كان ذلك على وجه التحديد ما كان يتوق اليه الجنود الأميركيون.. عربة حراسة مخصصة لتفادي العبوات الناسفة المزروعة على جوانب الطرق، التي قتلت افرادا من القوات أكثر من أي سلاح آخر للمسلحين في حرب العراق. واذ تصل وزارة الدفاع بنهاية العام الى هدفها المتمثل بتوفير 1500 شاحنة مدرعة ثقيلة مضادة للألغام والهجمات (إم آر إيه بي) في العراق، فان الشعور في البنتاغون بعيد عن الابتهاج. وبدلا من ذلك هناك جدل مكثف حول ما اذا كانت المدرعة التي تنقذ الأرواح يمكن أن تقوض واحدا من أهم دروس الحرب ككل: كيفية مجابهة التمرد. وعلى الرغم من أن عربة «إم آر إيه بي» توفر الدرع الضروري، فإنها تفتقر الى خفة الحركة الضرورية بالنسبة لحرب المدن. وقال الجنرال ويليام والاس، الضابط المسؤول عن تدريب وتعليمات الجيش «انها ثقيلة جدا، وهي كبيرة نسبيا. ولا تقوم بالمناورة على النحو الذي يريده المرء. وكل هذه الأمور لا بد أن تثير القلق». لكن جيف موريل، السكرتير الصحافي للبنتاغون، قال ان مدرعات «إم آر إيه بي» جزء مهم من استجابة الجيش لحاجات الجنود الأميركيين في العراق. واضاف «ليس هناك حل مناسب وحيد لكل المشاكل التي يواجهها المرء في الحرب. والمسألة الأساسية هي ان يجد توليفة من الأشياء تعالج المشاكل». وقد ضعف الدعم لمدرعات «إم آر إيه بي» في البنتاغون في الفترة الأخيرة، ويعود جزء من ذلك الى الانخفاض في الخسائر العسكرية في العراق. غير أن هذه المدرعة اثارت جدلا بين مخططي الاستراتيجية الدفاعية حول السؤال: هل السبيل الأفضل لانقاذ حياة الجنود هو اعطاؤهم وسائل تحميهم من الهجمات أو القيام بمنع الهجمات؟ وفي جانب من هذا الجدل يقف مسؤولون كبار في واشنطن، بينهم وزير الدفاع روبرت غيتس، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السناتور الديمقراطي جوزيف بيدن، اللذان اصرا على ان مدرعات «إم آر إيه بي» ضرورية لحماية الجنود من الموت أو الاعاقة. غير ان عددا متزايدا من خبراء مكافحة التمرد يجادلون بأن العربات الكبيرة والثقيلة تتعارض مع خوض حرب العصابات. وتتطلب مكافحة التمرد جنودا يندمجون مع المواطنين العراقيين، وهي مهمة ظلت في مركز الاستراتيجية التي ينفذها قائد الحرب في العراق الجنرال ديفيد بترايوس. وقال مستشار البنتاغون اندرو كريبينيفتش في مقابلة معه، «لديكم ديفيد بترايوس الذي يطلب من جنوده قائلا: اخرجوا وامشوا لأن الحل البعيد المدى لتقليص تضحياتنا هو معرفة الناس وتوفير الأمن في الأحياء. وبمعنى ما فان لديكم أولويتين متنافستين». كان قرار جعل مدرعات «إم آر إيه بي» الأولوية الحربية الأولى لدى البنتاغون واحدا من القرارات الأولى لغيتس كوزير للدفاع. وقال الجنرال ستيفن سبيكس، المسؤول عن برامج المشتريات، انه «كان هناك التزام أخلاقي بتوفير وسيلة افضل لحماية جنودنا. وكان ذلك هو الدافع الذي وحدنا جميعا في ضرورة القيام بشيء ما مختلف. وكانت حماية الجنود المهمة رقم واحد». غير انه في بداية هذا الشهر أعلن مسؤولون في مشاة البحرية (المارينز) انهم قلصوا عدد مدرعات «إم آر إيه بي» التي يعتزمون شراءها من 3600 الى 2300، مشيرا الى تقلص العنف في العراق والفائدة المشكوك فيها للمدرعات في مهمات أخرى. ويفكر مسؤولو الجيش، الذين يخططون لأكبر المشتريات، بخطوة مماثلة. وقال ضباط في الجيش الاميركي الشهر الماضي ان ثمة حاجة على المدى الطويل ل10000 من مدرعات «ام آر إيه بي»، التي تتراوح تكلفة الواحدة منها بين 500000 ومليون دولار تبعا للموديل. ويدرس ضباط حاليا في بغداد وواشنطن ما اذا كان من الضروري طلب أموال من الكونغرس لشراء المزيد من هذه المدرعات ام الاكتفاء ب10000 مركبة موجودة أصلا. وقال الجنرال ريتشارد كودي، نائب رئيس هيئة أركان الجيش الاميركي، ان شراء هذه المدرعات يعتمد على ما هو مطلوب في مسارح العمليات، وأضاف قائلا انهم ينظرون الآن في الجانب المتعلق بالعدد المطلوب. جدير بالذكر ان هذه المدرعات لم تخضع لفحص وتجريب مكثفين قبل إرسالها للعراق. قدراتها على تحمل الانفجارات جرى تقييمها بصورة مكثفة، إلا ان شركات قليلة فقط متخصصة اختبرت فوائدها واستخداماتها في مهام مكافحة التمرد. وكان مستشار لدى البنتاغون زار العراق في الآونة الأخيرة لمهام من ضمنها دراسة استخدام مدرعات «ام آر إيه بي»، انها توفر الحماية للقوات ومفيدة لفرق إبطال مفعول المتفجرات وجولات القادة العسكريين في ميادين المعارك، لكنها ليست خيارا جيدا لسرايا المشاة المقاتلة، كما انها ثقيلة على القيادة في الرمال الناعمة ومن الصعب تغيير قيادتها في الشوارع الضيقة والدخول بها من شارع ضيق إلى آخر.