خاص – القاهرة - الشرق انتقلت لغة البذاءة والاستهزاء والتنابذ بالألقاب والتلميحات الخادشة للحياء من الشارع المصري المحتقن بالخلافات السياسية إلي قاعات المحاكم . ومع تحويل كثير من القضاه مقاعد العدالة إلي ساحات أو منابر سياسية يلقون من فوقها أراء سياسية شخصية أو سب وطعن في خصومهم السياسيين من الإخوان وغيرهم ، أصبح سماع قضاة ينطقون بألفاظ غير لائقة خلال جلسات المحاكم أمرا عاديا ما يؤكد أن بعض القضاة باتوا أداة بيد الانقلاب لا مؤشرا علي العدالة، وأصبحوا يعبرون عن تحيزات ومواقف خاصة مسبقة . وفي رصد أولي ل "الشرق" للغة قضاة ينظرون قضايا رافضي الانقلاب تصاعدت لغة السخرية والاستهزاء والتهديد والغضب وألفاظ لا تليق بالقاضي وتعد انتهاك لأبسط حقوق المتهمين، وصارت اللغة تتملق وتمجد سلطة الانقلاب بالتقليل من شأن معارضيه وتعمد إحراجهم ، وأصبح القاضي يتحدث بلغة الخصم وليس الحكم. أخرس .. غير محترم ! ففي 1 إبريل 2014 قال المستشار محمد ناجي شحاتة رئيس محكمة جنايات الجيزة للدكتور صلاح سلطان "اخرس" أثناء محاولته التحدث من داخل القفص وهو متهم بتهمة ملفقة في قضية تسمى "غرفة عمليات رابعة" مع 50 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين ، كما نسب القاضي إليه أنه "غير محترم" بحسب ما جاء في طلب د. سلطان لرد المحكمة . وطالب د.صلاح سلطان عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برد هيئة محكمة المستشار محمد ناجي شحاتة بسبب تعنتها ضد المتهمين ولأنها لديها موقف مسبق ضدهم وعلى الأخص منه . وقال سلطان لرئيس المحكمة: "أنا أستاذ فى الجامعة، وحاصل على ليسانس حقوق" وقال كامل مندور، محامى المتهمين، إن المتهمين بينهم أساتذة وعلماء منهم الدكتور صلاح سلطان، أستاذ الشريعة، وطالب بتقديم المحكمة اعتذارا إلى المتهمين عما بدر منها ضد سلطان . ورغم ذلك قضت الدائرة 29 مدني بمحكمة استئناف القاهرة في 9 إبريل برفض دعوى رد "تنحية" هيئة المحكمة وتغريم طالبه مبلغًا وقدره 6 آلاف جنيه ومصادرة الكفالة المالية. إهانة شهداء الثورة وفي سابقة أخري أهان رئيس محكمة جنايات الزقازيق حسن حسين عيسي شهداء ثورة 25 يناير - ضمنا - عندما قام بالاعتذار للضباط الذين قتلوا متظاهري 25 يناير بالشرقية، وعلى رأسهم مدير أمن الشرقية السابق قائلا إنهم تعرضوا ل "مؤامرة" ، مبررا قتلهم للشهداء . وقال القاضي قبل النطق بالحكم للضباط : "انتوا انكسرتوا واحنا انكسرنا معاكم وانتوا كنتوا ضحية وانا بشخصي ، بصرف النظر عن القضاء ، بعتذر لكم علي كل الإهانات التي لحقت بكم لأنكم ناس محترمين وبناشدكم تعودوا لعملكم فى حمايتنا وتحمونا من المخربين والجماعات الارهابية " . وأضاف: "لو كان الأمر بإيدي مكنتش قدمتكم أصلا للمحاكمة.. ولازم تبقوا عارفين انكم مش متهمين.. انتم ابطال ودافعتوا عن الشعب وكنتم ضحية لايادي مرتعشة قدمتكم للمحاكمة". إهانة المتهمين وفي 29 مارس 2014 بثت قناة الجزيرة مقطع فيديو للمستشار وائل مصطفي صابر رئيس محكمة جنايات الدقهلية وهو يهين عناصر منتمين لجماعة الإخوان المسلمين أثناء وجودهم بقفص الاتهام لمحاكمتهم ، ويشيد - قبيل نطقه بالحكم عليهم - بدور الجيش في ثورة 30 يونيه . حيث هدد القاضي وائل مصطفى المتهمين الثمانية في قضية بالدقهلية، وتوعدهم استنادا لمنصبه الرفيع ، وسرد القاضي خلال لائحة الحكم بيانا سياسيا، أيّد فيه ورفاقه المستشارين عضوا اليمين واليسار ثورة 30 يونيو وأحداث يوم 3 يوليو، وأشاد بالجيش وقادته، وأهان المتهمين وتوعدهم لتجرئهم على القضاة الشامخين الذي هو منهم كما عرف نفسه . واتهم القاضي جماعة الإخوان "باستباحة دماء الشعب وتقسيم الوطن وإثارة الفتن وإثارة الكراهية ضد مؤسسات الدولة واتهمهم بتنفيذ المخطط الصهيوني العالمي والشرق الأوسط الجديد". عاوزين تتعالجو في ودانكم وفي قضية "اقتحام السجون" محكمة جنايات شمال القاهرة، برئاسة المستشار شعبان الشامي في 15 إبريل قال القاضي شعبان الشامي ردا علي قول د.محمد البلتاجي أنهم لا يسمعون صوت القاضي بقوله : "لا بقى انتو كدة عاوزين تتعالجو في ودانكم". كما قال القاضي للرئيس مرسي : "يا محمد يا مرسي بطل كلام أنا سامعك انت بتقول إيه"، وقال: "انت اللي قاعد تتكلم ومبحبح قوي " ، وحين ضحك أحد المتهمين داخل القفص، قال له القاضي: "بتضحك على إيه ما تضحكنا معاك يا رايق". وعندما عرض نفس القاضي دواء لعلاج البرد والأنفلونزا على انه حرز ودليل على قيام الرئيس مرسى وقيادات الإخوان بالتخابر في "قضية التخابر" وارتجت القاعة بالضحك مؤكدين للقاضي أن هذا "دواء" قال لهم :"طب وانتو زعلانين ليه" "ما بلاش السينما" ! وحينما طالب دفاع الرئيس مرسي من المحكمة ندب لجنة فنية من خارج اتحاد الإذاعة والتليفزيون لتفريغ الفيديوهات وإعداد تقرير بها، واقترح أن تكون اللجنة من معهد السينما، رد القاضي مستهزئا : "ما بلاش السينما بقى ما حرام" . "اللي ينسحب مع السلامة" واعترض دفاع المتهمين الأصليين والمتهمين في جلسة 16 إبريل بقضية "التخابر" على استماع المحكمة برئاسة المستشار شعبان الشامي لمحامي منتدب من نقابة المحامين، وقال د.محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين من داخل قفص الاتهام : "أنت بتعاملنا كنسانيس وبتقطع علينا الصوت زى ما تحب إحنا عايزين نسمع دفاعنا"، ورد القاضى: "خلاص يا دكتور". وحين اعترض الدفاع وهدد أحدهم بالانسحاب قال "الشامي" : "أنا لا يتم التعامل معى بهذه الطريقة اللى عايز ينسحب ينسحب أنت حر ده حقك خلاص مع السلامة..أيوه اللي عايز يمشي يمشي". خروج عن القواعد في إطار تعقيبه على لغة بعض القضاة من سب وطرد وإهانة في طريقة الأداء خاصة أثناء جلسات وأحكام القضاء ضد رافضي الانقلاب والنظام السياسي الشرعي وقياداته قال المستشار محمد عوض رئيس محكمة استئناف الإسكندرية إن نظام مرسي كان سيضع معايير عادلة لقبول القضاة بعيدا عن التوريث والمحسوبية ويطبق معايير الكفاءة، ولذا نجد الآن "قضاة نظام مبارك" يمارسون عملية انتقامية من أنصاره للحفاظ على مصالحهم وامتيازاتهم في خروج عن العرف والقواعد المرعية في طريقة إدارة الجلسات. وأضاف عوض - في تصريح خاص ل "الشرق" - أن ألفاظ القاضي لم تلتزم بالحيادية الواجبة في كثير من القضايا ، حتى في النظرات والألفاظ ، مؤكدا أن "الأصل أن يكون القاضي ذو وقار وهيبة، بينما ما يراه ألفاظ شاذة وظهرت سواءتهم في ظل الانقلاب " . وقال "عوض" أن تلفظ قضاة بألفاظ بذيئة وتهديد وسخرية "كفيلة بأن تفقد القاضي صلاحيته لنظر القضية، فمفترض أن يستمع جيدا للدفاع دون حتى إظهار ميل للبراءة أو الإدانة، ويحافظ على هدوءه بلا غضب أو انفعال وبسكينة ويعطي الخصوم فرصة ليبدوا دفاعهم بحرية ".