الأرقام التي نشرها مكتب الإحصاءات في وزارة العدل الأميركية هذا الأسبوع توضح أن عدد المسجونين في الولاياتالمتحدة أكبر منه في اية دولة اخرى في العالم. هذا العدد هو مليونان وثلاثمائة ألف شخص. وتقول منظمة حقوق الإنسان هيومان رايست ووتش إن هذه الأرقام ليس فيها جديد لأن عدد المسجونين في الولاياتالمتحدة هو الأعلى في العالم منذ سنوات عديدة، وهو اعلى بنسبة 5 الى 10 في المائة منه في بقية الديموقراطيات الغربية. الجديد هو ان الزيادة مستمرة وان العدد بلغ اليوم اعلى مستوى له في التاريخ الأميركي. هيومان رايتس ووتش تصف الولاياتالمتحدة بكونها اكبر سجان في العالم. معدل المسجونين في اميركا هو 762 مسجونا من بين كل مائة الف شخص، مقارنة بمائة واثنين وخمسين مسجونا في بريطانيا ومائة وثمانية مساجين في كندا وواحد وتسعين مسجونا في فرنسا وسبعة وثمانين مسجونا فقط من بين كل مائة الف شخص في مصر. اسباب هذا العدد الكبير من المسجونين في الولاياتالمتحدة يشرحها ديفيد فتحي مدير القسم الأميركي في منظمة هيومان رايتس ووتش. من هذه الاسباب ما يصفه ديفيد برواسب العنصرية في المجتمع الأميركي ضد الأقليات خاصة السود. في الشهر الماضي اصدرت هيومان رايتس ووتش دراسة اوضحت ان احتمالات حبس رجل اسود بتهمة المخدرات اعلى اثتني عشرة مرة من احتمالات حبس رجل ابيض، رغم ان معدل استخدام المخدرات هو نفسه بين السود والبيض. اي ان الرواسب العنصرية تدفع الشرطة الى مداهمة وتفتيش منازل وسيارات واحياء السود، بمعدل اكبر من مداهمتها منازل وسيارات واحياء البيض. وبالتالي ينتهي الأمر بالقبض على عدد اكبر من السود وتقديمهم للمحاكمة. الأرقام توضح ايضا ان 11 في المائة من إجمالي عدد السود بين سن الثلاثين والرابعة والثلاثين في اميركا محتجزون وراء القضبان في السجون الأميركية. ومن الأسباب الأخرى ايضا ان فترة احكام السجن في اميركا هي اطول منها في اية دولة اخرى في العالم. كما أن القضاة في كثير من الولايات الأميركية ليست لهم صلاحية تخفيف الحكم او العقوبة في المخالفات الصغيرة، فينتهي بهم الأمر الى الالتزام بالحد الأدنى من الأحكام المقررة ، وهذا الحد الأدنى في الغالب يشكل فترة حبس طويلة لا تتناسب مع صغر الانتهاك. وتقول منظمة هيومان رايتس ووتش ايضا إن تهمة استخدام المخدرات في الولاياتالمتحدة تحمل معها عقوبة السجن بينما في اوروبا يحال المدمن الى مصحات طبية للعلاج. بعض الأميركيين يرون في عدد المسجونين العالي ميزة وليس عيبا. ويقول هؤلاء إن العدد الكبير يعني ان القانون في الولاياتالمتحدة ينفذ بصرامة اشد منه في اية دولة اخرى في العالم. ليس في اميركا ذريعة: معلهش ، أو سامحني هذه المرة ، أو أنا عندي اولاد الله يسترك. المبدأ بسيط هنا: إذا اكسرت القانون سوف تدخل السجن ، وإذا اردت ان تتحاشى السجن يجب ان تحترم القانون. لكن هناك البعض الآخر الذي يرى شيئا يثير الانزعاج في ارتفاع مستوى العنف في المجتمع الأميركي. ويقول هؤلاء إن مستوى جرائم العنف في الولاياتالمتحدة يتغلغل في المجتمع ويشكل آفة تبتلى بها البلاد. وتقول احصاءات وزارة العدل الأميركية ايضا إن المسجون الواحد في السجون الأميركية يكلف الخزانة العامة حوالي عشرين الف دولار سنويا. وتقول هيومان رايتس ووتش إن اصلاح نظام السجون واصلاح نظام العدالة في اميركا يمكن ان يوفر اموالا طائلة تمس حاجة المجتمع اليها. ويمكن انفاق هذه الأموال لتحسين التعليم والصحة وفرص العمل والأحوال المعيشية ، مما يسهم في الحد من معدلات الفقر والجريمة. احصاءات وزارة العدل الأميركية توضح ايضا ان واحدا من بين كل ثلاثين أميركيا هو إما في السجن، او خرج لتوه من السجن، او افرج عنه بكفالة، او يمضي فترة اختبار لحسن السير والسلوك. واحد من بين كل ثلاثين اميركيا له صلة مباشرة او غير مباشرة بنظام السجون. غدا عندما أمشي في شوارع وشنطن سوف يمر بي في الطريق ثلاثون شخصا. الشخص رقم 31 كان في السجن. ياله من شعور مريح، مريح.