بقلم/ د. رفعت سيد أحمد ثمة أسئلة مفتوحة بعد عام من العدوان على لبنان لعل أبرزها: هل يعد حزب الله لمفاجأة عسكرية كبرى ستغير مصير المنطقة؟ ولماذا ترك زعيم حزب الله في خطابه التاريخي الأخير (المفاجأة) مفتوحة؟ هل لمزيد من إرباك العدو؟ وهل ستكون المفاجأة عسكرية تقليدية أم نووية؟ وما هو الهدف الاستراتيجي من هذه المفاجأة؟ وماذا يشغل بال قادة حزب الله اليوم غبر الحرب المرتقبة مع إسرائيل؟ وما موقع الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة والتي يعمل عليها بقوة الحلف الأمريكي بالمنطقة من تفكير قادة المعارضة؟ ولماذا أطالوا اعتصامهم وصراعهم مع حكومة هشة كما يقولون؟ وأين موازين القوى في الداخل اللبناني وإقليمياً بالنسبة للمقاومة وحلفائها؟ تساؤلات تحتاج إلى إجابة بعد عام طويل على حرب الصيف (2006) في لبنان فماذا عن إجاباتها؟ بعد أن هدأت المشاعر وهدأ البكاء والفرح على عدوان تحول الى إنتصار قاطع وبإعتراف العدو ذاته وفى الذكرى ألأولى لإنتصار الشعب والمقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله على العدو ألإسرائيلى ألأمريكى فى أغسطس من العام 2006 نستحضر الحرب وماتلاها من تطورات سياسيه كبرى ونقرأ مابين السطور ألأخيره فى مشهد المنطقة بعد حرب كرد فيها العدو لفظة الهزيمة فى تقاريره 165 مرة. ونستحضر معها حالة قيادة المقاومة والمعارضة بعد عام من الصمود والصراع الداخلي ومحللين أحدث ماقاله السيد حسن نصر الله فى خطاب 14/8/2007 والذى تضمن ألإشارة الى المفاجأه الكبرى التى يعدها حزب الله لإسرائيل أذا مافكرت فى العدوان مجددا على لبنان. (1) * قبل فترة قصيرة أكد لنا السيد حسن نصر الله وفى حوار معه بعضه منشور والبعض الآخر لم ينشر بعد أن المقاومة ألإسلامية وهى الجناح العسكرى لحزب الله خرجت من حرب الصيف وهى أكثر قوة رغم هول التدمير والوحشية ألإسرائلية التى أستهدفت أبناء الطائفة الشيعية على وجه الخصوص والشعب اللبنانى وبنيتة التحتية بوجه عام، وأن المقاومة قد أعدت نقدا ودراسة موسعة للحرب ربما تفوق ما أعدته لجنة فينو جراد الإسرائيليه حجما ومضمونا واستافدت وبقوة من جوانب القوة والضعف فى تجربة ال 34 يوما وأعادت تشكيل وترتيب قواها العسكرية واللوجستية وقدراتها القتالية بما يتفق ونتائج هذه الدراسة والتى نؤكد اليوم للقارئ العربي وبثقة كاملة أنها موجودة ولكن ليست للنشر ألان حتى يتم ألإستفادة ألأكبر منها، وأنه من نتائج هذه الدراسة أن منهج حرب العصابات سيستمر وأن تحييد أسلحة العدو برا وبحرا كما حدث فى حرب الصيف مع الدبابة ميركافا والبارجة (ساجر) سيستمر وأن الجديد لدى حزب الله وفقاً لقياداته ولنص كلامهم: هو أننا أمتلكنا أسلحة سنحيد بها سلاح الجو ألإسرائيلى الذى عربدت طائراته فى سماء لبنان بل والمنطقة ولم تفلح سوى فى الإعتداء على المدنيين والبنى التحتية من جسور ومرافق. (2) * إلا أن أهم ماصرح به سيد المقاومة بل وأعلنه فى خطابه الأخير (14/8/2007) هو أن الحزب قد أمتلك بالفعل مفاجأه كبرى سيستعملها ضد إسرائيل إذا ما فكرت (وأنا لا أنصحهم بذالك) والقول لنصر الله مفاجأه ستغير مصير الحرب والمنطقة وترك هو المفاجأة دون تحديد وطبعا إذا حددها لن تكون مفاجأه، بل إن هذا الغموض فى تحديدها يعد جزأ من لعبة الصراع مع إسرائيل وهى إدارة برع فيها وهي تنتج سياسياً إرباكاً واضحاً فى صفوف القيادة العسكرية والسياسية ألإسرائيلية عبر عنه قاتل ألأسرى المصريين ألإرهابى بينيامين اليعازر وزير البنى التحتية ألإسرائيلية بقوله لابد أن نأخذ تهديدات نصر الله مأخذ الجد. إن نصر الله ومن معرفتنا به وبطريقة تفكيره وشخصيته نؤكد ألأن وبثقة أنه لا يستعرض أو يدعىكما هى عادة أخرين من قادة وحكام الصدفة فى بلادنا أنه يقول الحق ولا ينطق إلا صدقا وكما قال لنا أكثر من مرة أنه حتى لو أراد أن يناور أو يكذب حتى على العدو فلن يستطع ذالك لأنه من الناحية الشرعية محرم عليه ذالك كمرجع دينى كبير فضلا عن زعامته السياسية التى يمثل الصدق أحد أعمدتها الرئيسيه . إذن: قائد الحرب ومقاومتة المسلحة يمتلكان مفاجأه جديدة هذه المفاجأة فى تقديرنا وبمعرفة خاصة بنمط التفكير والعمل لدى حزب الله لا بد وأن تكون عسكرية وفى هذا الجانب وبعد أن جربت فى الحرب السابقة حرب 2006 كافة أنواع ألأسلحة لدى الحزب بإستثناء الصواريخ ألابعد مدى والتى تصل إلى أم الرشراس (إيلات) جنوبا فأننا إذن إزاء أسلحة من نوع جديد ربما تكون أسلحة نووية أو أسلحة من النوع الذى يسمى بأسلحة الدمار الشامل (كيميائية أو جرثومية) ولكن من النوع المتطور القادر على إبادة ربع أو نصف سكان إسرائيل من على الخارطة..
وأياً ما كان مقصد (نصر الله)، والذي ترك تحديد نوع، وحجم مفاجآته غامضاً، فإنه قد أصاب العدو بالإرباك والقلق الشديد، ونحسب أنه قد دفع بالقيادات العسكرية لا تراجع سيناريوهات الحرب التي كانت قد أعددتها لإعادة الكرة على لبنان وسوريا، وبإعلانه عن امتلاكه لهذه المفاجأة التي ستغير ليس فحسب مصير الحرب بل مصير المنطقة ككل، منع من حيث أراد (أو لم يرد) حرباً عدوانية إسرائيلية (أو أمريكية) جديدة ضد قوى المقاومة والممانعة في المنطقة وتحديداً ضد إيران وسوريا، واللتان كما قال أكثر من مرة يمثلان أشرف وأنبل من ساعداه على الصمود والانتصار، ولا يتخيل أن يتركهما (حزب الله) وحيدتين في الحرب القادمة. (3) * لقد أراد البعض (الاصطياد في الماء العكر) كما يقول المثل وحاولوا تصوير هذه العلاقة الخاصة بين حزب الله وسوريا وإيران باعتبارها عمالة لهاتين الدولتين، كما يشيع بعض سماسرة الإعلام المصري والسعودي، على وجه التحديد، فكانت إجابة (نصر الله) لنا عندما سألناه: إنكم متهمون بالعمالة لمشروع إقليمي تقوده سوريا وإيران بما تفسرون علاقتكم الحميمة والمتشابكة بهاتين الدولتين منذ سنوات طويلة؟ أجاب الرجل إجابة رائعة نحسبها تصلح للرد في كل حين على ترهات سماسرة إعلامنا العربي حين قال (إن العلاقة مع الشريف شرف، وسوريا وإيران بدعمهما لنا وبخاصة في أوقات المحن كانوا شرفاء وأسخياء وبلا شروط!!) * ولكن.. هل يستقيم أن تذهب إلى الحرب أو إلى المفاجآت الكبرى وبيتك الذي تعيش فيه يحترق بنيران الفتنة والصراعات؟ هنا تجيب قيادات حزب الله أنهم بالفعل قلقون منذ قيام عملاء أمريكا (أو من أسموهم بحماة الأمن القومي الأمريكي في لبنان) بتحويل الصراع إلى صراع مذهبي والذي هو بالأساس صراع سياسي بين مشروعين: مشروع للمقاومة والاستقلال الحقيقي للبنان ومشروع للأمركة والعمالة لإسرائيل بأقنعة زائفة تدعي السيادة والاستقلال والديمقراطية، "إن ما نخشاه هو أن يستخدموا سلاح الدين والمذهب وبخاصة بين أبناء الطائفتين (السنة والشيعة)، وليتحول الصراع الحقيقي مع العدو الصهيوني والأمريكي إلى صراع افتراضي وهمي تسال فيه الدماء الذكية، وتصرف فيه الأنظار إلى مناحي لا تفيد الوطن ولا الأمة. * ولكن.. لدى قادة حزب الله وتحديداً نصر الله، ثقة في وعي الشعب اللبناني (والعربي بالتبعية) بأن هذا المخطط الأمريكي، سيفشل إن لم يكن قد فشل بالفعل، وبخاصة في لبنان، خاصة بعد اصطفاف القوى المسيحية والسنية والشيعية بألوان طيفها السياسي والديني خلف مشروع للمعارضة ستكون محطة انتخابات رئاسة الجمهورية هي الفاصل فيه، إن الأمريكي وفقاً لهم وصل إلى طريق مسدود في لبنان، وبات بعد الانتخابات التشريعية في منطقة المتن الشمالي، والتي انتصر فيه تيار المعارضة المسيحية بقيادة ميشال عون، بات الأمريكي والفرنسي على قناعة بأن هذه الموالاة الحاكمة، موالاة ضعيفة، ولا تمثل الشعب الللبناني كما تدعي، وأن محطة رئاسة الجمهورية التي يتنافس فيها أركان الموالاة ضد أنفسهم (بعكس المعارضة التي قدمت مرشحاً واحداً هو ميشال عون) ستكون المفصل القاضي على المخطط الأمريكي القبيح في لبنان. (4) * إن فريق المعارضة اللبنانية بات على يقين أكثر بأن العد التنازلي لانهيار المشروع الأمريكي في لبنان والعراق وفلسطين وافغانستان قد بدأ، وأنه لذلك يتمنى على حلف ما يسمى بالمعتدلين العرب أن يدركوا ذلك وأن يبنوا حساباتهم الداخلية والإقليمية على هذه الحقيقة ولديهم قناعة أخيرة وأساسية وهي أن موازين القوى في المنطقة بدأت تميل لصالح المقاومة: سواء في لبنان أو غيرها؛ وهو ميل ليس فحسب مرتبط بامتلاك هذه المقاومة لآليات قتال، وتكنولوجيا عسكرية جديدة ومتطورة، وهذا صحيح، ولكن لأن التطورات السياسية في المنطقة تعمل إجمالاً لصالح المقاومة، رغم المعاناة والمرارة، وأحياناً تخلي ذوي القربى من فريق المعتدلين عنها بل ومقاومتها والتآمر عليها. * إن خلاصة، ما نراه، ونقرأه، من حواراتنا، وفي ضوء تطورات المشهد اللبناني والعربي في الذكرى الأولى لحرب الصيف، أن المنطقة مقبلة على انقلابات هامة في صراعات الدول والمصالح، وأن حماقة الأمريكي والإسرائيلي، بلا سقف وقد تتجاهل كل دروس وعبر الهزائم السابقة ويغامران بحروب جديدة، ساعتها، وساعتها فقط سنعرف بالدقة ما هية (مفاجآت نصر الله)؛ والتي من المؤكد أنها ستكون مفاجآت ليست فحسب في صالح مشروع النهضة والمقاومة في المنطقة ،لكنها ستكون لحظة فارقة في تاريخنا المعاصر، ونحسب أنه قد استعد لها جيداً. والله أعلم E_ mail: [email protected]