يجعلك الاستماع إلى وسائل الإعلام الإخبارية المحلية تعتقد أن مدينة «إلباسو» ومدن أخرى على طول الحدود بين ولاية «تكساس» الأميركية والمكسيك يديرها عشرات آلاف الأطفال، وبعض منهم مع أمهاتهم قد وصلوا من دول أميركا الوسطى خلال الأشهر القليلة الماضية، بحثاً عن ملاذ آمن كي لا يتم ترحيلهم، وهو ما يمثل ضغوطاً قاتلة على موارد الولايات الحدودية. ولا أحد يُنكر أن هناك تأثيرا ناجما عن موجة الهجرة الأخيرة، ومن ثم الحاجة لمزيد من الموارد. لكن ليست هناك أزمة، فالمجتمعات المحلية كالذي أنتمي إليه، قد بذلت جهوداً مضنية ومذهلة في مساعدة هؤلاء المهاجرين. بيد أن «أسطورة الأزمة» يستغلها سياسيون لتبرير تشديد القيود على الحدود واللعب على وتر الناخبين المناهضين للهجرة في انتخابات الخريف المقبل، في تجاهل لأسباب فرار كثير من الأطفال إلى الولاياتالمتحدة من الأساس. وخلال الشهر الماضي، وصل إلى «إلباسو» زهاء 2500 مهاجر بعد عبور الحدود من ولايات أخرى. وسرعان مع تضافرت جهود المجتمع المحلي من أجل دعم النساء والأطفال، بقيادة منظمة «أنانسيشن هاوس»، التي تنسق هذه الجهود. وعلى نقيض التصريحات المثيرة، فهذا ليس أمراً جديداً علينا؛ ذلك أنه عندما تصل جماعات المهاجرين ويتم إنهاء إجراءاتهم من قبل سلطات الهجرة والجمارك، يُطلق سراحهم. وعندئذ تصطحبهم المنظمة إلى مأوى ليستريحوا وينالوا قسطاً من النوم ويتناولوا الوجبات ويحصلوا على رعاية صحية. ويتم تقديم كل هذه الخدمات من قبل متطوعين بتبرعات خاصة. وتساعد الأسر اللاجئين أيضاً، وغالباً ما يدفعون تكاليف السفر ويأخذون اللاجئين إلى منازلهم، ومن ثم ينتقل المهاجرون بعد ذلك إلى فلوريدا أو جورجيا أو نيويورك أو أي ولاية أخرى. وفي حين أن أعداد اللاجئين الذين يصلون إلى «إلباسو» ليسوا سوى جزء صغير من الذين يصلون إلى جنوب تكساس بشكل عام، إلا أن تسلسل الأحداث يبدو متشابهاً. وبالمثل تكون استجابة مواطني جنوب تكساس كريمة. لكن الأمر نفسه لا ينطبق على كثير من السياسيين الأميركيين. وقد أعلن حاكم الولاية "الجمهوري" "ريكي بيري" الأسبوع الجاري أنه أرسل ألف جندي من قوات الحرس الوطني بتكلفة 12 مليون دولار شهرياً لتشديد الرقابة على الحدود. وعلى رغم جهود أوباما من أجل العمل مع قادة دول أميركا الوسطى من أجل معاجلة الأسباب الأساسية للهجرة، فإنه أعلن مؤخراً عن طلب 3.7 مليار دولار. ومن المفترض أن هذا المبلغ من أجل التعامل مع المهاجرين الجدد، إضافة إلى مزيد من تدابير أمن الحدود؛ على أن يتم تخصيص نحو 40 مليون دولار من أجل المراقبة باستخدام طائرات من دون طيار، ونحو 30 في المئة من المبلغ المطلوب سيخصص للنقل والاحتجاز. وفي ولاية تكساس، يخطط المشرعون وإدارة السلامة العامة إلى إنفاق نحو 30 مليون دولار إضافية في غضون ستة أشهر من أجل إنشاء و«تعزيز» موارد إنفاذ القانون في الولاية. وبالطبع، هذه التكاليف باهظة. وفي كل يوم نحتجز فيه طفلاً مهاجراً ليست لديه وثائق، يكلف إدارة الهجرة والجمارك 259 دولاراً للشخص الواحد، وهو أكثر بكثير مما ننفقه على تعليم طفل في مدرسة للطبقة المتوسطة. والمفارقة أن هذه الاستراتيجية التي تعتمد على نفقات باهظة يضعها قادة دأبوا على خفض الإنفاق على الرعاية الصحية والنقل والتعليم. ويتجاهلون حقيقة أن هؤلاء الأطفال الذين يعبرون حدودنا لا يحاولون التحايل على تنفيذ القانون، وإنما يفرون إلى تنفيذه. نوع المقال: الولاياتالمتحدة الامريكية