يرى بعض الخبراء الفرنسيين أن هناك مؤشرات عديدة تشير إلى علاقة ما بين قطر والجماعات الإسلامية المسلحة المتواجدة فى شمال مالي؛ حيث ارتفعت حدة الانتقادات للدور المفترض لقطر إزاء هذه الجماعات المسلحة خاصة بعد استيلاء ثلاث جماعات منها وهى القاعدة فى المغرب الإسلامي وجماعة أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد على شمال مالي. وكانت مارين لوبان، زعيمة حزب الجبهة الوطنية – اليمين المتطرف - وميشال ديسمين، شيوعي فى مجلس الشيوخ، قد نددا بالدعم المالي الذى تقدمه قطر لهذه المجموعات. وتعقيبا على تصريح للشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، أمير قطر قال فيه إن القوة لن تحل مشكلة شمال مالي، قالت لوبان :"قطر غير راضية عن التدخل العسكري الفرنسي فى مالي؛ لأنه يهدف إلى دحر الإسلاميين المتشددين الموالين لهذه الإمارة فى كافة أنحاء العالم". ورغم شكوك العديد من المراقبين الفرنسيين والدوليين حول احتمال وجود علاقة ما بين قطر والجماعات الإرهابية، إلا أن أحدا لم يتوصل إلى إثبات ذلك. وأشار أندريه بورجو، وهو باحث فى المركز الوطني للبحوث العلمية ومتخصص فى شؤون مالي، إلى أنه بالرغم من عدم توفر أدلة دامغة عن وجود رابط بين الجماعات المسلحة وقطر، إلا أن هناك بعض المؤشرات والاحتمالات التى تدل على ذلك. وكانت مجلة "لوكانار أنشينه" الفرنسية الساخرة نقلت فى يونيو الماضي، عن مصادر استخباراتية فرنسية أن أمير قطر منح مساعدات مالية للجماعات المسلحة التى احتلت شمال مالي، دون أن تذكر قيمة هذه المساعدات وطريقة منحها، مضيفة بأن السلطات الفرنسية كانت على علم بتصرفات القطريين فى شمال مالي. وفى يوليو 2012، وجه سادو ديالو، عمدة مدينة غاو فى شمال مالي، اتهامات لقطر بتمويل الإسلاميين المتواجدين فى هذه المدينة. وقال ديالو على إذاعة "ار تي إيل" :"إن الحكومة الفرنسية تعرف من يساند الإرهابيين. فهناك مثلا إمارة قطر التى ترسل يوميا مساعدات غذائية إلى شمال مالي عبر مطاري غاو وتمبكتو". ومما زاد من شكوك عمدة غاو حول طبيعة الدور القطري فى شمال مالي، هو النشاط الإنساني الذى كانت تقوم به جمعية الهلال الأحمر القطري الصيف الماضي بشمال البلاد، حيث كانت توزع مساعدات غذائية لسكان غاو. وكانت وكالة فرانس برس قد نقلت عن عنصر من حركة الجهاد والتوحيد لم تكشف هويته، أن قطر كانت تساعد هذه الحركة –التوحيد والجهاد- لكي تتقرب من السكان. من جهتها، نفت قطر رسمياً كل الاتهامات الموجهة إليها، فيما قال أحد موظفي جمعية الهلال الأحمر القطري :"إن هدف تواجد الجمعية فى غاو هو تقييم الأوضاع الإنسانية والغذائية وليس مساندة الجماعات الإسلامية"، لكن إريك دينيسي، رئيس المركز الفرنسي المكلف بالبحوث فى مجال الاستخبارات، يرى أن قطر اعتادت لعب أدوار كثيرة فى المناطق التى تتواجد فيها الجماعات الإسلامية، كما هو الحال فى ليبيا وسورية. من جهته، يقول مهدي لزار، وهو متخصص فى عالم الجغرافيا، فى مقال نشرته أسبوعية "الإكسبريس" الشهر الماضي، أن العلاقات بين قطر والجماعات المسلحة ليست جديدة، بل سبق لهذه الإمارة النفطية أن مولت مدارس وجمعيات دينية فى مالي. وأضاف :" مالى لديها ثروات نفطية كبيرة وتحتاج إلى استثمارات من أجل استغلالها وقطر تمتلك كل التقنيات والإمكانيات اللازمة لذلك. وأضاف :" قطر تسعى إلى رفع مستوى تأثيرها الاستراتيجي فى دول غرب أفريقيا ودول الساحل وتريد منافسة السعودية فى العالم الإسلامي. لكنه نفى أن تكون لقطر علاقة مباشرة مع الجماعات الإسلامية بل دورها يكمن في التوسط بين الحكومة المالية ودول مجموعة غرب أفريقيا فضلا عن الجماعات المتمردة فى الشمال والجزائر وفرنسا.
