أصدرت إحدى المحاكم في مصر الاثنين، حكماً يؤيد قرار الرئيس حسني مبارك يقضي بإحالة 40 قيادياً وعضواً بجماعة "الإخوان المسلمين" إلى القضاء العسكري، على خلاف حكم سابق أصدرته محكمة أخرى نحو أسبوع، يرفض قرار الرئيس المصري. الحكم الجديد صدر عن دائرة "فحص الطعون"، والتي تتألف من أربعة قضاة بالمحكمة الإدارية العليا، والتي كانت تنظر طعناً تقدمت به الحكومة، ضد حكم صدر عن محكمة القضاء الإداري، والتي تتألف من سبعة قضاة، بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بإحالة أعضاء الجماعة إلى محكمة عسكرية. وقالت محكمة القضاء الإداري، في حيثيات حكمها، الذي أصدرته في الثامن من مايو الجاري، إن "الدستور المصري والقانون الدولي يوجبان محاكمة كل متهم أمام قاضيه الطبيعي." وقالت المحكمة إن "سلطة رئيس الدولة في مجال إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية ليست سلطة مطلقة، بل إنها تخضع لرقابة القضاء، كما أنها مشكوك في دستوريتها، لوجود دعوى لإبطالها منظورة أمام المحكمة الدستورية العليا، منذ أكثر من عشر سنوات." ورغم أن أحكام القضاء الإداري واجبة التنفيذ فور صدورها، فقد قامت الحكومة بالطعن في الحكم، أمام "دائرة فحص الطعون"، والتي تختص بإصدار أحكام عاجلة بوقف تنفيذ أحكام محكمة القضاء الإداري، إذا رأت فيها ما يخالف القانون، أو يجافي أحكاماً صادرة من المحكمة الأعلى. كما تقدمت الحكومة بدعوى أخرى أمام محكمة "الأمور المستعجلة"، والتي حددت جلسة 19 مايو/ أيار الحالي، لنظر الدعوى التي تطالب فيها الحكومة بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري. وعادة ما تقضي محاكم الأمور المستعجلة ب"عدم اختصاصها بنظر أحكام محاكم القضاء الإداري"، وتعيد الأوراق إلى المحكمة التي أصدرت الحكم، بحسب مصادر قضائية. وفي حكمها الذي أصدرته اليوم الاثنين، قالت دائرة فحص الطعون مستبقة قضاء الإدارية العليا إن "حكم القضاء الإداري صدر على خلاف الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا، والمحكمة الدستورية العليا، مما يرجح إلغاؤه عند نظر موضوع الطعن أمام المحكمة الاستئنافية، وهي المحكمة الإدارية العليا." وبعد صدور الحكم، قال محامي جماعة الاخوان عبد المنعم عبد المقصود للصحفيين "فوجئت هيئة الدفاع بهذا الحكم الذي يخالف المبادئ القانونية، كيف يكونون الخصم والحكم في نفس الوقت." وأوضح أن حكم دائرة فحص الطعون صدر رغم تقديم أقارب عدد من المحالين للمحاكمة العسكرية، دعويين أمام محكمة القضاء الإداري، يطلبون فيهما وقف ندب قضاة المحكمة الإدارية العليا للعمل في مؤسسات الدولة، وخاصة رئاسة الجمهورية، قبل نظر طعن الحكومة. وكان رئيس محكمة القضاء الإداري المستشار محمد الحسيني اعتبر في حيثيات الحكم الملغى أن المحكمة العسكرية لا توفر محاكمة عادلة للمتهمين، وأن سلطة رئيس الدولة في إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري ليست مطلقة. ويقول المدعون إن انتداب قضاة المحكمة للعمل في جهات حكومية، إلى جانب أعمالهم، قد يمنعهم من إصدار أحكام عادلة، لكن الدائرة قالت إن الدعويين أقيمتا بعد أن أقامت الحكومة دعواها لوقف تنفيذ حكم القضاء الإداري. وهذه هي المرة الأولى التي سيمثل فيها أعضاء بجماعة الاخوان المسلمين أمام القضاء العسكري منذ 7 سنوات. وكان مبارك قد صرح في يناير الماضى أن الإخوان خطر على أمن مصر وان صعود تيارهم يهدد بعزل أكبر دولة عربية سكانا عن العالم. وقد أعقب ذلك وضع مئات من أعضاء الجماعة رهن الاحتجاز في الوقت الحالي. ومنذ سنوات تحتج أحزاب معارضة ومنظمات حقوقية على إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية لكن "قرارا جمهوريا" صدر في فبراير الماضي بإحالة الشاطر والآخرين إلى محاكمة عسكرية بدأت يوم 26 أبريل. ويحاكم خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين والقيادى ذو الثقل الاقتصادى الكبير فى الجماعة, وأعضاء آخرون بتهم من بينها غسيل الأموال والإرهاب. وكانت الشرطة قد ألقت القبض على الشاطر و139 من القياديين والنشطين في الجماعة أغلبهم طلاب بعد استعراض أجراه العشرات من طلاب الجماعة في جامعة الأزهر مما أثار تساؤلات بشأن ما إذا كانت لدى الجماعة تشكيلات شبه عسكرية. وكان البرلمان المصرى قد أقر في أبريل الماضي تعديلا قانونيا يقضي بإنشاء محكمة استئناف عسكرية لنظر الطعون في الأحكام الصادرة من القضاء العسكري ضد العسكريين أو المدنيين. جاء ذلك في إطار تعديلات دستورية أقرت في مارس الماضي وتضمنت المادة 179 التي تتيح لرئيس الجمهورية إحالة المتهمين بقضايا ما يسمى الإرهاب إلى محاكم استثنائية بما فيها المحاكم العسكرية. وقد ردد أقارب المتهمين هتافات ضد المحكمة عقب النطق بالحكم منها "ربنا ينتقم منكم"، و"حسبنا الله ونعم الوكيل".