في الوقت الذي ترفع فيه وزارة التربية والتعليم شعار "مدرستي جميلة نظيفة متطورة" تحاصر أكوام القمامة العديد من المدارس على مستوى الجمهورية، مثل مدرسة مصطفى كامل التجريبية المتميزة للغات بالعمرانية، حيث تستقبل أكوام القمامة تلاميذ المدرسة يوميًا بروائحها الكريهة والمتعفنة. "مشهد صعب وغير حضاري بالمرة" هكذا وصف أحد أولياء الأمور المشهد، مؤكدا قلقه على طفلته بالمدرسة، ومعترضًا على ثقافة الشعب المصري التي تسمح له بالتصرفات السلبية وإلقاء القمامة في تقاطع الشوارع أو أمام مدرسة أو مستشفى لمجرد أنها ممتلكات عامة، ظنا منه أنه بذلك بعيدا عن المساءلة وغير مبالٍ لحجم الضرر الواقع على الآخرين. الصورة المرفقة تبين تجول الحمير والأغنام التي انتهز أصحابها فرصة وجود القمامة لتسمينها قبل موسم عيد الأضحى، إلى جانب القطط والكلاب الضالة، ولم يقتصر المشهد على ذلك بل اتسع ليشمل انتشار الثعابين داخل المدرسة، مروعًا كلا من التلاميذ والمدرسين على حد وصف إحدى موظفات المدرسة التي رفضت ذكر اسمها نظرا لتشديد إدارة المدرسة على التعتيم على الوضع حفاظًا على سمعة المدرسة. ثعابين بالمدرسة تقول الموظفة: إدارة المدرسة بالطبع متضررة من أكوام الزبالة المتراكمة أمام المدرسة وحول السور، والوضع لا يقتصر على أكوام الزبالة، بل هناك أيضا عربات الباعة الجائلين والمنتشرة أمام المدرسة وكشك العيش المدعم أمام باب المدرسة حيث تتعالى الأصوات والخناقات. وتتابع: المديرة السابقة للمدرسة عانت كثيرًا من هذا الوضع المتردي في الأعوام السابقة، وتقدمت بالعديد من الشكاوى والاستغاثات لكل من المجلس المحلي ومحافظة الجيزة والإدارة التعليمية بالمنطقة، دون أي فائدة أو إجابة وضاربين بهذه الاستغاثات عرض الحائط. وتضيف: الأمر لم يقتصر على ذلك، وإنما امتد ليطول أمن الأطفال وتهديد حياتهم في المدرسة قبل صحتهم بعد ظهور الثعابين. وفي توضيح منها للموقف تقول: في نهاية العام السابق رأى العاملون بالمدرسة ثعبانا كبيرا، وفي إحدى حصص الألعاب ساد الهرج والمرج والذعر بين الأطفال بعد رؤيتهم للثعبان أيضا، الأمر الذي دفع إدارة المدرسة للتشديد على التكتم والسرية والتعتيم على هذا الحادث حفاظا على سمعة المدرسة. وتضيف الموظفة: من وقتها تقدمت إدارة المدرسة بالعديد من الشكاوى وكل ما تم في هذا الإطار أن أرسلوا لنا موظفًا من وزارة الزراعة لرش فناء المدرسة والحديقة بالشيح والسموم وتم إحضار "حاو" لإخراج الثعابين، وبالفعل أخرج ثعبانا كبيرا وعلى أثره تم استدعاء مندوب من حديقة الحيوان لاستلامه، ونظرا للشك في وجود ثعابين أخرى حسبما أكد الحاوي، اتخذت المدرسة عدة إجراءات حفاظا على أرواح التلاميذ ومنها منع التلاميذ من الخروج في الفسحة أو اللعب في حديقة المدرسة المخصصة لمرحلة الكي جي. تتابع مع التأكيد مرة أخرى على عدم ذكر اسمها: إحدى المدرسات شاهدت ثعبانا آخر منذ أسبوعين وتم التعتيم أيضا حتى لا نثير قلق أولياء الأمور على أطفالهم إذا انتشر الأمر، وبالأخص في ظل هذه الأوضاع السياسية التي نعيشها، وملقية باللوم على ثقافة المجتمع المصري الذي لا يجعله يشعر بأي حرج حيال إلقاء القمامة أمام مدرسة. أضرار صحية من جانبه يؤكد دكتور هيثم عبيد، طبيب باطنة بمستشفيات جامعة الزقازيق، أن هذه القمامة المنتشرة حول المدارس بعيدا عن إساءتها للمنظر العام، تؤثر بشكل سلبي على صحة التلاميذ، نتيجة انتشار الحشرات والفئران والثعابين التي تجد في القمامة مرتعا وبيئة خصبة لنموها وكذلك تكاثر البكتيريا والجراثيم والفيروسات. ويتابع: هذا إلى جانب الروائح والغازات الكريهة التي تصدر نتيجة تراكم النفايات مما تجذب البعوض والذباب الناقل للأمراض وبالأخص الفيروسات الكبدية مثل فيروس A و E، كما أن تخمر هذه النفايات ينتج عنه غازات تسبب التهاب الجهاز التنفسي وأمراض الربو وغيره من الأمراض الصدرية كما تؤثر على القلب وتضعف الجهاز المناعي. ويحذر عبيد من النفايات الصلبة وتأثيرها الضار على الأفراد ويتابع قائلا: مع الطفرة الأخيرة في عالم التكنولوجيا واستخدام أجهزة المحمول لكل أفراد الأسرة، بدأت تظهر النفايات الصلبة من أجهزة الكترونية قديمة وشاشات ولوحات وبطاريات وغيرها في أكوام النفايات، هذه المخلفات الالكترونية تحتوي على العديد من المواد السامة ومنها الرصاص الذي يتسبب في اضطرابات الجهاز العصبي ونوبات الصرع ويتسبب في سرطان الكلية، فضلا عن أثره السلبي على النمو العقلي للأطفال وتقليل نسب الذكاء، وكذلك الزئبق الذي يعتبر مادة قاتلة ويسبب العديد من الاضطرابات النفسية والعصبية وغيرها من المواد الأخرى الخطيرة والقاتلة.