إذ كانت الولادات الثقافية صعبة المخاض وبحاجة دائمة للرعاية الطبية المركزة الباهضة الأثمان، بينما بقيت الثقافات العربية المكافئة في المجتمعات الأدنى مستوى إقتصادي قادرة على ولادات ثقافية قوية، قادرة على البقاء ومقاومة للأمراض المهلكة لأنها نبعت من معاناة ثقافية ذات ابعاد سياسية وجذور فلسفية تمكنت من تقوية عودها مقابل عواصف الإضطهاد السياسي والقهر الاجتماعي والقسر الطبقي، الأمر الذي قاد إلى إطلاق ومضات عبقرية وشذرات مبدعة آتية من أعماق المعاناة. وبينما تمكنت الثقافات المكافئة في المجتمعات المجاورة من إطلاق مثل هذه الدرر الإبداعية، بقي مثقفونا في مجتمعات الخليج العربي حبيسي الصيغ واللازمات الفكرية التقليدية، زيادة على عدم التمكن من كسر حواجز الأشكال الفنية الموروثة في الآداب والفنون عامة. ليست شبيبتنا في الخليج العربي بحاجة إلى الذكاء الفطري والعبقرية، بين أن هذه القدحات لا يمكن أن تتفجر في "غرف العناية المركزة"، وإنما في غياهب المعاناة والشعور بالضغط الاجتماعي والحاجة إلى مقاومته والتمرد على الصيغ التقليدية القديمة من أجل تحقيق القدحة التاريخية التي تولد الوهج. لذا فإن العناية الفائقة والتمويل الفائض على الحاجة يمكن أن يأتيا بمعاكسات المرجو منهما، الأمر الذي يستوجب مراجعة ذكية ودقيقة لأدوار المؤسسات الثقافية الفاعلة في مجتمعات الخليج العربي كي تتحرر هذه المؤسسات من الأنساق والسياقات السابقة فتعتمد الجديد منها، وأقصد الجديد الذي يستفز الفطنة ويعمل الخيال العبقري على طريق تطوير ثقافة خليجية عربية بالمستوى اللائق. لقراءة المقال كاملا اضغط هنا