\r\n ويعتبر مروان نفسه محظوظا, اذا ما قورن بفلسطينيين اخرين من سكان البرازيل. فالمسكن المكون من غرفتين, والذي سبق ان منحته وكالة »الاونوروا« لوالده في بداية الخمسينات, موجود بضواحي المخيم, على بعد بضع مئات الامتار عن الحدود المصرية ويضيف مروان الى ذلك قائلا: »لقد قام الاسرائيليون حتى يومنا عذا بهدم جميع البيوت الواقعة ضمن محيط ثلاثمئة متر من الحدود. ويقولون بأنهم عاقدوا العزم على هدم كافة المباني الواقعة ضمن مسافة ستمئة متر.وكلي امل في ان يكون بيتي بعيدا بما فيه الكفاية عن الخطوط التي وردت في مخططاتهم.«. \r\n \r\n اما الادانة الشديدة, الصادرة عن مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة للعملية المسماة »قوس قزح«, فلم تؤد الى توقف الوحدات الاسرائيلية التي تحتل رفح منذ بضعة ايام بحجة ساقتها حكومة شارون تقول بأنها تهدف الى اكمال عملية واسعة, للقضاء على تجارة تهريب الاسلحة والمتفجرات. كما تستمر اعمال هدم البيوت, فيما تستعد البلدوزرات من طراز D-9, لنظيف الارض من الركام, بطريقة لا يترك معها اي اثر للجريمة التي انجزت. \r\n \r\n هذا, وقد تركزت المقاومة الفلسطينية بالقرب من المناطق المحتلة من المدينة. ويتعلق الامر بمجموعات من الشبان اليافعين, الذين لم تتجاوز اعمارهم سن العشرين. غير منظمين, يكابدون من اجل اقناع الاخر بأنهم اعضاء في منظمة مسلحة معروفة. وداوود, الملثم, هو الوحيد الذي نجا من خلية مسلحة, قريبة من كتائب ابي علي مصطفى, التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. \r\n \r\n ويقول بأن رفيقاه كانا قد استشهدا في الاسابيع الماضية اثناء وقوع اشتباك مسلح مع الجنود الاسرائيليين. ويمسك بيديه بندقية ميم -16 . وهو ارهابي من وجهة النظر الاسرائيلية. \r\n \r\n اما هو فيعتبر نفسه مقاتلا من اجل القضية الفلسطينية ويقول بهذا الصدد: »لا يوجد امامنا خيار آخر. فعلينا القتال بكل ما اوتينا من قوة انهم يقتلون اهلنا وناسنا. اطفانا من واجبنا ان نكون متوحدين ونقاتل سويا ضد الاحتلال الاسرائيلي. \r\n \r\n وفي صبيحة يوم الحادي والعشرين من الشهر الجاري, كان نشطاء حركة حماس قد اختفوا من شوارع رفح. وذلك لدواعي امنية. ثم عاودوا الظهور بعد ظهيرة اليوم نفسه, اثناء تشييع جثامين الفلسطينيين الثمانية الذين سقطوا نتيجة القصف المدفعي الاسرائيلي الذي حصل يوم الاربعاء من الاسبوع الماضي, الذي استهدف تظاهرة سلمية. \r\n \r\n ثم جرى تشييع ثمانية آخرين, لكي يدفنوا بعد ذلك بساعات قليلة. وكان من بينهم عدد من المدنيين, واحد منهم رجل في التاسعة والثلاثين, سقط في تل السلطان حينما صعد الى سطح منزله طلبا للقليل من الماء. فسارع احد القناصة الى معالجته برصاصة ادت الى وفاته في الحال. ولقي فلسطينيان آخران مصرعهما في المساء نتيجة لانفجار وقع في مقبرة الشهداء بالمدينة. وتبعا لما قاله شهود عيان. فإن ذلك الانفجار قد نجم عن طلقة مدفع. \r\n \r\n وكان الخبر الاكثر تأثيرا بالنفس, هو المتعلق بوفاة سمير العرجا, الطفل ابن الثالثة. فلم يكن باستطاعة اطباء مستشفى النجار سوى التحقق من الوفاة. وقد روى والدا الطفل انه كان قد غاب عن الوعي, ثم فارق الحياة بعد سماعه صدى صوت قذيفة مدفع كانت قد اطلقت في المنطقة المجاورة لهم. \r\n \r\n هذا في حين ان سيارة اسعاف تابعة للهلال الاحمر الفلسطيني, كانت قد طلبت النجدة بعد ان شعر الفلسطينيون الثلاثة الذين كانوا على متنها بالخطر الداهم نتيجة تهديد سائق بلدوزر اسرائيلي بدفنهم بالرمال وهم احياء. وعقب على ذلك الناطق الرسمي باسم الجيش الاسرائيلي, قائلا: ان الامر يتعلق بسوء فهم بسيط. وكانت المنظمات الانسانية الفلسطينية قد اتهمت قوات الاحتلال تعمد اعاقة عمليات النجدة والاسعاف. \r\n \r\n ولم تتوقف اصوات طلقات مختلف الاسلحة في رفح, ولم يحل الظلام دون وقوع اشتباكات مسلحة ما بين المقاتلين الفلسطينيين والجنود الاسرائيليين. ويخيم الموت على البيوت الفلسطينية. \r\n \r\n ففي منزل كامل كالوت, هناك احد عشر شخصا هم اعضاء اسرته, غالبيتهم من الاطفال, وبينهم عدد من كبار السن, ولا يعلم احد اي شيء عن تجارة تهريب السلاح, التي تتحدث عنها اسرائيل, ويحدثنا كامل قائلا: »اننا نعيش تحت رحمة الحرب . انها حياة الجحيم, فشبابنا يقاتلون ضد الاحتلال ويحضر الاسرائيليون الى هنا, ويتم الحديث عن انقطاع المياه في مخميات اللاجئين. \r\n \r\n وفجأة يدب الرعب بين افراد اسرة كالوت, فضجيج الدبابات يقترب اكثر فأكثر باستمرار. ويصرخ الاطفال: »ان العربات المصفحة في طريقها للوصول .. ها هي تقترب«. وتتوالى التفجيرات وتجتمع الاسرة في غرفة واحدة. ويجلس الجميع على الارض, ويختبئ الاطفال تحت السرير, وتضرب المدرعات طوقا حول احد المنازل القريبة, ومن برج احداها يتحدث احدهم بمكبر الصوت لينذر الاسرة التي تسكن بالاستعداد لاخلاء المنزل خلال عشر دقائق, ومن ثم يشرعون بهدم المبنى. \r\n \r\n ويتوسل احد الاشخاص الى الساكنين لكي يتركوا المنزل في الحال, والا فإنهم يغامرون باضاعة كل شيء. فبالاضافة الى مقتنياتهم المتواضعة, فإنهم سيفقدون حياتهم كذلك. ويتساءل كامل وقد بدا التوتر على محياه: »هل سيطلبون منا الخروج في الحال ? انا لا اريد فقدان بيتي. فلقد وظفت حياة باكملها لاجل تشييده. وانفقت كل مدخراتي. نحن لم نفعل اي شيء اننا اناس عاديون, لا نستخدم الاسلحة. فلماذا يستكلبون علينا?«.0 \r\n \r\n عن: »المانيفيستو الايطالية«.