كون حياتهم مهددة بالتفجيرات الانتحارية‚ وسائل الإعلام الاسرائيلية ستجن والكنيست سيعقد جلسة طارئة وسيصدر بالتأكيد بيانا شديد اللهجة يستنكر فيه الدعوات المعادية للسامية التي يطلقها كل من بوتين وشيراك وسيتبارى السياسيون في اصدار بيانات الشجب والإدانة فيما بينهم لتدخل جهات أجنبية في الشأن الداخلي الاسرائيلي وربما ستأمر وزارة الخارجية الاسرائيلية سفيريها في كل من موسكو وباريس بالعودة الى القدس «للتشاور»‚ \r\n \r\n ما حدث على ارض الواقع هو العكس حيث دعا رئيس الوزراء الاسرائيلي اليهود الفرنسيين للهجرة الى اسرائيل في اسرع وقت ممكن‚ بسبب ما يراه من تنامي المشاعر المعادية للسامية في فرنسا‚ الحكومة ووسائل الإعلام الفرنسية تصرفت بالضبط تماما كما كان سيتصرف الاسرائيليون لو أن ما حدث هو العكس‚ فمن كل مائة فرنسي أو فرنسية يوجد هناك يهودي‚ \r\n \r\n ووصف متحدث فرنسي مسؤول ما حصل بانه «سوء تفاهم يؤسف له» وهو تعبير دبلوماسي يعني «اخرس يا ابن الكلب»‚ \r\n \r\n المعلقون في جميع أنحاء العالم حاولوا تخمين الدافع الخفي الذي يقف خلف تصريحات شارون‚ فهل كان الهدف من ذلك اصدار تحذير لفرنسا لعدم التصويت لصالح القرار الذي اصدرته محكمة العدل الدولية‚ والذي ناقشته وصوتت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ فرنسا صوتت لصالح القرار وشجعت الدول الأوروبية الأخرى لفعل نفس الشيء‚ هل كان شارون يقدم معروفا للرئيس الأميركي جورج بوش الذي لا يحب شيراك؟ \r\n \r\n ان الحقيقة أبسط من ذلك بكثير‚ فمن المستحيل معرفة نوايا شارون لأنه لا يملك أيا منها‚ لأن تصريحاته كانت مرتجلة أمام جمهور لم يعرف ما الذي كان سيقوله شارون‚ فكل ما أراده رئيس وزراء اسرائيل هو قول شيء ما أمام كاميرات التليفزيون لعدة ثوان‚ ولقد حصل على ما أراد‚ الكل خرج راضيا: محطات التلفزة ورئيس الوزراء والجمهور والرأي العام‚ الجميع كان راضيا باستثناء فرنسا‚ \r\n \r\n بالنسبة للأذن الاسرائيلية ما سمعته لم يكن مهما كونه بيانا روتينيا‚ ولا يضيع القادة الاسرائيليون أي فرصة لدعوة الطوائف اليهودية في جميع أنحاء العالم لترك كل شيء والهجرة الى اسرائيل‚ فأينما يوجد هناك أثر ولو ضئيل على وجود تحرك معاد للسامية فإن ما حصل سيكون هو رد الفعل الأوتوماتيكي‚ وإذا ما كان يوجد هناك سوء فهم فإن مثل هذا السوء للفهم هو شيء مشترك ومتبادل ويمكن تسميته ب «صراع الحضارات» حيث يقف فيه الفرنسيون والأوروبيون مقابل الاسرائيليين الصهاينة‚ \r\n \r\n بالنسبة لوجهة النظر الفرنسية فإن اليهود الفرنسيين هم مواطنون فرنسيون كون الجمهورية الحالية لا تقوم على الدين او العرق‚ وكما يراها الفرنسيون فإن كل مواطن فرنسي هو شريك في الجمهورية والثقافة الفرنسية سواء كان مسيحيا أو يهوديا أو «كورسيكيا» أو من شمال افريقيا‚ ويأتي بعدها رئيس وزراء اجنبي يهاجم أسس الجمهورية وينشر الفوضى والاضطراب وسط مواطنيها من وجهة النظر الاسرائيلية يبدو الأمر مختلفا‚ فالمبدأ الرسمي في اسرائيل هو ان اسرائيل هي دولة للشعب اليهودي تتشكل من جميع يهود العالم اينما كانوا سواء في بروكلين او برشلونة او براتسلافا او ليون‚ \r\n \r\n كل طفل في اسرائيل يتعلم ان جميع اليهود في جميع أنحاء العالم سيحضرون للعيش في اسرائيل عاجلا أم آجلا لانه لا يوجد أمامهم أي خيار كون الغوييم (غير اليهود) يكرهون اليهود‚ وان المعادين للسامية سيستولون على الحكم في جميع الدول ولكن في الوقت المناسب‚ \r\n \r\n وقد أقيمت اسرائيل من أجل ان توفر لليهود الملاذ الآمن الذي يحتضنهم عندما يجبرون على الفرار والرحيل‚ \r\n \r\n هذا يفسر لنا رد الفعل الاسرائيلي تجاه أي حدث معاد للسامية يقع في أي مكان من العالم ورد الفعل الطبيعي سيكون بالطبع الغضب والاستنكار‚ \r\n \r\n هناك ايضا رد فعل خاف يجلب لنا نحن اليهود الشعور بالرضا وها أنا أقوله لكم على لسان اليمين: ان اليهود بدأوا بالهجرة من فرنسا الى اسرائيل وهذا يثبت أننا على صواب‚ تعالوا أيها الإخوة قبل ان يصبح الوقت متأخرا جدا‚ \r\n \r\n ان شيراك غاضب وشارون عنيد واليهود الفرنسيون واقفون في الوسط في تقاطع النيران وكل ما يريدونه هو ان يتركوا وشأنهم‚ \r\n