مع هدوء الأوضاع نسبيًا وعودة الحياة إلى طبيعتها شيء ما؛ شهدت منطقة وسط البلد زخما، ودبت الحياة فيها، قبل أيام من انتهاء الإجازة الصيفية وبدء العام الدراسي. فأرصفة وسط البلد عاد إليها الباعة الجائلين ليملؤها ضجيجًا، وامتلأت المقاهي بالزوار، وشهدت بعض مناطق الترفيه الأخرى كالسينمات وكورنيش النيل والمراكب النيلية رواجا محدودا ينحصر في ساعات ما قبل حظر التجوال، وهو ما رسم البسمة على شفاه بعض البسطاء الذين ينتظرون كدهم اليومي من زوار منطقة وسط البلد ومرتاديها.. فرصة الأوكازيون وبدأت محال وسط البلد في الانتعاش نظرا لإقبال المواطنين على شراء الملابس والمنتجات، اقتناصا لفرص الأوكازيونات والتصفيات التي تعرضها المحلات، ومع ما يتواكب مع دخول المدارس والجامعات وإقبال الأهالي على شراء الزي المدرسي واللوازم المدرسية الأخرى مما احدث رواجا في منطقة وسط البلد المكتظة بالمحلات التجارية. تقول ليلى سيد (41 عامًا): "بالرغم من الحظر وحالة البلاد إلا أنني مضطرة إلى شراء الملابس والأدوات المدرسية للأولاد، واضطررت للمجيء إلى منطقة وسط البلد لأن ملابس المدرسة لا توجد إلا عند تجار بعينهم". وبالرغم من وجود متسوقين إلا أن التسوق لا يكتمل بالشراء أحيانا، تقول مروة حسن، طالبة جامعية، 19 عاما: "سأنتظر قدوم الشتاء ولن اشترى زيا جديدا بمناسبة الدراسة الآن، فالملابس الشتوية ستنزل في المتاجر بعد أسابيع قليلة، فليس من المنطقي شراء ملابس صيفية الآن وشراء الملابس الشتوية بعدها بقليل". "حالة شؤم" وبينما ظهر ميدان التحرير مظلمًا تختفي ابتسامته بعدما أصبح ميدانًا مهجورًا، إلا أن مناطق طلعت حرب وشارع شريف ومنطقة مقاهي البورصة شهدت عودة للحياة مرة أخرى، ما أعاد الحياة لعم صلاح سيد، "سايس"، الذي وقف ينتظر قدوم المواطنين إلى الشركات والهيئات والمولات التي تكتظ بها المنطقة لركن سياراتهم، بعد أن غابوا طويلا عنه وغاب معهم عمله. يقول عم صلاح: "رزقي الأساسي من الأجر الذي أتقاضاه من ركن سيارات الموظفين والمترددين على المنطقة مقابل الاعتناء بسيارتهم حتى انتهاء عملهم أو انتهاء زيارتهم أو فسحتهم بمنطقة وسط البلد". ويتابع: "الأحداث الأخيرة وفرض حظر التجوال وخوف الناس من النزول والتنزه وخوف البعض من الذهاب حتى لعمله كانت "حالة شؤم" بالنسبة لي وأثرت على حالتي المادية". إلا أن ابتسامة عم صلاح لم تكن تخلو من امتعاض لاستمرار فرض حظر التجوال وعدم انتهائه بشكل كامل، يتابع: "الحمد لله الحالة تحسنت عن الأول لكن لسه مرجعتش زي الأول، بس إحنا عاوزين من الحكومة إنها تشيل حظر التجوال عشان الدنيا ترجع زي الأول". "لمة" على المقاهي على بعد خطوات من عم صلاح، باتجاه ميدان طلعت حرب، دبت الحياة بمقاهي وسط البلد، فعادت مقاهي "التكعيبة" و"زهرة البستان" و"الندوة الثقافية"، "والبورصة"، إلى العمل بكافة طاقتها باستثناء ساعات الحظر. يقول علاء محمد، (27 عامًا)، يعمل بأحد مقاهي البورصة: "إحنا ملناش شغله غير هنا، والأيام اللي فاتت كانت صعبة لأننا كنا بنضطر نقفل بدري عشان نلحق نروح قبل الحظر ايام ما كان الحظر الساعة 7 "، لكن دلوقتي الحمد لله الدنيا أحسن والزباين شوية رجعت وكمان ماتشات الأهلي والزمالك والمنتخب رجعت لمة الناس على القهوة". المراكب والكورنيش ولم تكن المراكب النيلية بالقرب من كوبري قصر النيل وحتى كورنيش ماسبيرو بأفضل حال، لكن بعض أصحاب المراكب أبدو بعضًا من الارتياح مع بدء توافد العائلات والشباب ربما للحاق ما تبقى من الأجازة الصيفية قبل بدء الدراسة. ويقول عبد الهادي شحتوت، مسئول أحد المراكب النيلية أمام منطقة ماسبيرو: "الحالة تحسنت بعض الشيء، واحنا أحسن من أيام ما كان الحظر الساعة 7، والناس بدأوا يرجعوا للفسح في وسط البلد ويتمشوا على الكورنيش ويركبوا مراكب، بس مش زي الأول طبعا، والحمد لله مبقاش فيه مظاهرات في التحرير أو أمام ماسبيرو". ويكمل: "ربنا يسهل والحكومة تشيل الحظر والدنيا هتبقى أحسن"، ويتابع: "دي مصالحنا وأكل عيشنا، إحنا كل اللي عاوزينه إنه ميبقاش فيه مظاهرات ولا وجع دماغ عشان الدنيا تمشي وشغلنا يرجع وي الأول".