كيف نضمن عدم تلوث مياه الشرب بالبترول؟ ومن المسئول عن تكرار تسرب المواد الملوثة لمياه نهر النيل ؟ وما أحدث طرق معالجتها وتلافى مخاطرها ؟.. وغيرها من تساؤلات ومخاوف سادت بين المواطنين مع امتداد بقعة الزيت التى تسربت لمياه نهر النيل بأسوان إلى عدة محافظات حتى بلغت الجيزة والقليوبية . مذكرة لرئيس الوزراء لحماية النيل يحيى جادو نائب رئيس مجلس ادارة جمعية صوت النيل قال لموقع أخبار مصر "تقدمنا بمذكرة الى رئيس الوزراء من حوالي أسبوع لاتخاذ حلول عاجلة لاحتواء المشكلة من خلال إجراءات حاسمة وليس قوانين جديدة ، فالمرحلة الراهنة تحتاج الى البتر اى إيقاف اى مصنع مخالف وسحب ترخيص أي منشأة متجاوزة وتحويل عمليات الصرف الصناعى لاماكن بديلة". كما نبه جادو الى ان التلوث البترولى يعد أخطر انواع التلوث ولابد من تطهير المياه جيدا قبل ضخها الى منازل المواطنين لأن حتى الفلاتر لاتنقى الزيوت ومنتجات البترول . واشار الى واقعة تسرب بقعة زيت يصل قطرها 5 كيلو مترا إلى النيل قبالة سواحل مدينة"البصيلية"شمال أسوان ليست الأولى من نوعها ومازالت نيابة مركز إدفو تحقق فيها . وأكد أنها سبق ان حدثت عدة مرات منها مرة من مصنع بحلوان وللاسف كان يتم حصارها بطرق بدائية بالقش والالواح رغم وجود ماكينات لفصل الزيوت واعادة استخدامها مطالبا بالعقاب الصارم حفاظا على حقوق المواطنة . وشدد نائب رئيس جمعية صوت النيل على أهمية الحفاظ على شريان الحياة الرئيسى خاصة أن مصرأساسا دولة زراعية منوها انه اذا اعتمد البعض على شرب المياه المعدنية ، فبأى مياه يتم الطهى وتناول المشروبات الساخنة ورى المحاصيل وغيرها ، مايفتح الباب لرفع سعر بيع زجاجات المياه المعدنية ومحطات التحلية بالقرى. نزلات معوية تهدد الأطفال وأوضح د.محمود عمرو مؤسس ومستشار المركز القومي للسموم وأستاذ الأمراض المهنية بقصر العيني انه لا خطر على مياه الشرب التي يتم تنقيتها بمحطات مجهزة بالقاهرة والإسكندرية ولكن المخاوف تتركز على المياه المرشحة بمحطات الشمال والجنوب التي تحتاج إحلالاً وتجديدا خاصة بالأرياف موضحا انه لابد من التعامل السريع مع البقعة بالمواد الكيميائية وماكينات الفصل وعدم الاكتفاء بالطرق التقليدية . وأشار الى انه عندما تم تفجير ابار البترول أثناء حرب العراق والكويت وتلوثت مياه الخليج بالبترول ،تم الاستعانة بخبراء ومعدات أميركية لاحتواء الأزمة باستخدام نوع من البكتريا لتحويل المادة البترولية الى حالة سائلة ولو لم يتم التعامل مع التلوث بيولوجيا لاحتاج الأمر الى 10 سنوات لتنقية المياه ، فلماذا لا يتم الاسترشاد بهذه التجربة فى التعامل مع ملوثات النيل البترولية . أما فيما يتعلق بالإضرار الصحية ، فأوضح د.عمرو انها تظهر فى صورة أعراض لنزلات معوية يتضرر منها بالدرجة الاولى كبار السن والأطفال وقد تحتاج الى غسيل معوى خاصة بالمناطق التى تصلها أساسا المياه فى جراكن ملوثة . ولفت الى ضرورة تشكيل وزارة المرافق لجان متخصصة لبحث المشكلة وحلها وتخصيص نقاط مراقبة علي مآخذ مياه محطات الشرب لرصد أي بقع زيت أو سولار. وفيما يتعلق بظاهرة تسمم ونفوق الأسماك مثلما حدث بدمياط ، فاستبعد د.عمرو ان تكون نتيجة التلوث ببقعة الزيت أو السولار لأنها تتمركز عادة فوق سطح المياه ولكن يمكن ربطها بعمليات الصرف الزراعى للسماد واليوريا والأمونيا التى تتسبب فيما يسمى "بالمنطقة الميتة للأسماك"، ويمكن تحويل الصرف عبر أنابيب خاصة لرى الأشجار الخشبية مثلا بدلا من المحاصيل الزراعية . بينما أعلن العميد محي الصرفي، المتحدث الرسمي باسم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي أنه لا داع للقلق عند ظهور بقع زيت بالقاهرة لأن المحطات لا تسحب المياه من سطح النهر الموجود فيه البقع الزيتية ، بل تأخذها من منفذ المياه الذي يوجد على عمق نحو 6 أمتار، وفى حال ثبوت إختلاط عينة المياه بالزيت يتم على الفور غلق طلمبات السحب من هذا المآخذ وبعد ثبوت صلاحية العينة يعاد تشغيل طلمبات السحب حيث توجد طلمبات قوية ببعض المحطات مثل محطة روض الفرج. وأضاف أن مسئولية الشركة تتركز فى مراقبة وتأمين منافذ المياه بالأعماق من تسرب أي ملوثات ،مؤكدا انه يتم الاسراع بغلق أى محطة مياه فور ظهور أى مؤشرات لتسلل المواد البترولية اليها ويتوقف ضخ مياه الشرب حتى يتم التحليل الدوري للمياه للتأكد من عدم وجود ملوثات كل نصف ساعة. وأوضح الصرفى أن كل محطة المياه لديها مخزون يكفيها لمدة 6 ساعات، لحين اعادة تشغيل المحطات واستئناف ضخ المياه حيث تتوافرخزانات بها إحتياطى من المياه المعالجة والجاهزة للضخ فوراً لتأمين وتلبية إحتياجات المواطنين من مياه الشرب خلال فترة توقف سحب المياه من مآخذ المحطة . عقوبة غير رادعة وعن العقوبة القانونية ، قال المستشار القانونى عماد عبد المقصود المحامى بالنقض إن مشكلة القانون ان العقوبة عادة تكون الغرامة المالية والتى مهما بلغت قيمتها لا تعادل تلويث نهر النيل والاضرار بصحة شعب، ما يستلزم التعويض حال اثبات الضرر منبها الى ضرورة تشديد العقوبة سواء على المصانع أو المحال أو السفن التى تصرف المواد الملوثة بمياه النيل ،والأهم أن يتم رصد هذه المخالفات فى وقتها من خلال قناطر المراقبة للتمكن من اثبات الجريمة وتحديد مرتكبها . وأوضح عماد عبد المقصود أن المادة ( 90 ) من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994تنص على انه يعاقب بالغرامة لاتقل عن 50 ألف جنيه ولاتزيد عن 150 ألف جنيه كل من ارتكب أحد الافعال الاتية : تصريف أو القاء الزيت أو المزيج الزيتى أو المواد الضارة فى البحر الاقليمى أو المنطقة الاقتصادية بالمخالفة لمادتى 49 و60 من قانون البيئة ، وعدم الالتزام بمعالجة ما يتم صرفه من نفايات ومواد ملوثة أو عدم استخدام الوسائل الآمنة التى لايترتب عليها الاضرار بالمخالفة للمادة 52 والقاء مواد اخرى ملوثة للبيئة . أما قانون حماية نهر النيل والمجارى المائية من التلوث رقم 48 لسنة 1982 ، فتنص المادة (2 ) منه على انه يحظر صرف أو القاء المخلفات الصلبة أو السائلة أو الغازية من العقارات والمحال والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية فى مجارى المياه على كامل مسطحاتها إلا بترخيص من وزارة الرى . وتنص المادة (7 ) على انه يحظر على الوحدات النهرية المتحركة والمستخدمة للنقل أو السياحة أو غيرها السماح بتسرب الوقود فى مجارى المياه . وتنص المادة 16 على انه مع عدم الاخلال باحكام قانون العقوبات ،يعاقب على مخالفة المواد 3،1 ،4 ،5 ،7 من القانون والقرارات المنفذة له بالحبس مدة لاتزيد عن سنة وبغرامة لاتقل عن 500 جنيه ولا تزيد عن ألفى جنيه أو احدى العقوبتين.