في صميم الأزمة الأوكرانية تكمن حقيقة بسيطة حول الرئيس فلاديمير بوتين، تقول ناديا تولوكونيكوفا. ومن أفضل منها للحديث في هذا الموضوع يا ترى؟ فهذه الشابة الروسية، وقبل أن تبلغ عامها الخامس والعشرين، عاشت تجربة السجن الروسي وسوء المعاملة على أيدي رجال النظام، ونالت أيضاً الشهرة في الغرب، هذا طبعاً بالإضافة إلى الحياة ضمن مجموعة «بوسي رايُت» الموسيقية الاحتجاجية التي ساهمت في تأسيسها. وبوتين، حسب تولوكونيكوفا: «يستعمل السياسة الخارجية لحل المشاكل الداخلية في روسيا». صحيح أن رجل الكرملين القوي يرغب في منع أوكرانيا من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وقضم أكبر قدر ممكن منها ويعمل جاهداً لجذبها نحو مشروع اتحاد أوراسيا الذي يحلم به. ولكن بوتين يتصرف أيضاً على نحو دفاعي في نهاية المطاف، إذ يدرك أنه إذا نجحت حركة الديمقراطية في أوكرانيا وحققت البلاد الرخاء والازدهار، فإنها ستصبح نموذجاً لروسيا وسيصبح نظامُه مهدداً بالسقوط. وقالت تولوكونيكوفا: «إن بوتين يحاول أن يؤسس في أوكرانيا نموذجاً لروسيا -ليُظهر أن نتيجة أي تغيير سياسي ستكون حالة من الفوضى العارمة»، مضيفة «إن أكثر ما يخشاه هو أن يحدث في روسيا ما وقع في أوكرانيا» التي أرغمت فيها الاحتجاجات الجماعية حليفَ بوتين فيكتور يانوكوفيتش على الهرب من البلاد. وتولوكونيكوفا وماشا أليوخينا، اللتان أمضتا 21 شهراً في السجن بسبب سخريتهما من بوتين في عمل جريء لمجموعة «بوسي رايت»، كانتا في واشنطن الأسبوع الماضي لشرح وتأكيد هذه النقطة والخلاصة البسيطة التي تؤدي إليها: أن إحدى أفضل الطرق التي يمكن للغرب أن يرد بها على تدخل بوتين في أوكرانيا هي دعم معارضته الديمقراطية داخل روسيا نفسها. ولاشك أنه من غير السهل القيام بذلك، بسبب حال الارتياب لدى بوتين بشكل خاص. فمنذ عودته إلى الرئاسة قبل عامين، طرد برامج المساعدات الأميركية، وأرغم مجموعات روسية تتلقى التمويل الغربي على تسجيل نفسها كمنظمات أجنبية، وأوقف بث إذاعة «راديو ليبرتي» الممول من قبل أميركا، وشيْطن تشجيع أميركا للديمقراطية باعتباره مخططاً ل«سي آي إيه». وفي هذه الأثناء، أدى قمع داخلي إلى إرسال عدد من زعماء المعارضة الروسية إلى السجن أو المنفى واختفاء الإعلام المستقل تقريباً. غير أن ثمة وسيلة متاحة وجاهزة يمكن للولايات المتحدة أن تدافع بها عن المعارضين الروس - وسيلة تجتنبها إدارة أوباما على نحو غير مفهوم، حيث ينص قانون مرره الكونجرس في 2012، ويعرف باسم «قانون مانيتسكي»، على فرض عقوبات ضد المسؤولين الروس المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان. وبعد أن قاومت تمرير مشروع القانون هذا، فرضت الإدارة الأميركية عقوباتها التي تشمل حظراً على التأشيرات وتجميداً للودائع على عدد صغير من المسؤولين العام الماضي. ولكن في ديسمبر، وضع البيت الأبيض جانباً قائمة ثانية تتألف من نحو 20 من المقربين من بوتين كانت أعدتها وزارتا الخارجية والخزانة الأميركيتان. وقيل للكونجرس وقتئذ إن الإدارة لا ترغب في استفزاز بوتين قبيل توجه الرياضيين الأميركيين إلى سوتشي من أجل المشاركة في الألعاب الأولمبية، ولكن على رغم انتهاء الأولمبياد منذ وقت طويل وتعرض أوكرانيا لهجوم، إلا أن أوباما ما زال يبقي على قائمة حقوق الإنسان مجمَّدة. ثم لسائل أيضاً أن يسأل: هل يمكن أن يكون لهذه العقوبات أي تأثير؟ مجموعة «بوسي رايت» تعتقد ذلك، وتقول إن ألكسندر باستريكين، رئيس الادعاء العام المعين من قبل بوتين، مثلاً، يملك عقاراً في جمهورية التشيك. ف«لماذا لا يرغَم على قضاء إجازاته في شبه جزيرة القرم بدلاً من براغ؟»، تتساءل أليوخينا. نوع المقال: روسيا الولاياتالمتحدة الامريكية