\r\n قول احمد وهو رجل أعمال ثري في منتصف الثلاثينيات من العمر: «الآن وبعد ان عدت يمكنني ادراك ان خطة السيطرة علينا كانت موجودة هناك طوال الوقت، ولكنني لم أكن أراها من قبل فالولاياتالمتحدة قد دعمت شاه ايران ثم اسقطته، وفعلت الشيء نفسه مع صدام والآن هم يقولون انهم يعملون على ارساء دعائم الديمقراطية في العراق، غير ان الوضع لا يسير الا الى الأسوأ، انهم يحركون العرب كما لو انهم قطع على رقعة ألعاب». \r\n \r\n وأحمد ليس الوحيد الذي يرى أميركا الآن بهذه الصورة فقد اوضح استطلاع للرأي اجرته مؤسسة زوغبي انترناشونال في ست دول عربية ان مشاعر الاحترام المحدودة بالفعل التي يكنها البعض لأميركا في العالم العربي قد تقلصت بشكل كبير منذ غزو العراق ووجد الاستطلاع ان 76% من المصريين منذ سنتين فقط كان لديهم انطباع غير جيد عن الولاياتالمتحدة اما الآن فإن تلك النسبة ارتفعت الى 98%. \r\n \r\n وهناك اتجاهات مشابهة في جميع ارجاء المنطقة وهو ما دفع المحللين الى القول ان تدني شعبية اميركا في المنطقة يقلص بشدة من القدرة الأميركية على تحقيق اهدافها هنا وحتى على الرغم من ان الحكومات في المنطقة بشكل عام ليست ديمقراطية فإن تلك الحكومات لا تزال تضع في اعتبارها الرأي العام عندما تصيغ سياساتها تجاه الولاياتالمتحدة وتعد السياسة الاميركية تجاه الفلسطينيين وغزو العراق اكثر مما يتسبب في احباط الشعوب حيال الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n ويمتد هذا التدني الشديد في الشعبية الاميركية الى ما هو ابعد من اكبر بلدان العالم العربي ليشمل البلدان الاخرى الحليفة للولايات المتحدة. ففي الاردن، ذلك البلد الذي يتلقى مساعدات كبيرة من الولاياتالمتحدة، ارتفع مستوى رفض الشعب للسياسات الاميركية من 61% الى 78% وفي السعودية ارتفع المعدل نفسه من 87% الى 94%. \r\n \r\n يقول محمد وهو شاب في السادسة والعشرين من عمره يعمل مصمماً في الاردن طلب عدم ذكر اسمه الكامل: «إنهم يقولون (ديمقراطية) ويدعمون الدكتاتوريين انظر ماذا يحدث في العراق؟ فالولاياتالمتحدة كانت تقتل أبناء الشيعة الذين قالت انها قادمة لتحريرهم. \r\n \r\n وقد اعترف المسئولون الاميركيون ان مشروع بوش بشأن الشرق الاوسط سوف يكون له تأثيره السلبي على الدعم الشعبي للولايات المتحدة على المدى القصير، لا سيما بعد غزو العراق ولكن جميع اعضاء الادارة ابتداء من الرئيس بوش الى من هم دونه، اعربوا عن ثقتهم في ان تحسن الوضع في العراق سوف يضمن على مهل لكن بشكل مؤكد تحولاً في المواقف لصالح اميركا. \r\n \r\n وسوف يدفع الدول العربية الى المضي قدماً على طريق الاصلاح السياسي، ويرى هؤلاء المسئولون ان الحب والكره هما امران أقل أهمية بكثير من تحقيق الاهداف.غير ان عدداً كبيراً من المحللين الآن يتساءلون عما اذا كانت الاهداف الاميركية في المنطقة سواء تلك المتعلقة بنشر الديمقراطية او الخاصة بتحقيق سلام بين العرب وحليفة اميركا الرئيسية اسرائيل يمكن تحقيقها في الوقت الذي تتهاوى فيه اسهم اميركا بهذا الشكل في المنطقة. \r\n \r\n يقول ديفيد ماك، نائب رئيس معهد الشرق الاوسط في واشنطن: «باعتباري دبلوماسياً اميركياً سابقاً، فإن بوسعي التأكيد على انه من الافضل كثيراً التعامل مع القادة العرب عندما تكون الولاياتالمتحدة متمتعة باحترام فوق المتوسط من قبل الشعب العربي. \r\n \r\n فنحن غالباً ما نطلب من الحكومات ان تأخذ خطوات عملية وهو الامر الذي يحدث غالباً من دون الاعلان عنه ولكن مع وجود مخاطرة دائمة تتمثل في امكانية افتضاح الامر من شأنها ألا تنال رضا الجماعات ذات المصالح الخاصة او رضا الشعب نفسه. وحتى اكثر الانظمة القمعية في العالم تظهر اهتماماً لهذا الجانب. \r\n \r\n ولقد تمتعت الولاياتالمتحدة بمساعدة اكبر من الحكومات العربية اثناء حرب الخليج الأولى، وهو الامر الذي رجع في جانب منه الى ان صدام حسين كان ينظر اليه وقتها على انه معتد، ولكن في الوقت نفسه كانت هذه المساعدة راجعة الى ان وضع الولاياتالمتحدة في المنطقة كان افضل من الان.وبينما هو جالس يحتسي الشاي في احد المقاهي الفاخرة في وسط مدينة القاهرة، يبدو احمد ابراهيم مثالاً لمن يمكن ان تستهدفهم الخطط الأميركية لتحقيق ما تريد من تحول ديمقراطي في المنطقة. \r\n \r\n وفي الوقت الذي يتوقع ان يندد فيه القادة الدينيون، مثل مفتي سوريا، او ألوف المتظاهرين في دول عربية عديدة بالهجوم الاميركي الاخير على النجف ومن ثم سامراء، فإن فقدان احترام اناس مثل احمد ابراهيم يمكن ان يمثل ضرراً اكبر بالمصالح الاميركية على المدى البعيد. \r\n \r\n ومن واقع انتمائه الى الطبقة المتوسطة المحدودة حالياً في مصر، فإن احمد ابراهيم ليس معرضاً للاحباطات والاساءات التي تتسبب في استسلام الفقراء العرب الى اغواءات المفاهيم والايديولوجيات المتشددة ولكن في الوقت الذي يقول انه يود ان تتغير حكومته، فإنه متشكك في الادعاءات الاميركية التي تفيد بأن الاميركيين يبحثون عن تحقيق اهداف التغيير ذاتها في مصر. \r\n \r\n ويرى احمد ان هدف اميركا في العراق متمحور حول ضمان الحصول على النفط وتأكيد هيمنتها وتفوقها العسكري. وفي بلده مصر، يرى احمد ان النظام تدعمه المساعدات الاميركية الكبيرة المقدمة له. فمنذ 1979 تلقت مصر حوالي 1. 2 مليار دولار في العام في صورة مساعدات عسكرية واقتصادية اميركية. \r\n \r\n وخلال تلك الفترة، تقلص عدد اعضاء المعارضة في البرلمان، ومر الاقتصاد بحالة ركود مستمرة حتى الآن. وتشكو جماعات حقوق الانسان من ان الحكومة تلجأ الى اساليب شتى لاسكات المعارضين. يقول احمد ابراهيم: «الاموال الاميركية لا تعمل على تغيير مصر، انها تبقي الوضع على ما هو عليه. وهذا ليس من قبيل الصدفة». \r\n \r\n يقول ديفيد ماك، الذي عمل في السابق نائب مساعد وزير الخارجية الاميركية لشئون الشرق الأدنى، ان قرار ادارة بوش المبكر الخاص بالانسحاب من ممارسة دور الوسيط بين الفلسطينيين والاسرائيليين قد كلف اميركا فقدان جانب كبير من ثقلها في المنطقة. \r\n \r\n ويضيف ماك: «هذا لا يعني ان الولاياتالمتحدة يجب ان تنال حب كل من اسرائيل والعرب، او تتعامل معها بشكل متعادل، ولكن يعني ان اميركا يجب ان يعرف عنها قيامها بمحاولة حل المشكلات المتعثرة منذ زمن طويل من دون ان يكون ذلك نابعاً من دوافع ضيقة الأفق او الرؤية.. ففي الماضي كانت محاولات اميركا غالباً ما تنال التقدير. \r\n \r\n ويقول المحللون ان انخفاض شعبية اميركا يعود الى عدد من العوامل، تبدأ من كونها هدفاً آمناً لتفريغ الاحباطات التي يشعر بها العرب من جراء ما يواجهونه على ايدي حكوماتهم، وانتهاءً بتزايد العنف في اسرائيل، تلك الدولة التي تأتي قبل مصر على رأس قائمة الدول المتلقية لمساعدات اميركية. \r\n \r\n غير ان استطلاع الرأي الذي قامت به مؤسسة الزوغبي يشير الى ان السياسات الاميركية الاخيرة هي السبب الاكبر وراء التدني الذي تعاني منه الشعبية الاميركية. وفي جانب منه يعود هذا الامر الى ارتفاع عدد محطات الاخبار الفضائية العربية التي تبث صورة للعمليات العسكرية الاسرائيلية والاميركية ضد ملايين المنازل العربية. \r\n \r\n وبينما يتحدث معظم العرب بشيء من الاعجاب عن الانظمة الديمقراطية والتعليمية من اميركا، فإنهم بالفعل متحدون في ادانتهم للغزو الاميركي للعراق.فاستطلاع الرأي الذي قامت به مؤسسة الزوغبي وجد ان اقل من 4% من العرب يؤيدون الحرب. \r\n \r\n