تنفيذا للخطة الأمنية التي اتفق على تطبيقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة إسماعيل هنية في محاولة لوقف حالة الانفلات الأمني في الشارع الفلسطيني بدأت قوات الأمن الفلسطينية بالانتشار في مدينة غزة وضواحيها . وقال نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لحركة فتح إن قوات الأمن التي ارتدت زيا موحدا ستدعم من قبل أفراد من حركتي فتح وحماس الذين سيتلقون الأوامر من وزارة الداخلية . كما سيلتقي رئيس الوزراء الفلسطيني اليوم قادة الأجهزة الأمنية في غزة لوضع الخطوات العملية لتنفيذ الخطة الأمنية الجديدة. ويأتي ذلك بعد ساعات من لقاءات أجراها عباس في غزة شملت رئاسة الحكومة ووزير الداخلية هاني القواسمي الذي كان قدم استقالته بسبب عدم تطبيق الخطة الأمنية ولكنه تراجع عنها لاحقا. كما تتزامن هذه الخطوة مع استمرار التهديدات الصهيونية بشن هجمات على قطاع غزة ردا على استمرار إطلاق الصواريخ الفلسطينية من قبل فصائل المقاومة باتجاه الكيان الصهيوني. وكانت فصائل المقاومة قد أكدت خلال اجتماع لها أول أمس الثلاثاء رفضها لتجديد التهدئة مع الاحتلال ما لم يتوقف عن عملياته العسكرية في الضفة الغربية وتهديداته المستمرة . وقال المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أيمن طه إن إطلاق الصواريخ من غزة لا يمكن أن يتوقف قبل أن تتعهد الكيان الصهيوني بوقف الاغتيالات والهجمات والاعتقالات وتنسحب من المدن الفلسطينية. وكانت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس قد أعلنت في ال24 من الشهر الماضي أنها لم تعد ملتزمة بالهدنة المبرمة مع الكيان الصهيوني . كما أعلن عدد من فصائل المقاومة نفس الموقف. وميدانيا أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي إطلاق أربع قذائف هاون من العيار الثقيل باتجاه موقع عسكري صهيوني محاذ لمعبر كرم أبو سالم جنوب شرق رفح. وأكدت سرايا القدس في بيان أن العملية تأتي في إطار مسلسل الرد الطبيعي على العدوان الصهيوني المتواصل على الشعب الفلسطيني. وأصبحت الصواريخ الفلسطينية تُمثِّل هاجسًا أمنيًّا كبيرًا بالنسبة للصهاينة ونشرت جريدة (يديعوت أحرونوت) الصهيونية في عددها الصادر اليوم تقريرًا في هذا الإطار تناول قدرات الصواريخ الفلسطينية والتهديد الذي أصبحت تمثله للصهاينة فأوردت الجريدة في تقريرها تصريحات بعض الخبراء العسكريين الصهاينة الذين قالوا إن الصواريخ أصبحت أكثر قدرةً على ضرب الأهداف وتدميرها بخاصة عند إطلاقها بكميات كبيرة، كما زادت قدرتها التدميرية بسبب ما تحمله من كرات حديدية إلى جانب جودة المواد المصنوع منها هيكل الصاروخ نفسه. وإلى جانب ذلك فقد قال الخبراء إن التقديرات المتوافرة لدى أجهزة الأمن الصهيونية توضح أن الصواريخ الفلسطينية تستطيع ضرب مدينة أشدود الواقعة على بعد 30 كيلومترًا من قطاع غزة، وبناء على هذه المعلومات فقد بدأت السلطات الصهيونية في اتخاذ بعض الإجراءات من أجل تحصين المدينة وبخاصة محطات هيئة الإسعاف الصهيونية، وقد تكلفت عملية تحصين إحدى تلك المحطات أكثر من مليوني شيكل (حوالي 500 ألف دولار) حتى الآن. هذا وقد أصيب جندي صهيوني وفلسطينيان بجراح بينهم امرأة حامل باشتباك وقع بين قوات الاحتلال ومقاومين في مخيم العين غرب مدينة نابلس بالضفة الغربية. وقال جيش الاحتلال إن دورية تابعة له تعرضت لتفجير عبوة ناسفة في مخيم عسكر شرق نابلس لكن ذلك لم يوقع إصابات. وقد اعتقلت قوات الاحتلال خمسة عشر فلسطينيا في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية خلال الليلة الماضية بينهم المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي في جنين سامر جبر. وفي وقت سابق أصيب فلسطينيان أحدهما رجل مسن برصاص قوات الاحتلال في محيط معبر المنطار شرق مدينة غزة فيما أفاد شهود عيان بأن مدرعات الاحتلال الصهيوني توغلت في منطقة قرب بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة. وقال مدير عام الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة الدكتور معاوية حسنين إن محمد حجاج قد أُصيب بعيارٍ ناري في الساق اليسرى فيما أُصيب فارس محمد سكر بعدة أعيرة نارية في مناطق مختلفة من جسده، مشيرًا إلى أن الإصابات بصفة عامة متوسطة. وكانت قوة من الاحتلال الصهيوني تتكون من 8 دبابات وعربتين مدرعتين قد توغلت لمسافة 200 متر تقريبًا داخل قطاع غزة؛ حيث اتخذت مواقع بالقرب من بلدة بيت لاهيا شمال القطاع. وقال شهود عيان إن التوغل تم في منطقة زراعية تحت غطاء من إطلاق النيران الكثيف فيما يبدو أنه محاولة من جانب الصهاينة لكشف أية عبوات ناسفة قد تكون مزروعة بالقرب من السياج الحدودي. في سياق آخر حذرت حركة حماس من تأزم الأمور بعد تبني جماعة جيش الإسلام خطف مراسل هيئة الإذاعة البريطانية آلان جونستون في مارس الماضي بغزة ودعت إلى إطلاق سراحه فورا. وأكدت الحركة رفضها لما وصفته بالنهج الذي يمارسه بعض المحسوبين على الإسلام مضيفة أن هذا النهج يسيء إلى الإسلام لأن قضية أسر جونستون هي قضية غير أخلاقية. وكانت جماعة جيش الإسلام قد أعلنت مجموعة من المطالب مقابل إطلاق الصحفي البريطاني من بينها الإفراج عن معتقلين مسلمين في بريطانيا منهم محمود عثمان أبو عمر المعروف باسم "أبو قتادة". في هذه الأثناء أعلنت مصادر مصرية أن وزيرة الخارجية الصهيونية تسيبي ليفني ستجري اليوم مباحثات في القاهرة مع الرئيس المصري حسني مبارك ينتظر أن تتركز على ما يسمى بمبادرة السلام العربية وسبل تفعيلها وإقناع الجانب الصهيوني بها كأساس لعملية التسوية في المنطقة تنفيذا لقمة الرياض التي عقدت نهاية مارس الماضي. كما تلتقي ليفني خلال الزيارة وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط والأردني عبد الإله الخطيب. وكانت ليفني قد عارضت الاثنين الماضي تحويل المبادرة العربية إلى ما سمته اقتراحا يجب أن يقبل أو يرفض مؤكدة أن ذلك لن يؤدي إلا إلى مزيد من الجمود في عملية السلام. وتتزامن تحركات ليفني مع تحرك آخر في الأردن حيث يتجه اليوم خمسون شخصية صهيونية من مختلف المواقع إلى العاصمة الأردنية عمان لشرح أهمية اغتنام ما يسمى بفرصة السلام السانحة بين العرب والاحتلال. ويضم الوفد حسب صحيفة يديعوت أحرونوت النواب يوسي بيلين وزهافا غلئون وأميرة دوتان وافيشاي بريفرمن والكاتبين عاموس عوز ودافيد غروسمان ورئيس المخابرات الأسبق يعقوب بيرس والبروفيسور آشر ساسا من جامعة تل أبيب ونائب رئيس الموساد الأسبق دافيد كمحي وإيتان هابر مدير مكتب رئيس الوزراء الصهيوني السابق إسحاق رابين وعددا من الصحفيين، بدعوة رسمية. وتأتي الزيارة بعد جولة لقاءات عقدها الملك الأردني عبد الله الثاني مع رئيسة الكنيست ونواب صهاينة انتهت لما اعتبره الأردن تشويها لمواقفه بعد أن نسبت إليه صحف صهيونية كلاما عن إمكانية استبدال التعويض بحق عودة اللاجئين. كما تأتي قبل زيارة منتظرة لرئيس الوزراء إيهود أولمرت إلى عمان الثلاثاء المقبل الموافق 15 مايو الجاري في نفس السياق. وكانت الجامعة العربية كلفت مجموعة عمل من مصر والأردن بإجراء اتصالات مع الكيان الصهيوني لإقناعها بقبول المبادرة العربية. وقلل دبلوماسيون غربيون من فرص إحراز تقدم في المحادثات الأولية بشأن المبادرة، التي تعرض على الاحتلال إقامة علاقات طبيعية مع العالم العربي مقابل إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية وانسحاب الاحتلال بشكل كامل من الأراضي التي احتلتها عام 1967 والسماح للاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم.