إن أهم مثالب الحروب الدينية والطائفية هي أنها غالباً ما تكون حروب ثأرية الطبيعة أي أنها تطلق سلسلة حوافز واستجابات لها بداية ولكن ليس لها نهاية قط، ما دام الثأر والانتقام لا يمكن محوهما وإيقاف آثارهما على نحو بسيط، خاصة لدى الشعوب التي لم تزل ترضخ لقوانين البداوة والعصبية القبلية حيث تعمل عواطف الثأر والانتقام الحارقة في الدواخل دونما رادع. ومن منظور ثان، فإن هذه الحروب، إذا ما انطلقت، تكون "حروباً أهلية" بمعنى الكلمة لأنها ذات طبيعة قسرية وقهرية ولأنها عجلة عمياء تلف في دورانها المتعامي الجميع، المتدين واللا متدين، المحارب والمسالم، الرجل والمرأة والطفل. هي حروب تأتيك إلى باب بيتك، لتطرق عليه وتخيرك بين الإعدام أمام زوجتك وأبنائك، أو الالتحاق ب"الرفاق"، حتى الموت، بطبيعة الحال. في هذه الحروب ليس هناك مجال للنقاش لأنها تفرض جواً مكهرباً ومتوتراً كافياً لشل العقل وتحويل بؤرة تفكيره من فنون السلام إلى فنون القتال، محيلة رجل القلم إلى رجل سيف، قسراً وقهراً.بيد أن الأدهى هو أنها حروب منبوشة من تربة الماضي الطللي الذي قد لا يقدم أو يؤخر بقدر ما يعيق ويبّلد ويعمي. هي حروب لا صلة لها بالحاضر ومشاغله أو بالمستقبل وآفاقه، إنها تنقل الوعي البشري، بغض النظر عن إيجابيته إلى المقابر، أي إلى غياهب ماض مظلم تلفه الخلافات حتى اللحظة. إن المأساة الأكبر هي إن هذا النوع من الحروب، إذا ما بدأ، لا يمكن إيقافه قط بسبب التفاعلات التسلسلية المذكورة أعلاه، وبسبب الدموية والبشاعة التي يعتمدها المحاربون، بلا ضمائر، لإعمال أدوات الإرهاب التي إذا لم تقتل بالخوف والهلع، فإنها تقتل في دواخل الأطفال ذلك السلام الولادي الكامن في قلوبهم كي تحيلهم إلى مخلوقات دموية لا يمكن أن تبني أو تنتج في يوم من الأيام. لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا