في عيون العرب والمسلمين فإن الحرب ضد القوات الأميركية في العراق والحرب ضد القوات الاسرائيلية في فلسطين ينظر اليهما بصورة متزايدة كحرب واحدة وأرض معركة واحدة‚ \r\n \r\n وفي غياب أي مستقبل للسلام في أي من المعركتين فإن هناك هيكليات قيادية تتشكل مما يعني ان النضال بدأ يدخل مرحلة جديدة أكثر خطورة وأكثر تدميرا‚ \r\n \r\n المصادر الاستخبارية الغربية تتحدث عن بدء ظهور قيادة عليا تتألف من حزب الله وحماس والاخوان المسلمين (ممثلين في الأراضي المحتلة بالجهاد الاسلامي) وأخيرا وليس آخرا جمهورية ايران الاسلامية‚ ان الملامح الصاعقة لهذا التحالف هي انه يزيل الانقسام السني الشيعي ويوحد القوميين العرب والاسلاميين في قضية مشتركة‚ وكما ذكر احد أعضاء هذه الجماعات «اليوم لا يوجد فرق بين المقاومة والجهاد»‚ وهناك عوامل عديدة وراء التصميم النضالي الجديد‚ \r\n \r\n أولا: الدعم الأميركي لرئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون لتوسيع المستوطنات واقامة جدار الفصل والحرب الشاملة ضد الفلسطينيين أبعدت أي احتمال مستقبلي لتسوية سلمية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي‚ كذلك يبدو الاجماع الدولي على «حل الدولتين» غير جدي بصورة متزايدة‚ \r\n \r\n نتيجة لذلك التزم المعتدلون الفلسطينيون الصمت في الوقت الذي قاربت السلطة الفلسطينية على الانهيار تحت الضربات الاسرائيلية وفي الوقت الذي يتزايد الاحباط الشعبي الفلسطيني تحت الحصار الخانق‚ \r\n \r\n المبادرة التي ارسلت الى مناضلين مفادها انه ليس هناك اي بدائل سوى النضال المسلح‚ \r\n \r\n ثانيا: ان المحاولات الأميركية في العراق لتحطيم المقاومة بالقوة (هناك تقارير صحفية تتحدث عن قيام الولاياتالمتحدة بالتخطيط لشن حملة عسكرية شاملة قبل نهاية العام (لتنظيف) الفلوجة ومراكز المقاومة الأخرى استعدادا للانتخابات المزمع تنظيمها في يناير) أدت لحشد القوى المعادية للأميركيين في أماكن كثيرة في العالم‚ \r\n \r\n وبالنسبة للمناضلين العرب والمسلمين أصبح العراق قضية قتالية وقضية حاشدة على نفس القدر من الحدة التي تتميز بها القضية الفلسطينية‚ \r\n \r\n ثالثا: أدت التهديدات الأميركية والاسرائيلية التي تكررت لضرب ايران من أجل تدمير برنامجها النووي التسليحي المزعوم الى تصليب المزاج العام في ذلك البلد وفي المنطقة ايضا‚ فالظروف الحالية ربما تشجع المتشددين في النظام الايراني على التحرك وعدم انتظار الضربة الموعودة في العراق وفلسطين ولبنان من أجل كبح جماح الطموحات الاسرائيلية والأميركية‚ \r\n \r\n ان حركات مثل حزب الله وحماس ترددت كثيرا في العمل خارج نطاق ميدان المعركة الخاصة بهما في لبنان وفلسطين حيث كانتا تأملان في ان يتم التعامل مع تظلماتهما‚ \r\n \r\n لقد سعتا لنوع من التواصل مع الولاياتالمتحدة ولا تزالان تأملان في حدوث تغيير في السياسة الأميركية‚ \r\n \r\n ولكن الاصرار الأميركي والاسرائيلي على دمغ واستنكار هاتين المنظمتين وتصويرهما على انهما خارجتان عن القانون أدى الى تزايد شعبيتهما وشرعيتهما وبالتالي فإن هذا يشجعهما على مد نشاطهما الى مناطق جديدة خارج ميادين المعركة الاصلية‚ \r\n \r\n النقاش حول الحكمة من شن العمليات الفدائية يدور منذ أشهر في الدوائر الفلسطينية‚ المعتدلون يقولون ان هذه التفجيرات تصب في صالح شارون وتساهم في ابقائه في السلطة وتوفر له الذريعة التي يحتاجها ليس لتدمير السلطة الفلسطينية فقط بل والمجتمع الفلسطيني نفسه‚ \r\n \r\n لقد سمحت التفجيرات لشارون بربط النضال الفلسطيني بالارهاب العالمي وأعطت الشرعية ل «جدار الفصل» سيىء الصيت‚ اضافة الى ذلك أدت الى صدم السكان الاسرائيليين ودحر معسكر السلام وأخرست أي معارضة جدية لقمع شارون الوحشي‚ \r\n \r\n ويجادل المعتدلون ايضا بانه لو تخلى الفلسطينيون عن العمليات الفدائية واخذوا بسياسة المقاومة البعيدة عن العنف لتمكنوا من كسب الرأي العام العالمي الى جانب قضيتهم العادلة وايقظوا العالم من سباته العميق بما في ذلك ضمير الكثير من الاسرائيليين‚ وبهذه الطريقة فإنهم سيساعدون الاسرة الدولية في اقناع اسرائيل بالعودة للقانون الدولي ولمفاوضات السلام والابتعاد عن الاستخدام الأعمى للقوة‚ \r\n \r\n في الأجواء السائدة اليوم فإن مثل هذه الأدلة لا تقدم ولا تؤخر‚ وعلى العكس فإن المناضلين يقولون ان العمليات الفدائية قد صفعت اسرائيل بقوة وأدت الى حدوث تراجع في الاستثمار وارتفاع نسبة البطالة والجريمة واصابة السياحة في مقتل ودفعت الكثير من الشباب اليهود للمغادرة‚ ويضيف هؤلاء قائلين ان اسرائيل تعيش اليوم في عزلة أكثر من أي وقت مضى وما كان لها ان تنجو لولا الدعم الأميركي‚ \r\n \r\n وما دام تحقق هذا النجاح مع الاسرائيليين فإنه يجب ان تضرب الأهداف الأميركية والاسرائيلية وبصورة أشد من السابق بحيث تضطر الولاياتالمتحدة لدفع ثمن غال لسياستها الأحادية الجانب في الوقوف مع اسرائيل ظالمة او مظلومة مما سيدفعها في النهاية لاقناع اسرائيل بالعودة الى جادة العقل والصواب‚ وهذا هو التيار السائد في المنطقة في هذه الأيام‚ \r\n \r\n ان هذا النقاش الدائر في العالم العربي والاسلامي يوازيه وجود مناقشة لا تزال صامتة نسبيا داخل الولاياتالمتحدة‚ فالمعارضة العلنية بدأت تظهر على السطح في مواقع كثيرة على شبكة الانترنت تساهم فيها شخصيات معروفة ومعها التيار الصحفي الرئيسي ضد المحافظين الجدد و«القيادة المدنية» للبنتاغون الذين يحملون مسؤولية الورطة الأميركية في العراق كما يحملون أيضا مسؤولية انبعاث مشاعر الكراهية لأميركا في العالم العربي والاسلامي‚ \r\n \r\n وتصاعد الخسائر البشرية وتزايد التكاليف المالية للحرب اضافة الى الخوف من شن هجمات ارهابية جديدة ضد بلادهم دفع الكثير من الأميركيين لتوجيه الانتقادات ضد ما يرونه تبعات وتداعيات سيطرة الجناح اليميني واصدقاء اسرائيل على السياسة الخارجية والأمنية لأميركا‚ \r\n \r\n ووجهات النظر هذه ستسمع وبصوت أعلى في اوساط الأعضاء التقليديين في مؤسسة السياسة الخارجية وفي اوساط كبار الضباط‚ \r\n \r\n الآن بدأت الانظار تتركز على التهديد الجديد الذي يشكله المحافظون الجدد‚ وهناك اسئلة تطرح حول أسباب الفشل في عدم وقف صعود هؤلاء وتسللهم الى مؤسسات الدولة خلال العقد الماضي‚ \r\n \r\n قبل اسبوعين نشر اعلان على صفحة كاملة في صحيفة «نيويورك تايمز» لمجموعة مجهولة سمت نفسها «الاحترام الأميركي‚ كوم» وقد استنكرت هذه الجماعة «سوء الفهم الأميركي العميق» لأسباب الارهاب والحرب الخاطئة ضد العراق‚ وقالت الجماعة في اعلانها المنشور «ان الارهابيين لم يخلقوا شريرين بالفطرة‚ انهم مليئون بالعواطف والاحساس بالظلم الواقع بهم‚ ان المسلمين ينظرون للسياسة الخارجية الأميركية والمساعدات السخية التي تقدم لاسرائيل والانحياز الأميركي السافر لها على انه تهديد للاسلام»‚ \r\n \r\n هذه الإعلانات العامة ليست سوى رأس جبل الجليد الظاهر للعيان‚ والخافي أعظم من ذلك بكثير‚ \r\n \r\n ان التذمر وعدم الرضا تجاه سياسات إدارة بوش ليس بالشيء المحدود بل هو واسع الانتشار ولكنه قد يكون حتى الآن غير قوي وغير منظم بما يكفي لوضع المرشح «الديمقراطي» جون كيري في البيت الأبيض‚ ولسنا بحاجة للقول ان المحافظين الجدد أبعد ما يكونون عن الاستسلام‚ فهم يحتفظون باليد العليا في اجزاء كثيرة من إدارة بوش‚ وإذا ما اعيد انتخاب الرئيس بوش لفترة رئاسية ثانية فإنهم سيحاربون من أجل الاحتفاظ بمناصبهم ونفوذهم ليس في الحكومة فقط بل في الكثير من المنظمات والجمعيات الخاصة والعامة‚ \r\n \r\n ان المعركة خلال الأشهر القليلة القادمة بين الولاياتالمتحدة واسرائيل من جهة والاسلاميين والقوميين من جهة أخرى ستتصاعد على الأغلب وستكون بالتأكيد حامية الوطيس‚ \r\n