أبدت الحكومة الأمريكية تحفظها على خطوات الحكومة المصرية في إقرار التعديلات الدستورية في حين أشارت مصادر صحفية إلى أن الرد الأمريكي لم يخل من انتقاد ضمني. وأعرب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية شون ماكورماك – بحسب الجزيرة - عن اعتقاده أن بعض التعديلات التي أقرها البرلمان المصري الاثنين الماضي تثير التساؤلات بشأن التزام الحكومة المصرية بالمعايير التي حددتها بنفسها في إطار الإصلاحات السياسية والاقتصادية. وأضاف ماكورماك أنه لا يريد أن يضع الولاياتالمتحدة في وسط ما يفترض أن يكون حدثا في السياسة الداخلية المصرية. ورفض أيضا تقديم المزيد من التوضيحات حول وجهة نظر بلاده تجاه بعض المواد المثيرة للجدل في التعديلات. وردا على سؤال بشأن تقديم موعد الاستفتاء على هذه التعديلات إلى الاثنين المقبل أشار ماكورماك إلى أنه لا أريد من الإدلاء بأي تعليق محدد حول المهلة الممنوحة للناخبين وفي العالم الحديث اليوم من الممكن نظريا الحصول على كمية كبيرة من المعلومات وتحليلها في فترة قصيرة. وكان التقرير السنوي للخارجية الأميركية بشأن حقوق الإنسان وجه مطلع الشهر الجاري انتقادات للقاهرة التي رفضته بشدة، وقالت إنه مبني على معلومات مغلوطة. وعلى نفس السياق فقد بدأت السلطات المصرية الاستعدادات للاستفتاء على التعديل الذي شمل 34 مادة بعد أن أصدر مبارك أمس قرارا جمهوريا بدعوة الناخبين للاستفتاء. وأثار التعجيل بالاستفتاء حالة من الغضب في صفوف قوى المعارضة والأوساط الشعبية حيث كان مقررا يوم 7 أبريل المقبل بدلا من السادس والعشرين من الشهر الجاري واعتبرت التيارات والقوى السياسية أن التعديلات بمثابة إعلان وفاة الدستور. وعقد نواب المعارضة أمس مؤتمرا صحفيا أمام مقر مجلس الشعب اعتبروا فيه أن هذه التعديلات تهدف لإحكام سيطرة النظام الحاكم على مقاليد السلطة وشل حركة المعارضة تمهيدا لتوريث السلطة لجمال نجل رئيس الجمهورية. ووصف رئيس حزب الكرامة (تحت التأسيس) النائب حمدين صباحي التعديلات بأنها جريمة في حق الشعب المصري وانقلاب دستوري وردّة دستورية وانتكاسة لنضال المصريين من أجل حياة أفضل. وطالبت المعارضة المصريين بمقاطعة الاستفتاء، متهمة الحكومة بالتزوير وبعدم منحها الوقت الكافي لتوعية المواطنين باتخاذ موقف ضد التعديلات. وقال رئيس الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين د. سعد الكتاتني إن السرعة غير المسبوقة في تمرير التعديلات وتقديم موعد الاستفتاء عليها جاء بهدف تفويت الفرصة على أحزاب المعارضة والمستقلين ل "الالتحام بالشعب وتوعيته بخطورة هذه التعديلات. وأوضح أنه إذا كانت الأيام الماضية برهنت على أن الاهتمام بالتعديلات كان من النخبة فقط، فإن الشعب المصري بدأ يستشعر خطورة ما يجري، وخطورة هذه التعديلات عليه، قام الحزب الوطني فاقد الشرعية باستغلال أغلبيته داخل مجلس الشعب لتمرير هذه التعديلات بهذا الشكل، فاستخدم كتلته التصويتية في تمريرها واستخدم هندسته المعهودة في إدارة الجلسات ليتم سلق التعديلات بسرعةٍ غير مسبوقة، وفي نفس الوقت تقديم موعد الاستفتاء حتى لا تتمكن أحزابُ المعارضة والمستقلون من الالتحام بالشعب لتحذيرهم من خطورةِ هذه التعديلات على مصالحه. وأضاف: أن جلسةَ الأمس تعتبر من أيام الحزن في تاريخ الشعب المصري، بعد أن تمَّ وأد الدستور وتشييعه إلى مثواه الأخير بهذه التعديلات التي دفعت بمصر إلى الخلف بعد تعديل المادة 88 وإضافة فقرة للمادة 5 والمادتين 62 و94 بهدف إقصاء الإخوان المسلمين. وأكد أن أخطر ما في هذه التعديلات هو إضافة المادة 179 التي تهدم الباب الثالث من الدستور الخاص بالحريات وتعود بمصر إلى عصر الدولة البوليسية. وقال إنه في ظل الحِراك السياسي فإن الأحزاب والقوي السياسية ستعمل على توعيةِ الشعب ولن تسمح للحزب الوطني بالعبث في الدستور؛ لأنه ليس ملكًا للحزب الوطني ليعبث به كيفما يشاء، خاصةً أن الشعب المصري بدأ يعي ما يحدث ضده جيدًا. ووجَّه د. الكتاتني انتقاداتٍ حادة للدكتور فتحي سرور ووصفه بأنه أخلف وعوده مع النواب مرتين؛ الأولى يوم الأحد الماضي عندما تم الاتفاق معه على أن يقوم كل نائبٍ رافض التعديلات بعرض أسباب رفضه واعتراضه، وبعد أن بدأت الجلسة فُوجئ النواب بكلامٍ مخالفٍ لما تمَّ الاتفاق عليه، أما المرة الثانية فكانت عندما اتفق معه النواب المقاطعون للجلساتِ أن يسجلوا رفضهم للتعديلات بأسمائهم في مضبطة الجلسة، فأصرَّ على أن يكون النداء بالاسم، مستغلاً مقاطعة النواب للجلسات، فما كان منا إلا دخول القاعة وإثبات رفضنا لهذه التعديلات، وشارك معنا نائبا الحزب الوطني محمد حسين وطاهر حزين. وأكد الدكتور حمدي حسن أن مجلس الشعب اهتمَّ من حيث الشكل دون المضمون وعقد 4 جلساتٍ بصورة مريبة، وكل ما فعله المجلس هو تعديل الفاصلة مكان النقطة، والتي سميت بفاصلة الرئيس ونقطة آمال عثمان، وفي النهاية هتف نواب الحزب الوطني "بالروح بالدم نفيك يا مبارك"، بينما هتفت المعارضة "بالروح بالدم نفديك يا إسلام"، "بالروح بالدم نفديك يا مصر"، ثم هتف الجميع "بلادي بلادي لك حبي وفؤادي".