بمرور مزيد من الايام على أحداث مخيم نهر البارد (والتي لا تزال تتفاعل) يتضح المزيد من الحقائق او ربما الملاحظات المحيطة بها .. والتي تستحق الوقفة حولها. لما لها من تداعيات وارتباطات مع الحدث نفسه من جهة، ومع آثاره المترتبة على قضايا شائكة: لبنانية داخلية، وفلسطينية داخلية ايضا، ولبنانية فلسطينية .. من جهة أخرى! يسترعي الانتباه: كيف تمكن مقاتلو (فتح الاسلام) من إدخال اسلحتهم الوافرة الى المخيم المعني، في الوقت الذي تقف فيه (نقطة) ثابتة للجيش اللبناني على أبواب المخيم، والتي لها مهمة اساسية واحدة: منع الاسلحة من الدخول للمخيم (كما في حالة كل المخيمات الفلسطينية الاخرى! ويسترعي الانتباه ايضا. الانتشار الكثيف لاعضاء (فتح الاسلام) في مدينة طرابلس، ان في استئجار شقق عديدة فيها. او في ايصال السلاح الى هذه الشقق او إلى اماكن اخرى في المدينة! هذا في الوقت الذي وضعت فيه هذه الجماعة على مشرحة الجيش والمخابرات اللبنانية بعد صدامات واعتداءات عديدة في الاشهر الماضية بينها وبين الجيش اللبناني؟ ويسترعي الانتباه ايضا كيف تمكنت هذه الجماعة من تثبيت اقدامها (بل ترسيخها) في مخيم نهر البارد على مسمع ومرأي من كل التنظيمات الفلسطينية المتواجدة في المخيم منذ عقود، وهي (الجماعة) تطرح افكارا سلفية بعيدة عن البرنامج الوطني الفلسطيني، وكذلك فإن غالبية اعضائها من الجنسيات غير الفلسطينية .. كما يسترعي الانتباه والوقفة .. ان هذه الجماعة طرحت انها جاءت للدفاع عن (السّنة) في لبنان قبل قتالها للصهاينة والاميركيين (حسب تعبيرها) .. اي انها ارادت ان تفهم باعتبارها جزءا من المعادلة اللبنانية! وكيف انتقل كثيرون من اعضائها من مخيم (عين الحلوة) القريب من صيدا الى مخيم (نهر البارد) في الشمال اللبناني، ومن هي الجهة التي عملت على تسهيل هذا الانتقال؟ وكيف وكيف.. والكثير من الاسئلة الأخرى! من جهة ثانية .. كان ملاحظا ان السرعة الفائقة التي تمت من خلالها عملية الدعم العسكري الاميركي للجيش اللبناني بواسطة الطائرات الناقلة العسكرية .. قد أريد لها ان تتم في الوقت الذي كانت فيه أروقة مجلس الأمن تتداول في مشروع قرار دولي بإنشاء (محكمة دولية) وفقا للفصل السابع (العقوبات)، ومباشرة بعد بدء احداث مخيم نهر البارد مع العلم ان (33) يوما من الحرب الصهيونية تواصلت على لبنان، وعلى جيشه في الثكنات (وقد استشهد العديدون من الضباط والجنود اللبنانيين) .. لم تكن كافية للولايات المتحدة لتقديم العون العسكري للجيش اللبناني، بل ان الإدارة الاميركية عملت على استمرار اطلاق النار، وكانت ضد اعتماد قرار بوقف اطلاق النار، بل حثت اسرائيل على الاستمرار في عدوانها وحربها على لبنان وتدميرها للبنية الاساسية ولمواطنيه الابرياء واقتراف المجازر العديدة كما في قانا؟! ما الذي يعنيه ذلك ببساطة شديدة ودون أي لبس ذلك يعني ان الولاياتالمتحدة واسرائيل وحلفاءهما.. يريدون تحقيق الهدف الذي عجزت اسرائيل عن تحقيقه في الحرب التي شنتها بواسطة صراعات داخلية لبنانية تتكئ على سبب فلسطيني .. وهو ما من أجله تم بث الروح في جماعة (فتح الاسلام) بهدف الوصول الى حرب وصراع داخلي لبناني، يطرح فيما يطرح من أجل انهائه .. سحب السلاح من الاطراف المتصارعة بما في ذلك سحب سلاح المقاومة اللبنانية (حزب الله) والمعد فقط لمواجهة الاعتداءات الاسرائيلية ، وليس للاستعمال في الشأن الداخلي اللبناني ، كما أوضحت المقاومة في تصريحاتها ! على صعيد آخر .. تسترعي الانتباه ، هذه الحملة المركزة والممنهجة على تصريحات حسن نصر الله .. فما كاد ينتهي من الخطاب الذي ألقاه بمناسبة ذكرى التحرير (وبالفعل لم تمض سوى بضع دقائق على انهاء الخطاب) حتى كانت تصريحات الادانة والتغرير بالحزب وبرئيسه تنطلق من أفواه لبنانية قيادية كثيرة .. حاولت التصوير بان الامين العام للحزب لم يدن الاعتداء على الجيش اللبناني .. وكأنه يقف مع الارهاب .. وكأنه من أنشأ هذه الجماعة ! كذلك فإن الذين وراء أمور هذه الحملة جعلوا من أنفسهم أوصياء على الجيش اللبناني دون غيرهم من اللبنانيين ، وتناسوا الاعتداء على دورية للجيش اللبناني ومنذ شهرين من قبل أحد التحالفات اللبنانية ! تناست هذه الافواه ما أعلنه نصر الله من ان الجيش اللبناني يعتبر خطا أحمر (بما يتضمنه ذلك من تنديد ضمني للاعتداءات التي تعرض لها هذا الجيش) ، تماما مثلما اعتبر المخيم خطا أحمر (بما يتضمنه ذلك من وقوف مع المدنيين الفلسطينيين بما يتعلق بعدم قصفهم وترويعهم وقتلهم) نسي المنتقدون حساسية الموقف الذي يشعر به أمين عام حزب الله وخاصة في المعادلة المذهبية المقيتة : سني وشيعي ، وان تنظيم (فتح الاسلام) يطرح نفسه المدافع المغوار عن السنة ! بقي القول : ان كل هذه الاحداث .. الملاحظات .. لها دور كبير في عملية الاستنتاج فيما يتعلق باحداث نهر البارد و(فتح الاسلام) ، فعلى ما يبدو ان هذه الاحداث ليست ضيقة النطاق ، بل تتوسع يوما بعد يوم ، وان وراء الاكمة .. ما وراءها . * كاتب فلسطيني