عاطف عبد الجواد الأميركيون يعشقون السلاح ويموتون بالسلاح. ليس في ميدان الحرب بل في شوارع المدن والقرى المسالمة. أميركا مدججة بالسلاح. هي تأتي في المركز الأول بين كل دول العالم في عدد الأسلحة التي يحملها الناس. هناك 84 مسدسا او بندقية لكل مائة شخص في أميركا. أي أن 84 في المائة من الأميركيين يحملون السلاح في جيوبهم، في سياراتهم أو في بيوتهم. اليمن تأتي في المركز الثاني في هذه الاحصائية التي اجراها معهد الدراسات الدولية في سويسرا عام 2003. في اليمن يوجد 50 سلاحا لكل مائة شخص. أما في الدول الأوروبية فتنخفض هذه النسبة إلى 17 في المائة لكل مائة شخص. لماذا يعشق الأميركيون السلاح؟ هناك أكثر من غرض للأسلحة في الولاياتالمتحدة. البعض يستخدمها في هواية الصيد الشائعة في المناطق الريفية. وهناك من يستخدمها في الدفاع عن النفس بالنظر الى تفشي جرائم العنف في أميركا. ولكن السبب الأصلي والتاريخي هو حماية أميركا من فساد واستبداد الحكومة. كيف؟ في التاريخ الأميركي أراد الآباء المؤسسون وواضعو الدستور الأميركي ضمان حماية الجمهورية الوليدة من الدكتاتورية والفساد. فقرروا أن لكل ولاية أميركية الحق في تشكيل الحرس الوطني الخاص بها. في التاريخ كانت هذه القوة المسلحة تسمى بالميليشيات النظامية. الدستور الأميركي ينص على أن وجود ميليشيا حسنة التنظيم ضروري لأمن أية ولاية. هذه الميليشيا المسلحة حسنة التنظيم هي اليوم قوة الحرس الوطني التي تساعد في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية. وهي القوة التي تحارب بعض وحداتها اليوم مع الجيش الأميركي في العراق. لكن الأميركيين على مر الزمن نسوا أن واضعي الدستور كانوا يقصدون السلاح في أيدي قوة منظمة وليس في أيدي الأفراد. استطلاع جديد للرأي يوضح أن 65 في المائة من الشعب الأميركي يؤيد حق المواطن العادي في حمل السلاح لأن الناس لا تزال تعتقد أن حمل السلاح حق دستوري. الحزب الديموقراطي ضد حمل السلاح. وهناك مخاوف بين الديموقراطيين من أن يفقدوا جزءا من شعبيتهم الراهنة لو أنهم طالبوا بقيود على حمل السلاح. الرئيس السابق كلينتون، وهو ديموقراطي ، حاول تقييد حمل السلاح وأخفق بعد أن واجه معارضة قوية. انتهى به الأمر إلى فرض قيود طفيفة لا قيمة عملية لها. الجمهوريون يؤيدون حمل السلاح. بعد مذبحة جامعة فرجينيا تيك في الأسبوع الماضي ( طالب قتل أكثر من ثلاثين من زملائه ثم قتل نفسه) أعرب الرئيس بوش، وهو جمهوري ، عن الأسى للفاجعة ولكنه ذكر الأميركيين بأن حمل السلاح حق دستوري. كثير من الناس في أميركا والعالم أعربوا عن صدمتهم لما قاله الرئيس. ففي مثل هذه الظروف المفجعة كان يمكن للرئيس وحكومته أن يبدأ جهدا لفرض قيود قوية على حمل السلاح أو لتعديل الدستور. في الكونغرس اليوم أغلبية ديموقراطية تعارض حمل السلاح وكان يمكن للرئيس أن يعمل معها لتعديل الدستور. لكن المعارضة أقوى من الكونغرس ومن الرئيس ومن أسر ضحايا القتل في أميركا. وهذا موضوع الغد.