أكدت الدوائر البريطانية أن الانسحاب البريطانى من العراق فصل كامل ونهائي للقوات البريطانية عن الحرب في العراق. ووصفت الصحف البريطانية ومجموعة الأزمات الدولية في بروكسل الانسحاب بأنه "هزيمة مذلة وكاملة للقوات البريطانية".. ووصفته صحيفة الاندبندنت اللندنية بأنه "نهاية لواحدة من أفشل المعارك في تاريخ الجيش البريطاني". كانت القوات البريطانية قد انسحبت فجرا في جنح الظلام وخلال خمس ساعات فقط من مجمع القصور الرئاسية وسط البصرة ولم يعد لها وجود داخل ثاني كبريات المدن العراقية أو في أي مدينة عراقية أخري. وانحصر وجود القوة البريطانية "5500 جندي" في مطار البصرة استعدادا للانسحاب نهائيا من العراق. كان مقررا ان يجري الانسحاب في أغسطس لكن تأخر بسبب الضغوط الأمريكية التي أكدت ان الانسحاب سوف يكشف ظهر خطوط الإمدادات العسكرية الأمريكية من الكويت.. ويري مراقبون ان قرار بريطانيا أخيرا بمقاومة الضغوط الأمريكية يكشف عن وجود رغبة ملحة لدي جوردون براون رئيس وزراء بريطانيا لاخراج حكومته من الوضع المشوش والمعقد في العراق. ذكر محللون بريطانيون أن قرار مقتدي الصدر بتجميد أنشطة جيش المهدي ووقف الهجمات علي القوات البريطانية كان له دور كبير في تحديد موعد الانسحاب.. وهو ما يشير الي وجود مفاوضات سابقة مع التيار الصدرى لوقف الهجمات أثناء الانسحاب!. في حديث لهيئة الاذاعة البريطانية تجاهل جوردون براون سؤالا حول ما اذا كان الانسحاب يعد هزيمة لبريطانيا وقال: ان الانسحاب يعني التحول من دور "القتال" الي دور تدريب القوات العراقية والتركيز علي اعادة بناء العراق.. وقال ان القوات البريطانية قادرة علي التدخل في ظل ظروف معينة بالبصرة!! وقال انه سيلقي ببيان أمام مجلس العموم يوم 8 أكتوبر القادم حول ما يمكن ان تقوم به بريطانيا في العراق مستقبلا. يأتي انسحاب القوات البريطانية من البصرة قبل اسبوع فقط من تقديم الجنرال ديفيد بترايوس القائد الأمريكي الأعلي بالعراق لتقريره الحاسم عن الوضع الأمني بالعراق ومدي نجاح استراتيجية بوش الجديدة التي تضمنت زيادة القوات الأمريكية في العراق.. والذي ينتظر ان يبلغ فيه الكونجرس ان قواته تحرز تقدما في شمال العراق. كما جاء الانسحاب بعد أيام من تبادل الاتهامات بين القادة البريطانيين والأمريكيين السابقين حول مسئولية الفوضي بالعراق.. مما يعكس حالة من التوتر والخلاف بين واشنطن ولندن.. وقالت صحيفة الاندبندنت أمس انه يبدو ان القرار قد الحق "ضررا بعيد المدي بما تسمي بالعلاقة الخاصة مع الولاياتالمتحدة". في أول تقييم عسكري لمغزي الانسحاب من البصرة قال الخبير البريطاني تيم ريبلي في مجلة جينز العسكرية ان الانسحاب أدي الي "موقف أكثر ايجابية من الناحية التكتيكية" بالنسبة للقوات البريطانية.. لكنه يوسع الهوة بين موقفنا وموقف حلفائنا الأمريكيين.. اننا ننسحب والأمريكيون في موقف الهجوم". أجمع المراقبون الأجانب والعراقيون علي ان الانسحاب البريطاني يعني ترك البصرة تسقط في أيدي ميليشيا جيش المهدي مما يجعل مستقبل المدينة غير واضح وسيكون التنافس علي الاستيلاء علي البترول وبيعه محور الاقتتال، وشكا أمس حكيم البهي عضو مجلس محافظة البصرة والمسئول عن ملف الأمن بالمدينة من خطورة الموقف وقال ان القبائل من السكان يمتلكون أسلحة أفضل من أسلحة قوات الأمن بكثير.. وانه يتوقع حدوث "قدر من الفوضي".