقادتها،أو القبول بقواتها. وهذا يعني أن الولاياتالمتحدة لن يكون أمامها بسبب تفاقم التمرد، وازدياد درجة الخطورة التي يتعرض لها العراقيون في حياتهم العادية، سوى تدويل الحرب عن طريق إقناع الأممالمتحدة، وكذلك إقناع المزيد من الدول بالانضمام للجهد الأميركي في العراق. \r\n \r\n العراق مستنقع. والجميع يعرفون ذلك، وليس هناك عاقل يمكن أن يغامر بالخوض في مياه ذلك المستنقع. وحتى البولنديين الذين توجه إليهم بوش بالتحية على صمودهم وثباتهم في العراق، أعلنوا أنهم سوف يخفضون من عدد قواتهم الموجودة هناك حاليا. وكيري يأمل في الحصول على المزيد من الشركاء، وعلى تدريب المزيد من الجنود العراقيين، بما يساعد على خفض عدد الجنود الأميركيين المتواجدين في العراق في بحر ستة شهور من الآن. \r\n \r\n ولكن قيام أميركا بفك اشتباكها بالشأن العراقي، ليس نصرا بأي حال من الأحوال لأنه لا يوجد هناك من هو قادر على ملء الفراغ العسكري الذي سوف يتركه رحيل قواتها عن البلاد. \r\n \r\n وهناك فقط خياران منطقيان في هذا الشأن في بلد يعج بالمتمردين ويبلغ عدد سكانه 25 مليون نسمه، انقلب معظمهم على الولاياتالمتحدة لأنها لم تحقق لهم السلام، كما لم تجلب لهم الرخاء الاقتصادي، ولكن المشكلة هي أن كلاهما غير جيد. \r\n \r\n الخيار الأول هو - كما اقترح كيري- الإقرار بأن غزو العراق لم يكن له داع في الأساس، ومن ثم الانسحاب منه بصرف النظر عن عقد الانتخابات، أو عن تكوين جيش عراقي قوي. صحيح أن تحديد موعد لانسحاب قواتنا سوف يرفع من الروح المعنوية للمتمردين، كما يمكن أن يؤدي إلى حرب أهلية تنتهي بتجزئة العراق وتشظيته. ولكن هذا الحل يمكن أيضا أن يجبر العراقيين على الخروج بحل وطني ملائم، كما يمكنه أيضا أن يشكل ضغطا على الدول العربية التي يمكن أن تتعرض جراء حالة الفوضى العارمة في العراق إلى خسائر أكثر مما يمكن أن يتعرض له الأميركيون. \r\n \r\n وعلى رغم أن هذا الحل لن يكون مستساغا على الإطلاق بالنسبة لبوش إلا أن السؤال: أليس هذا الحل أفضل من استمرار الحرب بلا نهاية في العراق. \r\n \r\n الخيار الثاني، هو مواصلة القتال في العراق على أمل تحقيق قدر كاف من الاستقرار في النهاية، يسمح بإجراء الانتخابات التي سيتمخض عنها حكومة عراقية، تتمتع بالشرعية الكافية والقبول من قبل السنة والشيعة والأكراد والمجموعات الأخرى، والانتهاء من تكوين جيش عراقي مدرب يمتلك العدد والعتاد الكافي الذي يتيح له هزيمة المتمردين، الذين لن يقوموا بإلقاء السلاح من أيديهم، أو يتوقفوا عن تفجير القنابل بصرف النظر عن النتيجة التي ستسفر عنها الانتخابات. \r\n \r\n وهذا الخيار، وعلى النقيض من الخيار الأول، يتطلب البقاء في العراق لفترة لا تقل عن ستة شهور مع كل ما يعنيه ذلك. ولكنه في نفس الوقت لن يتطلب استراتيجية للخروج- وهي العبارة التي تحولت إلى \"أكليشيه\" من كثرة الحديث عنها- كما أنه لن يعتمد على الحلم المستحيل الخاص بالحصول على الدعم الدولي، بل وسيتيح أيضا إمكانية تحديد جدول زمني للانسحاب. \r\n \r\n نحن الآن في وضع لا يسمح لنا بالبحث عن أفضل الخيارات، وإنما البحث عن أقل الخيارات سوءا. \r\n \r\n إن المخاطر التي ستترتب على رحيل القوات الأميركية من العراق حقيقية، ويمكن للأوضاع أن تسوء إذا ما قمنا بذلك. مع ذلك فنحن لسنا متأكدين بقدر كاف من أن تلك الأوضاع لن تسوء مع استمرارنا في البقاء هناك. \r\n \r\n في نفس الوقت علينا ألا ننسى أن وعدا قد قدم لنا بأن أميركا سوف تقوم بخلق عراق سيبذر بذور الديمقراطية في الشرق الأوسط من خلال قوة المثال، أو من خلال التحول إلى مثال يحتذى، أو ننسى أن القاطن الجديد المحتمل للبيت الأبيض، سوف يقوم بتجميع تحالف دولي حقيقي، يعمل على تخفيف أعبائنا، ويتوقف عن القول بأن كسب الحرب أمر حتمي. \r\n \r\n فذلك كله يتناقض مع ما يحدث في أرض الواقع، وهي حقيقة سوف يتمكن الشعب الأميركي من إدراكها إن آجلا أو عاجلا. أما الشعب العراقي فإن الجانب الأكبر منه قد أدرك ذلك بالفعل. \r\n \r\n \r\n راجان مينون \r\n \r\n زميل مؤسسة أميركا الجديدة، وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة \"ليهاي\" الأميركية \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\"