انتقل الجدل الضاري حول الوجود العسكري الاميركي في العراق من الساحة السياسية الأميركية الى الساحة العسكرية، ففي الوقت الذي يصرُّ فيه عدد من كبار الضباط في الجيش الاميركي على تعزيز قواتهم في العراق، تكشف الصحافة توجهاً لدى رئيس هيئة الاركان بخفض عدد هذه القوات الى النصف على الاقل. واعتبر الجنرال ريك لينش ان الانسحاب من بعض المناطق وتقليص القوات هو خطوة عملاقة الى الوراء، الا ان الجنرال بيس سيوصي بوش بخفض عديد القوات الاميركية في العراق بحوالي النصف. وذكرت صحيفة لوس انجليس تايمز ان الجنرال بيتر بيس رئيس هيئة الاركان الاميركي سيدعو الرئيس الاميركي جورج بوش الى خفض عديد القوات الاميركية في العراق بحوالي النصف العام المقبل. ورجحت الصحيفة ان يقول بيس لبوش ان الابقاء على اكثر من 100 الف جندي من اصل 162 الف جندي متواجدين حاليا في العراق، خلال عام 2008 سيتسبب في ضغوط شديدة على الجيش الاميركي. وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين في الادارة والجيش الاميركي ان بيس سيقدم التوصيات في جلسة خاصة وليس في تقرير رسمي. واضافت ان التوصيات ستركز على الخلافات بين الجيش والحكومة حول الخطة المستقبلية في العراق بعد ثمانية اشهر من تنفيذ قرار الرئيس الاميركي بزيادة عديد القوات الاميركية بنحو 30 الف جندي. وقالت الصحيفة ان "هذا التقييم قد يتعارض مع تقرير يعده قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس سيدعو فيه الى الابقاء على مستوى اعلى من القوات الاميركية في العراق خلال عام 2008 وما بعده". وتساور الجنرال بيس وقادة القوات المشتركة مخاوف من ان الحرب في العراق "تسببت في انخفاض قدرة الجيش الاميركية على الرد، اذا لزم الامر، على تهديدات اخرى مثل التهديد الايراني"، حسب الصحيفة. وقالت الصحيفة ان هيئة الاركان المشتركة ترغب في خفض الكتائب المقاتلة العشرين المتواجدة في العراق الى النصف، اضافة الى خفض وحدات الدعم مما سيخفض تلك القوات الى اقل من 100 الف جندي. واوضحت الصحيفة ان بيس، الذي ستنتهي فترة عمله رئيسا لهيئة الاركان في ايلول/سبتمبر، قد يعدل من نصيحته للرئيس للتغطية على ما يبدو انه خلافات حول الاستراتيجية في العراق، الا انها اشارت الى ان خليفته في منصبه الاميرال مايكل مولين، "كان اكثر صراحة في التعبير عن مخاوفة حول الضغوط التي يتعرض لها الجيش". في المقابل، اكد قائد عسكري اميركي بارز ان اي خفض لعديد القوات الاميركية في المنطقة التي يشرف عليها في العراق هذا العام سيكون "خطوة عملاقة الى الخلف" ستسمح للمسلحين باستعادة معاقل خسروها في معارك شرسة. وصرح الجنرال ريك لينش قائد احدى الفرق العسكرية الاميركية في إحدى مناطق جنوب بغداد المضطربة وسط العراق، ان قوات الامن العراقية لن تكون مستعدة لتولي مسؤولية الامن في المنطقة قبل ربيع او صيف العام المقبل. وقال لينش عبر دائرة فيديو مغلقة من العراق "في منطقة المعارك التي اشرف عليها، اذا غادر الجنود بعد ان قاتلوا بشدة للسيطرة على تلك المنطقة، وحرموا العدو من معاقله، فماذا سيحدث اذا عاد العدو؟". وتابع "سيبدأ (العدو) في انتاج القنابل مرة اخرى، وسيبدأ في مهاجمة السكان المحليين مرة اخرى، وسيبدأ في تصدير هذا العنف الى بغداد. ان ذلك بمثابة القيام بخطوة عملاقة الى الخلف". وتاتي تصريحات لينش بعد يوم من دعوة السناتور الجمهوري المتنفذ جون ورنر، الرئيس الاميركي جورج بوش للبدء في سحب قوة ولو صغيرة من الجيش الاميركي بحلول عيد الميلاد المقبل. الا ان لينش قال انه غير قلق ان يكون الجيش قد وصل الى نقطة حرجة، وقال "لقد حاربنا بشدة وفقد الكثيرون حياتهم من اجل حرمان العدو من معاقله. ونحن نسيطر الان على هذه المعاقل". واضاف "عندما تتقدم قوات الامن العراقية وتقول "حسنا، ها نحن مدربون وجاهزون.ونحن جيش عراقي، ونحن شرطة عراقية" عندها فقط استطيع ان اسلم هذه المعاقل. وهذا لن يحصل في الفترة من الان وحتى عيد الميلاد". الا ان لينش قال "عندما يقترب ربيع وصيف العام المقبل استطيع نقل بعض من مواقعي الى قوات الامن العراقية".