بقلم: علي عقلة عرسان لقد استؤنف الصدام عملياً بين فتح وحماس وسال الدم ، والكيان الصهيوني أخذ يشن العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة ويدخل معركة بدأها بالطيران، ويتم ذلك في الوقت الذي تخوض فيه حماس وفتح اقتتالاً كريها مؤلماً ضاغطاً على وجدان كل عربي ومسلم وشريف في العالم كله، وهو اقتتال يضعفهما بمواجهة العدو وأعوانه والمخططات المرسومة لتصفية قضية الشعب الفلسطيني ومقاومته.. اقتتال يحقق بعض أهداف العدو ولا يحقق لأي من المتقاتلين هدفاً بالمعنى الوطني والقومي والإسلامي والإنساني.. فهل بدأ فصل جديد من فصول المحنة الكارثة والامتحان العبثي في الساحة الفلسطينية؟ وما هي آفاقه وتأثيرات العرب فيه؟. ينبغي ألا نحمل المسؤولية للعدو لأن العدو في أي معركة وفي أي مكان وزمان يريد هزيمة خصمه، ومن ثم لا تُنتظر من عدو خير ولا الرحمة، وفي وضعنا مع العدو الصهيوني علينا أن نتوقع دائماً أسوأ درجات الشر والجريمة والإرهاب والغدر والانحطاط ، وأحط ما يمكن أن ينتج عن بشر .. ولأن الشر وانعدام القيم والخلق طبيعة الصهيوني وإذا لم يمارسها ارتد سمه لجسده ، وهو الآن في وضع لا يحسد عليه ويكاد سمه يرتد على جسده ولذلك يسرع في التوجه نحو الآخرين .. إن حكومته وجيشه في تمزق وترهل ومهانة داخلية بعد نتائج عدوانه على الشعب اللبناني ومقاومته/ 12 يوليو 16 أغسطس 2006/ وهزيمة المقاومة الباسلة له ، وبعد صدور تقرير لجنة فينوغراد التي أقرت بهزيمة الجيش ووجهت الاتهامات ووضعت الإشارات حول مستوياته القيادية، السياسية والعسكرية، وهي قيادات تريد أن تستعيد ثقة وحضوراً تكتب سطورهما بدم العرب حسب العادة، وها هي تتجه نحو غزة. إن الظروف الآن مهيأة للأسوأ ولاحتمالات عدوان صهيوني يتوسع ليعيد شيئاً من التماسك والثقة والاستقرار والاطمئنان للداخل اليهودي المتداعي في فلسطينالمحتلة.. وطريق العدو لذلك كانت وما تزال القيام بعدوان لشد الداخل وصرف النظر عن المشكلات وجعل العرب يدفعون قيمة الفواتير. وقد كان يهيئ برنامج دعاية عالمي ليمهد لعدوان أوسع من دائرة غزة.. عدوان على حزب الله في لبنان وعلى سورية وربما على إيران. إنه لا يستطيع القيام بكل ذلك دفعة واحدة في وقت يتردى فيه حليفه الأميركي في مستنقعات في العراق وفي مآزق داخلية، وحربه قد تكون غير مضمونة النتائج في ضوء ما استخلصه من دروس العدوان الأخير على لبنان .. ولكن الكيان الصهيوني وحليفه الأميركي .. لكن اولمرت وبوش ، لا يتورع أي منهما عن ارتكاب الحماقة عندما يغيب العقل وتتناثر مقومات الرؤى الصائبة والأفكار الصحيحة وقد جُبل على الحماقة والشر والعدوان والغطرسة العنصرية .. إنهما الآن في الوضع الحرج ويملكان سلاحاً ذا قوة تدميرية هائلة، ويريدان ترويج مشروع العدوان في العالم لأسباب وغايات أشرت إلى بعضها قبل قليل. فهل يعي المتقاتلون في غزة حقيقة الأمور وتوجهات تيار الفعل التآمري الآن في المنطقة ومداه؟ هل يعرفون أن المقاومة: " حماس والجهاد ومن يقاوم العدو من صقور فتح أو كل صقور فتح ، وكل من يقول بالصمود في وجه العدو والتصدي له ولعملائه ، ومن يدعو إلى دعم المقومة والتشبث بحق العودة والتمسك بالقدس وبدولة فلسطينية ذات قيمة وقوام.. أن كل أولئك أعداء ليس للأميركيين والصهاينة فقط بل لبعض العرب ولفلسطينيين باعوا أنفسهم للشيطان؟ إذا كان أولئك يعون ذلك ويعرفونه، وأنا متأكد من أن كثرة منهم تعرف ذلك وتعيه ، فلماذا الغرق في المستنقع الدموي المعَد للمقاومة وللشرفاء من أبناء فلسطين؟ لماذا يستنزف السلاح الفلسطيني الدم في غزة والضفة الغربية بأيد فلسطينية وقدرات فلسطينية بينما يحرِّم اللغو الفلسطيني فقط إراقة الدم الفلسطيني والاقتتال الفلسطيني، ويفرح العدو بذلك ويدفع من يقومون به إلى مزيد من الموت والضعف والمهانة بنظر شعبهم وأمتهم والعالم ؟ لماذا يخوض الأخوة حرب العدو على أنفسهم وقضيتهم ومشاريعهم الوطنية ووجودهم ذاته؟ هل من أجل السلطة.. سلطة حماس أو سلطة فتح أو سلطة من يشتهي السلطة؟ إن السلطة غاية ومركب نجاة وبيت ومفتاح بنظر من يجد نفسه غارقاً في رهاناتها والتحديات المطروحة بشأنها.. ربما كان ذلك كذلك.. نعم ربما كانت السلطة ذلك وأكثر منه.. ولكن السلطة ليست أهم من بقاء المقاومة وبقاء القضية والشعب وحقوقه وآماله بتحقق تلك الحقوق. إن الوجود في السلطة لن يحمي المقاومة، وقد كبلها في وقت من الأوقات وألزمها ما لا يلتزم به المقاومون. ومن يأتي بديلاً متفرداً لسلطة في موقعها من أبناء فلسطين قد لا يرحم المقاومة التي يتنافس معها ويقاتلها وقد يحلل دمها، ولن يعفيها من المساءلة والمتابعة وربما الملاحقة.. فمن يرفع السلاح ويطلق النار يعرف النتائج المترتبة على ذلك والحدود التي يفتحها الرصاص والدم والمراق. قد تشارك عناصرُ من فريق سلطة تفتح النار على المقاومة ، العدو الصهيوني في حربه على المقاومة، سراً أو علناً.. وقد حدث شيء من هذا في تاريخ المقاومات وفي تاريخ المقاومة الفلسطينية ذاتها .. ولكنه سيكون من يشارك العدو الخوض في دم الشعب الفلسطيني ومقاومته مكشوفاً أمام الشعب والأمة ، وفي هذه الحالة قد يسقطه الشعب ولن يرحمه التاريخ. إنه يقوم بدور اختاره أو كلف به ولن يكف عن القيام بذلك الدور. ويبقى السؤال ملقى على العقلاء والمسؤولين ومن يحملون رسالة الشعب وهمّ القضية ووجدان الأمة .. فهل نفتح معركة داخل الجسد وأخرى على الجسد كله الذي يستهدِفه العدو بصور مختلفة من العدوان المباشر والملاحقة المستمرة والإبادة المادية والروحية وشراء الضمائر وإفساد مناخ الأداء التحرري والتحريري؟ هل يقبل أحد من فلسطيني يقع تحت الاحتلال أو يعاني من ظلمه وقهره ونتائجه ، أياً كان موقع ذلك الفلسطيني وموقفه وحجَّته، أن يسوِّغ الاقتتال الداخلي المدمّر أو أن يتفرج عليه؟ يا إخوتي في غزة .. مؤلم قتلكم بيد العدو وأشد منه إيلاماً ووقعاً في النفس اقتتالكم وإراقة دم بعضكم بعضاً بسلاح هيأتموه للحرية والتحرير والدفاع عنت الأرض والنفس والحق .. مؤلم ما نتابعه عنكم وما يصلنا من أخبار مثل اشتعال النار.. مؤلم صمت الأمة وتفرقها وموالاة البعض منها لعدونا.. عدوكم.. مؤلم حالنا وحالكم.. فلا تزيدوا الطين بِلَّة. وجهوا سلاحكم وجهته الصحيحة ، وواجهوا عدوكم الأول، وخوضوا معركتكم الأساس، ولا تخوضوا معركة العدو ضدكم بأنفسكم بدلاً منه، فلتصوبوا حرابكم إلى عدوكم لا إلى نحوركم، ولا يقتلن بعضكم بعضاً ولا تريقن دمكم بأيديكم، وارحموا أنفسكم وشعبكم وأطفالكم ومن يعنيه أمركم وأمر قضيتكم ومستقبلكم. وتفرغوا لمواجهة المحنة والامتحان وعدوكم عدو الناس والقيم والإنسانية والحياة.. وخذوا بالحكمة والعقل والعلم فإن الغي أعمى والحق مبصر والمنطق بصير. واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا.. و" إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم".