أكدت تقارير صحفية أن سكان مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في طرابلس شمال لبنان دخل في نطاق الكارثة الإنسانية بالفعل ولم يعُد يقف على حافتها كما كان الوضع سابقًا إذ اختفت المواد الغذائية والإنسانية من المخيم بصورة شبه كاملة بسبب عجز هيئات الإغاثة عن القيام بأعمالها جرَّاء تواصل الاشتباكات بين فتح الإسلام والجيش اللبناني منذ 20 مايو الماضي. وقال مسئول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في المخيم سمير اللباني قوله: إن الأشخاص الموجودين بالمخيَّم لم يحصلوا على أي طعام أو مواد غذائية منذ 22 يومًا!! وأكد قائد منطقة الشمال في حركة فتح بلال أصلان نقْصَ المواد الغذائية في المخيم، مشيرًا إلى أن المسئولية تقع على عاتق الطرفين موضحا أن الجيش اللبناني يتشدَّد في دخول المساعدات الإنسانية بسبب استغلال فتح الإسلام للمواقع التي تدخل منها سيارات الإغاثة من أجل إطلاق النار على الجيش وعلى سيارات الإسعاف. ومن جانبها أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه لم يتم إدخال مساعدات إلى المخيم منذ 20 يونيو الماضي وقالت المتحدثة باسم اللجنة فيرجينيا دي لاجارديا إن المحادثات مستمرة مع الجيش اللبناني لإدخال المساعدات. ومن الملامح الأخرى للأزمة الإنسانية في مخيم نهر البارد تأتي الأنباء التي تتحدث عن وجود مصابين في المخيم لا يتلقون العلاج الكافي بسبب عدم وجود مواد الإغاثة؛ مما يرجِّح وفاتهم إذا لم يتلقوا العلاج اللازم، بالإضافة إلى وجود جثث لبعض القتلى من المدنيين وعناصر فتح الإسلام في طرقات المخيم دون نقلها بسبب غياب وسائل نقل ودفن الجثث، كما تهدَّمت مساحاتٌ كبيرةٌ من المخيم جرَّاء الاشتباكات؛ مما دفع الكثير من سكانه ليقولوا إنهم شعروا أنهم في مخيم آخر بعدما شاهدوا حجم الدمار فيه!! وقد دفعت تلك الكارثة آلاف اللاجئين الفلسطينيين إلى المغادرة؛ حيث نزح منه حوالي 40 ألف لاجئ إلى مخيم البداوي المجاور أو العاصمة بيروت ليبقى فيه 5 آلاف فقط يتمركزن في مناطق وسط المخيم التي كانت بعيدةً قبل أيام عن الاشتباكات، إلا أنها بدأت تتعرض للقصف مؤخرًا بعدما لجأت إليها عناصر فتح الإسلام هربًا من نيران الجيش اللبناني. وفيما يتعلق بالوضع الميداني أشارت الأنباء إلى أن 3 من عناصر فتح الإسلام قد لقوا مصرعهم في تجدد للاشتباكات مع الجيش اللبناني، على الرغم من التصريحات اللبنانية السابقة التي قالت إن العمليات العسكرية انتهت في نهر البارد، وإن الجيش يسيطر على 80% من مساحة المخيم. وقالت مصادر في الجيش اللبناني – بحسب الجزيرة - إن بعض عناصر فتح الإسلام حاولت التسلل لمناطق داخل المخيم قرب المناطق التي تخضع لسيطرة الجيش إلا أن الجيش هاجمها فانسحب المسلَّحون إلى عمق المخيم. وأضافت المصادر أن عناصر فتح الإسلام حاولوا التقدم باتجاه بنايات في أطراف المخيم ليتمكنوا من إطلاق النار على الجنود اللبنانيين إلا أن مدفعية الجيش أطلقت النار عليهم وأجبرتهم على التراجع. ويأتي هذا التوتر الأمني فيما يسود الهدوء الوضع السياسي انتظارًا للمؤتمر غير الرسمي الذي ستستضيفه ضاحية سان كلو العاصمة الفرنسية باريس أيام 14 و15 و16 يوليو الحالي بين مختلف الأطراف السياسية اللبنانية لبحث الأزمة. وكان الموفد الفرنسي جان كلود كوسران قد حصل خلال جولته في لبنان على موافقة جميع الشخصيات اللبنانية التي وجَّهت إليها فرنسا دعواتٍ رسميةً إلى الاجتماع، وقد شدد كوسران على حضور اللقاء الذي سيكون بلا جدول أعمال محدد. ونقلت جريدة (السفير) اللبنانية في عددها الصادر اليوم عن الموفد الفرنسي تبريرَه ذلك بقوله إن الهدف الأساسي منه هو "إعادة الحوار وخلْق مناخ من الثقة بين اللبنانيين"، كما عبَّر كوسران عن "ارتياحه للتقدُّم والأجواء السائدة في ضوء نتائج رحلته الثانية". لكنْ على الرغم من ذلك الهدوء النسبي فإن البطريركية المارونية أثارت المزيد من الجدل السياسي ببيانها الشهري الذي صدر مؤخرًا؛ حيث أثارت فيه البطريركية المسألة الطائفية عندما انتقدت ما زعمت أنه "التهميش السياسي المتزايد للمسيحيين"، بالإضافة إلى إعلان البيان عن وجود شعور لدى البطريركية بأن الأزمة السياسية سوف تصل خلال الأشهر القادمة إلى حدِّ الفراغ الرئاسي، محذِّرةً مما يمكن أن يجلبه ذلك من مخاطر "ليس على المسيحيين بل على مجمل مستقبل الوضع اللبناني". وتتفق تلك النبرة الطائفية مع ما كان قد أطلقه الرئيس اللبناني الأسبق ورئيس حزب الكتائب اللبنانية أمين الجميل من تصريحات نارية تعليقًا على أحداث نهر البارد؛ حيث عبَّر عن خشيته على الوجود المسيحي في لبنان الذي زعم أنه "أساس لبنان"!!