أكد الدكتور مجدي قرقر الأمين العام المساعد لحزب العمل أن النظام المصري فيما يبدو لا يهمه تحقيق الاستقرار في أي مجال من المجالات بقدر ما يهمه المحافظة على الاستمرار في الحكم بأي شكل, موضحًا أن الأوضاع في مصر تزداد سوءًا بسبب إصرار النظام على حكم البلاد بالقبضة الحديدية البوليسية, وشبه النظام بسائق السيارة الطائشة التي عندما تقع لها كارثة يكتفي سائقها بتغيير "إكصدام" السيارة التالف بينما العيب الحقيقي يكمن فيه هو برعونته وعدم قدرته على التحكم بها ويكون الإكصدام (وزير أو مسئول صغير) في هذه الحالة كبش فداء لتمرير الكارثة، جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في الجامع الأزهر عقب صلاة الجمعة في مؤتمر حزب العمل الأسبوعي هناك. كتب: محمد أبو المجد مصر تشتعل وأضاف قرقر أن مصر الآن تشتعل بالإضرابات والاحتجاجات والمظاهرات, فها هم العمال في معظم مصانع وهيئات مصر ينتفضون دفاعًا عن حقوقهم المنهوبة من الكبار "تلاميذ النظام" مما أثر بالسلب على الحركة الإنتاجية المصرية, وكان آخر هذه الاحتجاجات التظاهرة الضخمة التي قام بها عمال هيئة الطاقة الذرية أمام قصر عابدين احتجاجًا على تردي أوضاعهم وعدم حصولهم على أجورهم كاملة, والإضراب الذي قام به الآلاف من عمال النظافة بمنطقة شبرا الخيمة لنفس الأسباب مما أدى إلى تراكم أكثر من 500 طن قمامة بشوارع شرق وغرب شبرا الخيمة, بالإضافة إلى اعتصام نحو 200 عامل بالشركة العربية للطوب الرملي احتجاجًا على قرار تصفية الشركة, وعمال ترسانة الإسكندرية الذين اعتصموا أمام مقر الشركة القابضة للنقل البحري, وعمال شركة القاهرة للزيوت والصابون الذين اعتصم نحو 1000 عامل منهم للحصول على حقوقهم, وهاهم المعلمون يدرسون مقاطعة تصحيح امتحانات الثانوية العامة هذا العام بعد أن كشف لهم خدعة الكادر الخاص الذي أوهمتهم الحكومة به لمدة طويلة, بالإضافة إلى الاحتجاجات الشعبية المتوقعة على قرار الحكومة المرتقب بخصخصة التأمين الصحي مما سيمهد إلى القضاء على المواطن محدود الدخل!! وتساءل قرقر: هل هذا هو الاستقرار الذي وعدنا به مبارك بعد التعديلات الدستورية؟!!, وكيف يتم هذا؟! وهذه التعديلات بالأساس تكرس الاستبداد وتحكم القبضة البوليسية على البلاد أكثر مما هي عليه بالمزيد من القوانين الاستثنائية التي تعود ضباط الشرطة منذ زمن على العمل بها وفشلوا في العمل بكفاءة في ظل القوانين العادية!! مؤكدًا أن النظام المصري لا يهتم بحماية البلاد من خطر الإرهاب قدر اهتمامه بحماية أمنه من المعارضة السياسية وهو ما يفسر عدم قيامه بتعديلات موضوعية في قانون مكافحة الإرهاب بل قيامه بتعديلات وصفت ب"الإجرائية" لتطلق يده في القبض والتفتيش والإحالة إلى محاكم عسكرية. أمريكا هي أمريكا وانتقل قرقر إلى الأوضاع الدولية, حيث أكد أن أمريكا تنكشف أمامنا يومًا بعد آخر ويتبين زيف ادعاءاتها بتبني الحرية والديمقراطية, مشيرًا إلى أن الشهيد سيد قطب منذ الخمسينات – وكأنه رحمه الله يعيش بيننا الآن ويشهد ما نعانيه- كتب يقول في كتابه (الضمير الأمريكاني وقضية فلسطين): " أخيرًا يتكشف ضمير الولاياتالمتحدة الذي تعلقت به أنظار كثيرة في الشرق وحسبته شيئًا آخر غير الضمير الإنجليزي والفرنسي وسائر الضمائر الأوروبية المعروفة, فإذا هو ككل شئ أمريكي آخر (ضمير أمريكاني) يقامر بمصائر الشعوب وبحقوق الإنسان ليشتري بضعة أصوات في الإنتخاب, وكلهم سواء أولئك الغربيون.. ضمير متعفن, وحضارة زائفة, وخدعة ضخمة اسمها الديمقراطية يؤمن بها المخدوعون". ويضيف سيد قطب: "تلك كانت عقيدتي في الجميع, في الوقت الذي كان بعض الناس يحسن الظن بفريق ويسئ الظن بفريق, وكانت أمريكا في الغالب هي التي تتمتع بحسن الظن من الكثيرين, ولكنها تنكشف للجميع وتعبر عن حضارتها المادية التي لا قلب لها ولا ضمير لا تسمع إلا صوت الآلات ولا تتحدث إلا بلسان التجارة, ولا تنظر إلا بعين المرابي...ويتابع قطب: "يقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين), وها نحن أولاء نلدغ من الجحر الواحد عدة مرات ثم نعود إليه مرة أخرى مغمضي الأعين نتطلب الشهد من هذه الأفاعي ولا نجرب مرة واحدة أن نحطم هذه الجحور وأن ندوس تلك الأفاعي", وختم قطب كلامه قائلاً: "من الحق ألا نصم الشعوب العربية بوصمة الهوان وهي أكثر ذكاء من هذا, ولكنها تلك الحفنة الرخوة المسنة المتهالكة المتهاوية الذين يسمون حكامًا وزعماء.." تطورات متلاحقة أما عن الوضع في العراق فقد أوضح قرقر أنه يدخل عامه الخامس في ظل الاحتلال الأمريكي له وما زال الأمريكان يتكبدون الخسائر في الأرواح والمعدات, ولكنهم ما زالوا يتحركون ليس في العراق وحدها بل في معظم دول المنطقة يحدثون الفتن ويزعزعون الاستقرار والهدف الحقيقي لهم هي مصر بموقعها المتميز ومكانتها العالية, محذرًا أن محاولاتهم تزداد هذه الأيام لتقطيع أوصال السودان ونشر الفتنة في ربوعه مما سينعكس على مصر بكارثة في أمنها المائي والاستراتيجي. وانتقل إلى فلسطين فأكد أنها ما زالت تشهد بطولات نادرة وتضحيات رائعة من المجاهدين في المقاومة الفلسطينية رغم استمرار حملة الحصار والتجويع لها, ولكن الرئيس الفلسطيني عباس يأبى إلا أن يمارس عادته القذرة في تملق الصهاينة والتودد إلى قادتهم ويجتمع مع أولمرت – في منزله- بالساعات ثم يخلصون إلى مجرد زيادة عدد ساعات فتح معابر الحصار الصهيوني أمام الفلسطينيين ويفتخر عباس بهذا وكأنه إنجاز, ولكن الإنجاز الحقيقي يتمثل في أبطال المقاومة الذين ينجحون في فرض شروطهم على الكيان الصهيوني بعد أن فشل في استرداد أسيره منهم بالقوة هو وعملاؤه من أجهزة الأمن الفلسطينية رغم أن أرض فلسطين مكشوفة لا تحوي جبالاً أو مخابئ ولكنها عزيمة الأبطال الذين يذيقون الصهاينة سوء العذاب في فلسطين ولبنان. وفي ختام كلمته طالب قرقر الشعوب بالاستمرار في الرهان على الورقة الرابحة وهي الكفاح والمقاومة للعدو الداخلي وهم الحكام والعدو الخارجي وهم الأمريكان والصهاينة وأذنابهم الأوروبيين, حتى يأتي نصر الله وينتشر نوره ولو كره الكافرون.