يأتي عيد الأضحي هذا العام على الصوماليين بعد عام من الاحتلال الاثيوبي حاملاً معه أنين الثكالى ودموع من فقد الأحبة، وأهالي العاصمة مقديشو بين مشرّد ونازح بعد أن شهدت المدينة اعتداءات دامية خلال الأيام الماضية من قوات الاحتلال الاثيوبية وقوات الحكومة التابعة لها أودت بحياة عشرات من الأشخاص معظمهم من المدنيين. جاء العيد لكن تكبيرات الأضحى كانت الغائب الأبرز عن مظاهره في مقديشو، إذ اختفت أصوات التكبير في معظم أحياء العاصمة، وخلا 173 مسجدا من المصلين بسبب أعمال العنف المتصاعدة، حيث لزم الكثير من السكان منازلهم. وفي ظل الأوضاع الإنسانية والأمنية الصعبة المتفاقمة يحاول من بقي من سكان مقديشو –بعد نزوح وفرار مئات الآلاف منها- قضاء العيد كل حسب استطاعته دون الالتزام بتقاليد معروفة لمثل هذه الأيام. فحتى محلات الحلويات التي اشتهرت بزحامها أثناء فترات العيد تأثرت باعتداءات الاحتلال وانخفض نشاطها إلى مستويات متدنية وقلت حركة الإنتاج فيها. حتى خراف الأضاحي التي كانت من أبرز مظاهر العيد اختفت من مقديشو، حيث نقلت الهيئات الخيرية عمليات توزيعها لحومها إلى المناطق الآمنة خارج العاصمة. ورغم غياب مظاهر الفرح والسرور بشكل عام في مقديشو وانخفاض قدرة الناس على شراء مستلزمات العيد إلى أدنى درجاتها سعت بعض الأسر إلى رسم البسمة على شفاه أطفالها ولو بالاهتمام بمظاهرهم فقط. بيد أن عائلات أخرى انقطعت بها السبل داخل الأحياء التي شهدت الاعتداءات الاثيوبية وغاب عنها أي مظهر من مظاهر الفرح، حيث لزمت تلك الأسر منازلها وسط أجواء من الرعب والخوف. كما أن حركة المواصلات لأكبر سوق في مقديشو (بكارا) أصبحت شبه معدومة ولم تفتح معظم المحال التجارية بسبب تحول هذه السوق إلى واحد من أخطر الأماكن في العاصمة التي تشهد هجمات متكررة لجيش الاحتلال. وبعيدا من مقديشو يقضى مئات الآلاف من النازحين على جانبي الطريق بين العاصمة الصومالية ومدينة أفقوي الواقعة على بعد 30 كلم جنوبا عيدهم تحت حرارة الشمس، وانعدام أساسيات الحياة، وسوء التغذية خصوصا وسط الأطفال، في حين شهدت مدينة كيسمايو الساحلية نشاطا في اليوم الأول من عيد الأضحى. وعلى خلاف وسط وجنوب الصومال يشعر أهالي شمال وشرق البلاد وتحديدا مدينتى هرغيسا وبوصاصو بأجواء العيد ابتداء من التكبير وانتهاء بالملابس الجديدة. فقد خرج السكان في هاتين المدينتين إلى الشوارع يتبادلون مباركة العيد، وشهدت شوارع هرغيسا ازدحاما شديدا. وفي ظل هذه الأجواء طالب حاكم مقديشو من القوات المسلحة الصومالية المتواطئة مع الاحتلال إخلاء العاصمة والتمركز فى قواعد خارجها بعد شكوك متتالية من سكان المدينة حول عمليات سلب ونهب يقوم بها أفراد يرتدون الزى العسكري.