حذَّرت العديد من الأطراف الفلسطينية من استغلال القرار الصهيوني بالإفراج عن 255 من الأسرى الفلسطينيين الموجودين في سجون الاحتلال الصهيوني ضمن صفقةٍ مع رئيس السلطة محمود عباس لتعميق الانقسام الفلسطيني والانسياق وراء المشاريع الصهيونية. وأعرب رئيس الحكومة الفلسطيني إسماعيل هنية عن ترحيبه بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين إلا أنه حذَّر من استغلال الصهاينة لتلك الخطوة في إيقاع الفلسطينيين في فخ سياسي. وقال هنية خلال خطبة الجمعة في مسجد الشيخ أحمد ياسين بحي الشجاعية بغزة إننا نكون سعداء عندما يخرج أي أسير فلسطيني لكننا نحذر من استخدام هذه القضايا كرشاوى سياسية وكأفخاخ على الطريق تحت عنوان النوايا الصهيونية الحسنة. وحذر هنية من حسن النوايا الصهيونية مؤكدًا أنها تستهدف تعميق الشرخ في الوحدة الفلسطينية فهناك عائلات لعشرة آلاف أسير ينتظرون الفرحة بالإفراج عن أبنائهم كما فرحت عائلات ال250 أسيرًا اليوم. من جانبه قال سامي أبو زهري- المتحدث باسم حركة حماس- إن قرار الإفراج عن 250 من أسرى حركة فتح فقط هو استخفاف بالشعب الفلسطيني ومحاولة لتكريس انقسامه. وأضاف أبو زهري أن ما يريده الشعب الفلسطيني ليس الإفراج عن الأسرى الذين انتهت مدد سجنهم أو أوشكت على الانتهاء، مشيرًا إلى أن المطلوب هو الإفراج عن الأسرى المحكوم عليهم بمدد سجن عالية، وأكد أن الإفراج عن الأسرى بهذه الطريقة يمثل "فرصة يستفيد منها الاحتلال لتلميع صورته أمام العالم دون أن يقدم شيئًا حقيقيًّا للشعب الفلسطيني". وشدد على أن تلك الصفقة لا علاقةَ لها بحركة حماس أو مفاوضات تبادل الأسرى بين الحركة والكيان الصهيوني الخاصة بإطلاق الجندي الصهيوني جلعاد شاليط الأسير لدى المقاومة منذ يونيو من العام 2006م نافيًا تصريحات القيادي في فتح زياد أبو عين التي قال فيها إن هناك حوالي 30 من أسرى حماس بين الأسرى الذين تم الإفراج عنهم اليوم. وقال أبو زهري: إن حركة حماس تعتبر الإفراج عن أي أسير "فرحة له ولأهله"، إلا أنه قال إنه من الناحية السياسية فإن "مثل هذه العملية لا تقدم أي شيء؛ لأنها خاصة بفصيلٍ معين، مما يسمح للاحتلال الصهيوني بالتدخل في شئوننا الداخلية وتصنيف شعبنا على معتدل وغير معتدل إلى مرضيّ عنه ومُعاد. من جانبه، أعرب خالد البطش- القيادي في حركة الجهاد الإسلامي- عن تحفظه على الصورة التي تم بها الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين. وقال البطش – بحسب موقع (فلسطين اليوم) - إن سلامة الأسرى وعودتهم إلى أهلهم سالمين أمرٌ يهم حركة الجهاد لكنه قال: إن ظروف إطلاق سراحهم من خلال كيد الاحتلال بتمييز طرفٍ على حساب آخر محاولة لصبِّ الزيت على نار الفتنة مضيفًا أن الصهاينة يطلقون سراح 250 فلسطينيًّا وهم يعرفون أن بإمكانهم اعتقال 250 غيرهم في اليوم التالي. وأضاف البطش أن طريقة إطلاق سراح الأسرى واضحة، وتتمثل في إطلاق كل الأسرى أو قيام المقاومة بأسر جنود صهاينة لاستبدالهم بأسرى فلسطينيين "أما الاستجداء ومحاولة كسب الوقت وخلق ظروف تنافسية يزيد الأمور تعقيدًا، ولا أعتقد أن إطلاق سراح هؤلاء الأسرى سيساعد في إنجاح الحوار والمصالحة". وأكد أن أسر الجنود الصهاينة هو الحل الأنسب لإطلاق سراح الأسرى قائلاً: "نحن نشد على أيدي المجاهدين الذين اعتقلوا شاليط، ونتمنى أن يتمكنوا من إطلاق سراح أكبر عدد من أبناء الشعب الفلسطيني". وكانت كلا من الولاياتالمتحدة قد أشادت بإفراج الكيان الصهيوني عن 255 أسيرا فلسطينيا ورأت في هذه الخطوة مؤشرا إيجابيا للعلاقات الصهيونية الفلسطينية. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض توم كايسي إن واشنطن تأمل أن يكون قرار الإفراج مؤشرا على مزيد من التعاون بين الفلسطينيين والصهاينة وبادرة تمهد لإحراز تقدم بشأن بعض المسائل العالقة التي يواجهونها. وأوضح أن العملية تمت بعد محادثات بين رئيس الحكومة الصهيوني إيهود أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس. من جهتها اعتبرت فرنسا الإفراج "خطوة إيجابية أولى" داعية تل أبيب إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات لدعم السلطة الفلسطينية. وطالب وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر الاحتلال بإعادة فورية للضرائب الجمركية المستحقة للفلسطينيين وفتح معابر قطاع غزة ورفع القيود المفروضة على تنقل سكان الضفة الغربية. وجاءت تلك التطورات بعد تأييد المجلس المركزي لمنظمة التحرير لإجراء انتخابات مبكرة على أن تجرى على أساس التمثيل النسبي الكامل. وإلى جانب ذلك، تقوم الأجهزة الأمنية التابعة لرئاسة السلطة الفلسطينية باعتقال عناصر المقاومة في الضفة الغربية بخاصة أفراد حركة حماس. وفي هذا السياق أصدرت الحركة بيانًا أدانت فيه حملة الاعتقالات المتواصلة التي تجري بحق عناصرها في الضفة الغربية على يد الأجهزة الأمنية التابعة للرئاسة والتي شملت للآن حوالي 390 من أعضاء وعناصر الحركة. وأكدت حماس ضرورة الإفراج الفوري عن جميع المختطفين مطالبةً عباس بأن يقف الموقف المسئول أمام الشعب الفلسطيني وينتهي عن التصرف كمسئولٍ لحزبٍ سياسي ضاربًا بعرض الحائط المسئولية الملقاة على عاتقه كرئيسٍ للسلطة الفلسطينية".