نتيجة لتصاعد الخسائر التي تتعرض لها قوات الاحتلال البريطاني في العراق قدم قادة الجيش البريطاني أمس توصية للحكومة البريطانية بسحب القوات البريطانية من العراق لأنها لا تستطيع أن تفعل أكثر مما فعلته. وأبلغ جنرالات بالجيش - بحسب صحيفة "إندبندنت"- رئيس الوزراء غوردون براون بأنهم بذلوا كل ما في استطاعتهم في جنوب العراق وأن القوة يجب أن تنسحب بدون أي تأخير. وأكد قائد الجيش البريطاني ريتشارد دانات صعوبة نشر أي قوات خارج البلاد مضيفا أن الجيش ينوء بأعباء كبيرة جراء مهماته في العراق وأفغانستان. وأرجع دانات – بحسب هيئة الإذاعة البريطانية - ذلك إلى ضرورة محاولة تحقيق توازن معقول في حياة الجنود بين وقت الانتشار ووقت التدريب ووقت البقاء في الثكنات. وتأتي تصريحات دانات في وقت تتزايد فيه النداءات داخل بريطانيا لسحب جنودها البالغ عددهم 5500 جندي من جنوب العراق وفي وقت تخوض فيه قوة تضم أكثر من سبعة آلاف جندي معارك في جنوبأفغانستان ضد مجاهدي طالبان. ومن جانبه, صرح ستيفن بيدل أحد المستشارين العسكريين للرئيس الأمريكي جورج بوش بأن انسحاب القوات البريطانية سيكون مهينا ومحرجا أمام الميليشيات العراقية الموالية لإيران بحسب قوله. ومن المتوقع أن تنسحب بريطانيا قريبا من قاعدتها بوسط مدينة البصرة بجنوب العراق وتسلم المسؤولية للقوات العراقية – الموالية للاحتلال - تاركة نحو 5000 جندي بريطاني في قاعدة مترامية الأطراف في المطار القريب. في المقابل ردت وزارة الحرب البريطانية بالقول إن المحاولات التي تقوم بها عناصر المقاومة في البصرة لطرد الجنود البريطانيين تبوء بالفشل – بحسب زعمها - فيما ادعت متحدثة باسم الوزارة إن القوات تؤدي عملا ممتازا في العراق. وكان رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون قد أبلغ بوش خلال زيارته لمنتجع كامب ديفد بأن القرار البريطاني بسحب القوات سيعتمد على نصيحة القادة العسكريين. يشار إلى أن 41 جنديا بريطانياً قتلوا في العراق هذا العام – بحسب إحصائيات الاحتلال - وتتجه الحصيلة لتجاوز عدد الجنود الثلاثة والخمسين الذين قتلوا في عام 2003 عندما انضمت بريطانيا إلى القوات الأمريكية في غزو العراق. وعلى نفس السياق وبعد مرور ست سنوات علي العدوان علي أفغانستان كشفت وثائق عسكرية أمريكية أن الجيش الأمريكي أرهق كل قواته المقاتلة وأن خياراته العسكرية ستكون محدودة مستقبلا إذا قرر الرئيس بوش تمديد مهامه في العراق إلي ما بعد الربيع المقبل. ووفقا لما ذكرته وكالة الأسوشتيد برس نقلا عن وثائق ومقابلات مع مسئولين عسكريين فإن جميع الوحدات المقاتلة لجيش الاحتلال الأمريكي والبالغ عددها 38 وحدة تم نشرها في العراق وأفغانستان أو تم تكليفها بالانتشار في هذين البلدين أو أي مكان آخر في العالم. وأوضحت الوكالة أنه لا توجد قوات لاستبدال الكتائب الخمس الإضافية التي أرسلها بوش العام الحالي إلي بغداد. وأضافت الوكالة أن ذلك يقدم لوزارة الحرب الأمريكية خيارات مؤلمة لو أرادت الولاياتالمتحدة الإبقاء علي مستويات عالية من الوجود العسكري فيما بعد ربيع 2008 ومن بين تلك الخيارات استخدام وحدات الحرس الوطني في جدول زمني متسارع وعدم الوفاء بالالتزام العسكري بنشر الوحدات في العراق لمدة لا تزيد علي15 شهرا أو خرق اتفاق إعطاء الجنود سنة كاملة في الوطن قبل إرسالهم مجددا إلي الحرب وفي تطور جديد للتدهور الأمني بالعراق لقِيَ محمد علي الحساني- محافظ المثنى- مصرعه اليوم الاثنين في انفجار عبوة ناسفة في موكبه أدَّت إلى إصابة 5 من حراسه في ثاني حادث من نوعه بعد الحادث الذي وقع قبل أيام وأسفر عن مقتل محافظ القادسية وقائد الشرطة فيها. ويأتي هذا الانفجار استمرارًا لحالة التردي الأمني التي تعيشها المناطق الجنوبية بخاصة تلك التي توجد فيها قوات الاحتلال البريطانية التي أشارت العديد من التقارير الصحفية إلى أنها فقدت سيطرتَها على الجنوب وتحديدًا مدينة البصرة مما جعل تلك المناطق مرتعًا للعصابات المسلَّحة وعمليات تصفية الحسابات بين القوى السياسية الشيعية المختلفة فضلاً عما تتعرض له قوات الاحتلال من نيران المقاومة مما دعا القيادات العسكرية البريطانية إلى أن تطلب من رئيس حكومتهم جوردون براون الانسحابَ بأسرع ما يمكن من العراق. ولا يقتصر العنف في العراق على المناطق الجنوبية فحسب بل يشمل مختلف أنحاء البلاد حيث لقي عشرات العراقيين مصرعَهم وأصيب آخرون في عمليات متفرقة شملت إطلاق قذائف الهاون والاشتباكات حيث لقي 12 شخصًا مصرعَهم وأصيب أكثر من 40 آخرين في قصف ب4 قذائف هاون في منطقة العبيدلي شرق العاصمة بغداد كما ألحق الاعتداء خسائرَ فادحةً بالمنازل والسيارات التي كانت متوقِّفةً في الشارع الذي سقطت عليه القذائف. كما قتل شخص وأصيب 6 آخرون في انفجار قنبلة مزروعة على دراجة نارية بشارع الجمهورية فيما أعلنت الشرطة العراقية اختطاف ركاب إحدى الحافلات المدنية قرب موقف للسيارات عند باب المعظم وسط بغداد وأشارت الشرطة إلى أن العملية تمَّت على يد 10 من المسلَّحين المجهولين الذين اقتادوا جميع ركاب الحافلة تحت تهديد السلاح إلى جهة مجهولة. هذا وقد أصيب عدد آخر في أعمال عنف متفرقة بالعراق في حين اختطف مسلحون 15 مدنيا بوسط العاصمة. وقالت الشرطة العراقية إن نحو عشرة مسلحين أوقفوا في نقطة تفتيش وهمية حافلة تقل مدنيين قرب مرآب باب المعظم بوسط بغداد واقتادوا جميع ركابها تحت تهديد السلاح إلى جهة مجهولة. وفي نفس المنطقة وقعت اشتباكات بين قوات الاحتلال الأمريكي وجيش المهدي التابع لمقتدى الصدر بعد تعرض مركبة أمريكية لهجوم بقنبلة زرعت على إحدى الطرقات. وفي العاصمة أيضا قتل شخص وأصيب ستة آخرون عندما انفجرت قنبلة مزروعة على دراجة نارية بشارع الجمهورية. كما قتل شخص وأصيب ثلاثة في انفجار قنبلة داخل مستودع للقمامة جنوبي بغداد. وعلي صعيد الوضع السياسي أعلنت مصادر عراقية أن القادة السياسيين العراقيين وافقوا علي جدول أعمال القمة المقرر عقدها خلال الأيام القليلة المقبلة وتشارك فيها جميع الطوائف السياسية سعيا لإنقاذ حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من الانهيار. وقال مصدر في الرئاسة العراقية إن الاجتماع- الذي ضمَّ كلاًّ من الرئيس جلال الطالباني ونائبه السنِّي طارق الهاشمي ونائبه الشيعي عادل عبد المهدي ورئيس الحكومة الشيعي جواد المالكي ورئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني- قد ناقش القضايا الخلافية لاتخاذ القرار بشأنها القمة . من جانبه قال طارق الهاشمي في بيان له إنه تم الاتفاق على عدد من المسائل أبرزها البرنامج الذي يجب أن يقدَّم لقادة الكتل السياسية ومن سيحضر الاجتماع منهم؟ ومن المفترض أن تكون تلك الملفات هي ملف التعديلات الدستورية وقانون النفط وقانون اجتثاث البعث وصلاحيات المحافظات. هذا وسوف يصل المالكي اليوم إلي دمشق في أول زيارة له إلي سوريا من المقرر أن تستمر ثلاثة أيام لبحث أزمة اللاجئين العراقيين في الأراضي السورية. وعلى نفس السياق يواصل وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير جولته على القيادات السياسية لمختلف الطوائف العراقية خلال زيارته التي تُعدُّ الأولى من نوعها لوزير خارجية فرنسي منذ العدوان الأمريكي البريطاني على العراق في العام 2003م. وعقب وصوله أمس إلى العراق دعا كوشنير في مؤتمر صحفي ببغداد كلَّ العراقيين إلى إيجاد حلٍّ سياسيٍّ لوقف العنف في بلادهم قائلاً إن الحلَّ بيد العراقيين. وأضاف كوشنير أن بلاده تريد لعب دور كبير في العراق كما أشار إلى أنه يأمل في أن تنجح الأممالمتحدة في لعب دور بارز في الشأن العراقي إلا أنه قال إن ذلك يتوقف إلى حدٍّ بعيدٍ على العراقيين أكثر مما يتوقَّف علينا . وأشار إلى أنه لو كان الأمر يعود لفرنسا لكانت الأممالمتحدة لعبت دورًا أكبر في العراق في انتقادٍ ضمنيٍّ لإقصاء الولاياتالمتحدةالأممَالمتحدة عن الشأن العراقي في بداية الغزو. وقد رحَّبت الولاياتالمتحدة بهذه الزيارة وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوردون غوندرو إنه بعد تعزيز مهمة بعثة الأممالمتحدة في العراق والمؤتمرات الأخيرة مع دول جوار العراق وقرار السعودية فتح سفارة في بغداد وإلغاء الديون العراقية التي تعود إلى عهد نظام صدام حسين فإن الزيارة مثالٌ جديدٌ على إرادة الأسرة الدولية المتزايدة مساعدة العراق حتى يصبح دولةً مستقرةً وآمنةً"!! وفي إطار تحركات القوى الدولية تجاه العراق أعلن وزير الخارجية الإيراني مانوشهر متقي أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قَبِلَ الدعوة التي وجَّهها له رئيس الحكومة العراقية جواد المالكي لزيارة العراق خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها المالكي إلى العراق إلا أن الوزير الإيراني نفى أن يكون الإيرانيون قد اتخذوا قرارًا نهائيًّا حول تلك الزيارة. وفي سياق عراقي آخر أعرب قانونيون وسياسيون أردنيون عن رفضهم إمكانية تسليم بلادهم رغد- الابنة الكبرى للرئيس العراقي الراحل صدام حسين- بعد أن أصدرت الشرطة الدولية (الإنتربول) مذكرةَ "تحريات" في حقِّها تستند إلى مذكرة اعتقال عراقية صدرت ضدها بدعوى ارتكابِها جرائم ضد الحياة وتورُّطِها في "الإرهاب". وقال رئيس كتلة نواب العمل الإسلامي في البرلمان عزام الهنيدي إن الكتلة تحثُّ الحكومة على رفض مذكرة الاعتقال الصادرة عن الإنتربول. واستبعد رئيس لجنة العلاقات بمجلس النواب الأردني محمد أبو هديب- بحسب وكالة الأنباء الألمانية - تسليم الأردن لرغد مبررًا ذلك بأنه ليس لديها أي نشاط إعلامي على الساحة الأردنية فيما امتنعت الحكومة الأردنية عن التعليق.