وكانت المؤسسات الانسانية قد شاهدت تلك الازمة وهي تتبلور منذ عام تقريبا. ويسأل العديد من المراقبين لماذا كان رد فعل العالم بطيئا في تجنب هذه الكارثة. \r\n وذكر جون برندرغاست، وهو باحث مع جماعة الازمة الدولية، انه كان يمكن احتواء الازمة بعمل مبكر، ولكن اللاعبين الرئيسيين مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا افتقروا الى الارادة السياسية لمنعها. \r\n وذكر البعض ان المجتمع الدولي كان مشغولا بمحاولة حل الحرب الاهلية بين المتمردين في جنوب السودان وحكومة الخرطوم، المستمرة منذ 21 سنة، على حساب الازمة المتزايدة في دارفور. \r\n وتتحمل الحكومة السودانية القسط الاكبر من اللوم لتزويدها الميليشيات العربية التي انقضت على القرى الزراعية للقبائل الافريقية في دارفور ونهبت واغتصبت وحرقت القرى، مما ادى الى مقتل ما يصل الى 30 الف شخص. وحتى الان لم تمارس اي ضغوط على الحكومة في الخرطوم. \r\n وتجدر الاشارة الى ان دارفور هي منطقة صحراوية في حجم ولاية تكساس الاميركية ولا يوجد اليوم فيها الا طريق وعر واحد. ويواجه 1.2 مليون نسمة، فروا من مساكنهم، نقصا شديدا في الاغذية والكثير من الامراض. \r\n وبدأت الميليشيات العربية المعروفة باسم «جنجويد» حملتها على اهالي الاقليم قبل 16 شهرا بعدما حملت مجموعتان من المتمردين من دارفور السلاح، في اطار السعي الى نصيب اكبر من ثروة وموارد البلاد، غير ان هجمات الميليشيا استهدفت المدنيين. واستمرت الهجمات على القرى رغم وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه في ابريل (نيسان) الماضي. \r\n وتعمل «جنجويد» حسبما تقول منظمات حقوق الإنسان، بدعم مباشر وفعال من شخصيات كبيرة في الخرطوم بعضها من وزارتي الداخلية والاستخبارات. وحصلت الميليشيات على المكاتب والعربات وهواتف الأقمار الصناعية من الحكومة، وهناك أدلة تشير إلى وقوع هجمات يشارك فيها السودانيون وقوات من جنجويد في مناطق المتمردين، حسبما قالت جميرة رون الباحثة في منظمة «مراقب حقوق الإنسان». \r\n وظلت الخرطوم تنكر صحة هذه الاتهامات، ومع موت الناس في دارفور قامت المنظمات الحكومية وغير الحكومية بمناقشة ما إذا يجب استخدام عبارة «الإبادة الجماعية» لما يحدث هناك. \r\n ويمكن القول إنه في حالة اعتبار تفشي الموت في دارفور إبادة جماعية فذلك سيفرض إلزاما على المجتمع الدولي بايقاف عمليات القتل ومعاقبة المسؤولين عنها. \r\n وفي الاسبوع الماضي طالب مؤتمر شعبي خاص بالاميركيين السود إدارة الرئيس بوش باعتبار الهجمات على دارفور عمليات إبادة جماعية، مثلما فعل بعض من أعضاء الكونغرس الجمهوريين حينما استجوبوا بيير ريتشارد بروسبر السفير الأميركي المختص في التحقيق بجرائم الحرب في جلسة جرت في الكونغرس. \r\n وقال بروسبر إن «هناك مؤشرات على وقوع عمليات إبادة جماعية»، لكنه لا يستطيع تأكيد ذلك بشكل قطعي، واضاف إن الحكومة «تجمع كل المعلومات التي ستمكننا من تحديد تقييم قاطع لذلك نحن مستعدون لتسميتها مثلما نراها». \r\n لكن مسؤولا في وزارة الخارجية الأميركية قال إنه حتى لو أن الولاياتالمتحدة تأكدت من وقوع إبادة جماعية ومتواصلة فإن من مسؤولية المجتمع الدولي أن يقرر أي إجراء يجب اتخاذه. وقال هذا المسؤول إن «الولاياتالمتحدة لن تقوم بتأسيس محكمة خاصة بجرائم الحرب لوحدها». \r\n وهناك أسئلة في ما إذا كانت سلطات الخرطوم قد نسقت هذه العمليات بشكل متعمد أو أن ذلك ناجم عن دعم غير مقصود لجنجويد. لذلك فإن الصيغة البديلة التي تستعملها الأممالمتحدة والمنظمات الإنسانية وغيرها هي «التطهير العرقي». \r\n وفي مقابلة هاتفية قال غريغ الدر رئيس بعثة أطباء بلا حدود في دارفور إن حكومة الخرطوم «اعترفت بأنها قادرة على الإفلات من التبعات وإنه ليس هناك أي شخص مستعد لمواجهتها». \r\n وقال كوفي أنان الذي لا يزال يسيطر عليه هاجس اتهامات بانه سمح بوقوع الإبادات الجماعية في رواندا والبوسنة، إنه يأمل في أن تستجيب الحكومة السودانية للضغط الدولي وتصحح مسارها قبل إرسال القوات الدولية، لكن الاحتمال ضئيل. \r\n وقال أنان «أنا لا أظن أننا مستعدون لإرسال وحدات مدرعة وأنا لست متأكدا في ما إذا كانت هناك بلدان كثيرة مستعدة لإرسال جنودها». \r\n \r\n * خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص ب«الشرق الأوسط»