كشف تقرير صادر عن مجلس الشيوخ الأمريكي أن الرئيس العراقي السابق صدام حسين لم يقدم دعما ماديا لتنظيم القاعدة، ولم تكن له أية علاقة بزعيم تنظيم القاعدة السابق أبو مصعب الزرقاوي، وهو أحد أهم المبررات التي ساقتها إدارة الرئيس جورج بوش لغزو العراق. وكشف التقرير الذي رفعت عنه السرية الجمعة 8-9-2006، وكانت أعدته لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي، لأول مرة، تقييما لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) في أكتوبر الأول 2005 يفيد بأن حكومة صدام حسين "لم يكن لها صلات، أو تجاهلت نشاط الزرقاوي ومعاونيه" في الفترة التي سبقت الحرب، بحسب ما ذكرته وكالة أسوشيتد برس. وصرح جورج بوش ومسئولو إدارته مرارا في أكثر من مناسبة بأن وجود الزرقاوي -الذي قتل في غارة أمريكية في يونيو الماضي بالعراق- قبل الحرب هو دليل على وجود صلات مع النظام العراقي وتنظيم القاعدة، وكان آخر تلك التصريحات قول بوش في مؤتمر صحفي يوم 21 أغسطس الماضي: إن "صدام كانت له علاقات مع الزرقاوي".
اتهامات لبوش واعتبر أعضاء في الحزب الديمقراطي أن هذا التقرير يقوض مبررات إدارة بوش لغزو العراق في مارس 2003 بما في ذلك التصريحات التي أدلى بها الرئيس نفسه في الآونة الأخيرة. وفي هذا الصدد قال السناتور "جون روكفلر"، العضو الديمقراطي بلجنة الاستخبارات: "هذا التقرير يظهر أن مزاعم الإدارة عن علاقة سابقة وحالية ومستقبلية بين القاعدة والعراق كانت خاطئة، وكانت تهدف إلى استغلال إحساس الأمريكيين العميق بعدم الأمان بعد هجمات 11 سبتمبر مباشرة". وبدوره استخدم سناتور ديمقراطي آخر هو "كارل ليفين" التقرير لاتهام بوش بالإدلاء بتصريحات غير صحيحة عن علاقات بين صدام والزرقاوي زعيم القاعدة في العراق الذي قتلته القوات الأمريكية. وقال ليفين: "تقييم وكالة الاستخبارات المركزية في أكتوبر 2005 كان أن نظام صدام لم يكن له أي علاقة بالزرقاوي ومساعديه، ولم يوفر لهم المأوى أو يغض النظر عنهم". مؤكدا على أن "التصريحات التي أدلى بها الرئيس قبل أسبوعين غير صحيحة على الإطلاق".
الجمهوريون يدافعون ولكن رئيس اللجنة السيناتور الجمهوري "بات روبرتس"، اتهم الديمقراطيين بتقديم نسخة مضللة من نتائج اللجنة. وقال روبرتس في بيان له: "وجهات النظر الإضافية للديمقراطيين في اللجنة ليست أكثر من إعادة لنفس المزاعم التي لا أساس لها من الصحة التي استخدموها قبل 3 أعوام". وردا على ما جاء في التقرير، قال الناطق باسم البيت الأبيض "توني سنو": إن التقرير لا جديد فيه. وأضاف: في عامي 2002 و2003 قام أعضاء في الكونجرس من كلا الحزبين بدراسة المعلومات الاستخبارية التي كانت لدى الإدارة الأمريكية حينذاك، وتوصلوا إلى نفس النتيجة التي توصل إليها التقرير الحالي". وسبق أن توصل تقرير لجنة 11 سبتمبر التي تم تشكيلها للتحقيق في هجمات 11 سبتمبر والمؤلفة من أعضاء جمهوريين وديمقراطيين لنتائج مماثلة؛ حيث خلص تقريرها الذي نشر في عام 2004 إلى أنه لم يكن هناك "علاقة تعاون" بين صدام حسين والقاعدة، وهو أحد أهم المبررات التي ساقتها إدارة بوش لغزو العراق بجانب مزاعم وجود أسلحة دمار شامل بالعراق. ويتزامن التقرير الذي كان قيد الإعداد مدة عامين، مع مجموعة من الخطب يلقيها الرئيس بوش بهدف إقناع الأمريكيين بأن المهمة العراقية تندرج في إطار "الحرب الشاملة على الإرهاب"، كما يسبق انتخابات التجديد النصفي للكونجرس. ويجري التنافس في تلك الانتخابات على جميع مقاعد مجلس النواب و34 مقعدا من 100 مقعد في مجلس الشيوخ، و36 منصبا لحاكم ولاية في الانتخابات التي ستجرى في السابع من نوفمبر. ويحتاج الديمقراطيون إلى الحصول على 15 مقعدا في مجلس النواب و6 مقاعد في مجلس الشيوخ بالإضافة إلى المقاعد التي يشغلونها للفوز بالأغلبية. ويشهد التأييد الشعبي بالولايات المتحدة للحرب على العراق تراجعا متزايدا مع تدهور الأوضاع الأمنية في هذا البلد، وتصاعد التحذيرات من انزلاقه للحرب الأهلية بجانب تزايد عدد القتلى في صفوف القوات الأمريكية الذي تخطى 2700 قتيل بجانب آلاف المصابين. وكشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه الشهر الماضي شبكة تلفزيون "سي بي إس" وصحيفة "نيويورك تايمز" أن 51% من الأمريكيين يرون أن لا علاقة بين "الحرب على الإرهاب" و"المهمة العراقية". كما أظهر الاستطلاع أن 60% من الأمريكيين لا يؤيدون سياسة بوش في العراق.