\r\n اما جسامة قلق واشنطن فيما يتعلق بصلات سوريا بالارهاب، فلقد تم الكشف عنه من قبل الرئيس الاميركي بيل كلينتون قبل عشر سنوات، عندما اقترح شطب اسم سوريا من قائمة الدول التي ترعى الارهاب في حال قبلت سوريا بمفاهيم السلام الاميركية الاسرائيلية. لكن عندما اصرت سوريا على استعادة ارضها المحتلة، بقيت في القائمة. \r\n \r\n لو كان اسم سوريا قد شطب فعلاً من هذه القائمة، لكانت هذه هي المرة الأولى التي يبقى فيه بلد ما خارج القائمة منذ عام 1982، في حين اخرج الموظفون الحاليون في واشنطن، متبعين املاءات ريغان، صدام من القائمة، بحيث انهم تمكنوا من ان يقدموا له سيلاً من المساعدة التي كان يحتاجها بشكل سيء. \r\n \r\n وبينما كان هذا يمضي قدماً في تنفيذ اسوأ فظاعاته، وتلتهم انجلترا وآخرون كثر يقولون لنا مجدداً شيئاً حول الموقف تجاه الارهاب وجرائم الدولة، كما يشير الى ذلك واقع استبدال العراق في القائمة ووضع كوبا مكانها، وربما مثلت تلك الخطوة واقع ان الحرب الارهابية الاميركية ضد كوبا، التي كانت قد شنت منذ سنوات كيندي، قد بلغت آنذاك ذروة الوحشية. \r\n \r\n لا شيء من هذا، واكثر منه بكثير يتعلق بالاسلوب، يفترض ان شيئاً يقال لنا حول «الحرب ضد الارهاب» التي اعلنت من قبل ادارة ريغان في عام 1981 والتي سرعان ما تحولت الى حرب ارهابية سفاحة واعيد اعلانها مع الخزعبلات نفسها بعد 20 عاماً.ان تطبيق قانون محاسبة سوريا. \r\n \r\n الذي اقر بالاجماع تقريباً، حرم الولاياتالمتحدة من مصدر رئيسي للمعلومات حول ارهاب المتشددين من اجل تحقيق الهدف السامي المتمثل في اقامة نظام يقبل بالمطالب الاميركية الاسرائيلية في سوريا، وهذا انموذج غير مألوف، على الرغم من ان المعلقين يجدونه مدهشاً، اذ لا يهم كم يكون الدليل قوياً والانموذج مألوفاً ولا يهم كم هي عقلانية الخيارات في معايير اوليات التخطيط الواضحة والمفهومة. \r\n \r\n قانون محاسبة سوريا، الصادر في ديسمبر الماضي، ينبئنا بالكثير حول اولويات الدولة والعقائد السائدة في الثقافة الاخلاقية والفكرية، كما يشير العلامة في الشئون الدولية ستيفن زونس. فمطلبه الاساسي يشير الى القرار 520 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي ينادي باحترام السيادة ووحدة التراب اللبنانيتين، المنتهكة من قبل سوريا، بسبب ان هذه تبقي في لبنان قوات كان مرحب بها هناك من قبل الولاياتالمتحدة وحلفائها في المنطقة في عام 1976، عندما كانت المهمة تتعلق بالفلسطينيين. \r\n \r\n لكن القرار 520، الذي يغض تشريع الكونغرس والتقارير والتعليقات الاخبارية الطرف عنه، والمقرر عام 1982، كان موجهاً بشكل واضح ضد اسرائيل وليس ضد سوريا، ناهيك ايضاً عن واقع انه بينما كانت اسرائيل تنتهك هذا القرار وقرارات اخرى لمجلس الأمن خاصة بلبنان خلال 22 عاماً، لم يكن هناك اي نداء من أجل تطبيق عقوبات ضد اسرائيل او من اجل تخفيض المساعدة العسكرية الهائلة وغير المشروطة لهذه الدولة. \r\n \r\n ويشمل صمت 22 عاماً هؤلاء الذين وقعوا الآن على القانون وأدانوا سوريا على انتهاكها لقرار مجلس الأمن الذي يأمر اسرائيل بمغادرة لبنان. والمبدأ واضح جيداً، كما يكتب زونس: «يجب الدفاع عن سيادة لبنان فقط اذا كان جيش الاحتلال تابعاً لبلد تعارضه الولاياتالمتحدة لكن يكون ذلك الدفاع غير ضروري اذا كان البلد حليفاً للولايات المتحدة». وهذا المبدأ يطبق على نطاق واسع جداً في عدة ميادين، ليس في الولاياتالمتحدة فقط، بالطبع. \r\n \r\n ملاحظة على الهامش: هناك أميركي من كل اثنين من سكان الولاياتالمتحدة يؤيدون قانوناً لمحاسبة اسرائيل، على ان يحافظ عليها مع امكانيات لتطوير اسلحة دمار شامل وارتكاب ممارسات تعسفية ضد حقوق الانسان في الأراضي المحتلة، لكن هذا لا يبرز في الأجندة.وتوجد أمثلة كثيرة أخرى على الأولويات الواضحة، لكن غير المحسوسة، فعلى سبيل المثال، لدى وزارة المالية الأميركية دائرة ترى مكتب السيطرة على الأصول المالية الأجنبية، وظيفته هي التحقيق بالتحويلات المالية المشبوهة، مكوناً أساسياً في «الحرب ضد الارهاب». \r\n \r\n مكتب السيطرة على الأصول المالية الأجنبية هذا لديه 120 موظفاً وقبل بضعة أسابيع أبلغ المكتب الكونغرس بأن اربعة من موظفيه يكرسون انفسهم لملاحقة أثر تمويلات اسامة بن لادن وصدام حسين، بينما هناك أكثر من عشرين موظفاً يكرسون وقتهم وجهدهم لمراقبة الحصار ضد كوبا، علماً ان كل المنظمات الدولية البارزة أعلنته حصاراً غير قانوني، حتى منظمة الدول الاميركية المجاملة. \r\n \r\n ومن عام 1990 الى 2003 أبلغ المكتب الكونغرس بأنه فتح 93 تحقيقاً متصلة بالارهاب مع 9000 دولار غرامات، و11 الف تحقيق متصلة بحصار كوبا مع ثمانية ملايين دولار غرامات. لكن هذا الواقع لم يوقظ أي اهتمام بين أولئك الذين اعتبروها قضية محيرة تلك المتعلقة بأن ادارة بوش وأسلافها قد خفضت مستوى حرب الارهاب لصالح أوليات اخرى. \r\n \r\n لماذا يتعين على وزارة المالية ان تخصص طاقة لخنق كوبا أكبر بكثير جداً من تلك الطاقة التي تكرسها لشن الحرب ضد الارهاب؟ لحسن الحظ ان الولاياتالمتحدة مجتمع مفتوح بشكل حقيقي، وبالتالي نحن نمتلك كمية من المعلومات حول تخطيط الدولة. والأسباب الأساسية المتعلقة بكوبا وحصارها موضحة في وثائق سرية منذ 40 عاماً، عندما سعت إدارة كيندي لإلصاق التهمة بكوبا كمقر «للإرهاب في الأرض». كما بين آرثر شلزنجر في سيرته عن روبرت كيندي الذي أبقى على العمليات ضد الارهاب كأقصى أولوية. \r\n \r\n ولقد حذر المخططون في وزارة الخارجية من أن «وجود نظام كاسترو بحد ذاته» يشكل تحدياً ناجحاً للسياسات الأميركية ويمتد الى 150 عاماً خلت، أي الى عقيدة مونروي التي لا تمت بأي صلة للروس، لكنه تحد للسيد لا يمكن التسامح معه. ناهيك عن ان هذا التحدي الناجح يشجع آخرون يمكنهم ان يصابوا بعدوى «فكرة كاسترو». \r\n \r\n وكان شلزنجر قد حذر الرئيس كيندي، ملخصاً تقرير مهمة الرئيس في أميركا اللاتينية. فلقد قال شلزنجر ان هذه الأخطار جسيمة عملياً، فعندما «توزع الأراضي وأشكال أخرى من الثروة الوطنية على الطبقات المتحولة الى طبقات مالكة وعلى الفقراء، متبعين نموذج الثورة الكوبية، فإن هؤلاء سيطالبون بحياة كريمة»، مما يشكل مشكلة للنظام بالكامل. \r\n \r\n إن احتلال العراق احتلال نموذجي والعنف لا يولد إلا رداً عنيفاً، وهناك أبحاث جدية حول القاعدة وابن لادن تكشف ان هؤلاء كانوا مغمورين حتى قصف كلينتون السودان وأفغانستان عام 1998. فلقد أدت عمليات القصف إلى زيادة كبيرة في الدعم وتجنيد وتمويل الشبكات المماثلة للقاعدة، وحولت ابن لادن إلى شخصية رئيسية وخلقت علاقة وثيقة جداً بين ابن لادن وحركة طالبان، مع العلم ان تلك العلاقة كانت باردة وعدائية في السابق. \r\n \r\n بوسعنا إن شئنا تعلم المزيد حول الحضارة الغربية من خلال رد الفعل على قصف السودان، الذي تسبب بمقتل عشرات الألوف من الأشخاص، وفقاً لبعض التقديرات القليلة القابلة للتصديق، كارثة إنسانية أقر بها مدير منظمة «هيومان رايتس ووتش». وكما جرت العادة، تشتت التحقيق، إذ لا توجد مصلحة بالوصول إلى نهاياته، لكن رد الفعل كان من الممكن أن يكون مختلفاً لو أن الهجوم الإرهابي دمر مصدراً رئيسياً للتزود بالأدوية في الولاياتالمتحدة أو بريطانيا أو إسرائيل أو أماكن أخرى ذات أهمية. \r\n \r\n \r\n