تتصدى المقاومة الفلسطينية حاليًا لتوغل صهيوني مستمر منذ ساعةٍ متأخرةٍ من الليلة الماضية في مدينة جنين شمال الضفة الغربية ضمن حملات توغل واسعة النطاق شملت اعتقال العديد من المواطنين الفلسطينيين. وقد أعلنت سرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين) وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح) مسئوليتهما المشتركة عن تفجير عبوةٍ ناسفةٍ في سيارةٍ عسكريةٍ صهيونيةٍ شمال المدينة في ساعةٍ متأخرةٍ من الليلة الماضية. وأوضحتا في بيانٍ مشتركٍ أن العملية تأتي في إطار الرد على جرائم الاحتلال ولتأكيد حق الشعب الفلسطيني في المقاومة. كما أكدت مصادر الاحتلال أن القوة العسكرية التي توغلت في مخيم ومدينة جنين تعرَّضت لتفجير 3 عبوات ناسفة، بالإضافة إلى تعرُّضها لإطلاقِ نارٍ كثيفٍ من عناصر المقاومة. وتشير الأنباء إلى أن عمليات المقاومة أسفرت عن تعطيل عددٍ من آليات الاحتلال العسكرية. ويأتي هذا التوغل في جنين- والذي تمَّ بأكثر من 20 آلية- في إطار حملة صهيونية ضد مختلف مدن الضفة الغربية بدأت الليلة الماضية وأسفرت عن اعتقال ما يزيد على ال30 فلسطينيًّا ونقلهم إلى جهةٍ غير معلومة من أجل التحقيق معهم. وقد تصدَّت المقاومة الفلسطينية للقوات المتوغلة فيما اعترف جيش الاحتلال بذلك حيث قال إن قوةً تابعةً له تعرَّضت لإطلاق نارٍ كثيفٍ قرب مدينة نابلس. كما تعرَّضت قوة أخرى لإطلاق النار قرب قرية سردا شمال رام الله، لكن المصادر العسكرية الصهيونية ادَّعت عدم وقوع إصاباتٍ في صفوف جيشها. وبينما تستمر عمليات المقاومة يتواصل تفتت الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني حيث التقى إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطيني بوفدٍ من أعضاء البرلمان الأوروبي أمس. وقد ناقش الاجتماع قضية تبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال وقضية آلان جونستون الصحفي البريطاني العامل في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" المختطف في غزة. وقال هنية- خلال الاجتماع- إن الحكومة الفلسطينية قدَّمت الكثير من المبادرات السياسية إلا أن الكيان الصهيوني قابل ذلك بالرفض مؤكدًا ضرورة تعامل المجتمع الدولي مع حكومة الوحدة الوطنية بشكلٍ رسمي ومباشر باعتبار أنها تُمثِّل خيار الشعب الفلسطيني بعيدًا عن سياسة الحصار المالي والسياسي المفروض على الحكومة منذ أكثر من عامٍ. وأشار هنية إلى أنه من الضروري وصول الأموال والمساعدات عبر وزارة المالية. من جانبهم أكد أعضاء البرلمان الأوروبي أن زيارتهم تأتي كتعبيرٍ واضحٍ عن التعامل المباشر مع حكومة الوحدة والاعتراف بها. وأضاف أفراد الوفد أن البرلمان الأوروبي يبذل جهدًا لإقناع الاتحاد الأوروبي بالتعامل الرسمي والمباشر مع حكومة الوحدة الفلسطينية. كما شدد أعضاء الوفد ضرورة إطلاق سراح النواب والوزراء الفلسطينيين المعتقلين لدى الاحتلال وقد قام هنية بتسليم الوفد رسالةً رسميةً للتحرك من أجل الضغط على الاحتلال لإطلاق سراح هؤلاء النواب والوزراء. وقال هنية إنه يتوعد الاحتلال الصهيوني لقيامه بعمليةٍ عسكريةٍ واسعة النطاق في قطاع غزة للتغطية على الأزمة السياسية الحادة في الكيان بعد تقرير لجنة تقصي الحقائق حول حرب لبنان المعروف ب"تقرير فينوجراد" والذي وجَّه انتقاداتٍ حادة إلى رئيس الحكومة إيهود أولمرت مما أدَّى إلى تصاعد الدعوات بالاستقالة. وفيما يتعلق بقضية آلان جونستون صحفي "بي بي سي" المختطف في غزة أكد هنية أنه "لا يدخر جهدًا من أجل إطلاق سراح جونستون" مشيرًا إلى أنه يجب إطلاق سراح جونستون حتى يتمكَّن من أداء عمله في نقل الواقع الذي يعانيه الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال. يُشار إلى أن جونستون قد اختطف في قطاع غزة قبل حوالي 7 أسابيع على يد مسلحين مجهولين وقد تعهَّدت كافة القوى الفلسطينية بالعمل على الإفراج عنه، وقد رفضت الحكومة الفلسطينية الطلبات التي قدَّمها الخاطفون إلا أنها لم تُعلن عن محتوى تلك الطلبات. وقد وجَّه الصهاينة انتقاداتٍ حادة إلى اللقاء الذي جمع هنية بالوفد البرلماني الأوروبي. وقال مارك ريجيف المتحدث باسم الخارجية الصهيونية إن اللقاء يمنح الشرعية لحركة المقاومة الإسلامية حماس التي لا تعترف بالكيان، مؤكدًا أن الكيان ينظر إلى اللقاء "بسلبية"!! وفي تطورٍ سياسيٍّ أعلن شون ماكورماك- المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية- أن اللجنة الرباعية الدولية المشرفة على عملية التسوية في الشرق الأوسط سوف تعقد اجتماعًا في شرم الشيخ يوم الجمعة القادم مع مسئولين من الدول التي رشحتها جامعة الدول العربية للتسويق للمبادرة العربية للتسوية، وهي مصر والأردن والسعودية وسوريا. وأشار ماكورماك إلى أن وزيرة الخارجية كونداليزا رايس سوف تحضر الاجتماع. وقال ماكورماك إن سوريا ضمن مجموع الدول التي كلَّفتها جامعةُ الدول العربية بشرح مبادرة السلام العربية وبالتالي فإنه سيتم الاجتماع معها على هذا الأساس. وأشار مكورماك إلى أن مصر هي صاحبة فكرة الاجتماع وأن الولاياتالمتحدة رأت أنه من المفيد الاستماع بشكلٍ مباشرٍ لممثلي الجامعة العربية لمعرفة المرتكزات التي تستند إليها مبادرتهم وما هي خططهم للسلام بغرض إخطار الدول الأخرى بما فيها الكيان الصهيوني مشيرًا إلى أن هذا اللقاء قد يكون نقطة انطلاق دبلوماسية. وكانت الدول العربية قد جددت في القمة العربية الأخيرة في الرياض التمسك بالمبادرة العربية للتسوية والتي كان قد أعلنها خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز وقت أن كان وليًّا للعهد وتبنَّتها قمة بيروت في العام 2002م. وتنص المبادرة على انسحاب الكيان من الأراضي المحتلة عام 1967م مقابل الاعتراف الكامل من الدول العربية بالإضافة إلى حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على أراضي ال67 وعاصمتها القدس الشريف وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي أُقيم عليها الكيان الصهيوني. وأقرَّت القمة العربية الأخيرة لجنةً مُكوَّنةً من مصر والأردن وسوريا والسعودية لتسويق القمة العربية عالميًّا. وأعلن الكيان أنه يريد تعديل المبادرة بحيث يتم الاعتراف بالكيان قبل الانسحاب إلى جانب رفضه حق العودة ولم يؤيد الأمريكيون الصهاينةَ صراحةً ولكنهم أعلنوا أن المبادرة بحاجةٍ إلى تعديلات بحيث يتم القبول بها كإطار عمل.