بقلم: علي عقلة عرسان كاتب وأديب عربي سوري كل ما ينتفخ أكثر ينفجر اسرع وربما أكبر ، وقد ينطبق هذا على القمة العربية القادمة في الرياض 28 29 ، مارس 2007 التي توضع أمامها أكثر الملفات العربية حساسية وتأزما وسخونة ، ويعلق الامل على حلها والخروج بالامة العربية من الازمات المستحكمة إلى أفق عربي جديد . ان اقتدار جامعة الدول العربية ومؤسسة القمة على تقديم الحلول والحضور في ساحات الفعل لانجاز الامور المعلقة او المتفق على ضرورة حلها في أرض الواقع هو ما نتطلع إليه ونتمناه ، ونريد للقمة ان تنجح فيه ، ولكن القمم العربية عودتنا على ان نعطي الظهر لآمالنا كلما اشتدت بنا الحاجة لحل رسمي يأتي من القمة ويشفي القاعدة (الشعب) ويفرج الكروب . أمام القمة في الرياض ملفات كبيرة منها : العراق ، فلسطين ، لبنان ، دار فور ، الصومال .. الخ ومشاريع أو أوراق منها التضامن العربي الذي دخل غرفة الانعاش منذ سنوات ولم يخرج منها بعد . وأمامها سوى التحديات الكثيرة والخلافات العربية العربية الكبيرة ملف خطير مقنع بعدة أقنعة ، قد لا يطرح على جدول الاعمال ولكنه يتبدى في جداول أعمال دول وأشخاص وجهات مؤثرة في القمة بصور مختلفة ، وهو ملف (الفتنة المذهبية أو الطائفية) التي تندلع في العراق ويراد لها أن تكبر لتتحول إلى حرب شاملة في المنطقة بين السنة والشيعة ، العرب والفرس ، وتنتشر بين المسلمين بارادة أميركية صهيونية تراها ادارة بوش مخرجا ومعبرا لها ولحليفها الصهيوني بالدرجة الاولى . إن التحرك الاميركي الصهيوني وتوابعه ينصب على اجراء تعديلات على قرار قمة بيروت العربية ، حيث تتوقف على اجرائها ، من وجهة نظرهم ، موافقة الكيان الصهيوني وحلفائه الغربيين على تحريك المسار الفلسطيني الاسرائيلي والتعاون مع حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وجعل الاشقاء يتريثون في اشهار السلاح بعضهم على بعض . ترفض القمة العربية مطالب (السمراء والشقراء) ولا تدرج على جدول أعمالها أي تعديل على قمة بيروت ، وتعتبرها حزمة واحدة وفرصة نادرة لتقديم حل عربي مشترك ومتفق عليه وينطوي على تنازلات كبيرة لا يمكن النزول عن سقفها ، ولكن التدخل الصهيوني عبر البوابات الاميركية والغربية والمباشرة ، يصل إلى قاعات القمة وإلى قراراتها بوسائل خفية ولو بعد حين . وترفض القمة تعديل قرار قمة بيروت ولكن أصحاب المبادرات الخيرة لن يترددوا في متابعة السير في الطرق الخيرة بالاقناع والتشجيع أو بالتلميح والتلويح بمناديل حمراء وصفراء وباشارات لها معانيها ومدلولاتها . ومن يتلكأ في الاستجابة أو القبول فان ذلك الانجاز أو الوعد به سيشكل سوطا يساط به عرب يتمسكون بحق وارض ومصالح وبقايا مبادئ ، عرب يطلب منهم ان يفاوضوا على أراضيهم المحتلة ومصالحهم المهددة وشؤونهم المخترقة ، وبدفع من القمة انقاذا للملفات التي تقرر انجازها وإلا فانهم مسؤولون وعليهم ان يتحملوا النتائج وسوف يحاسبون ؟ الكيان الصهيوني لا يحاسب على شيء لا على اتفاق نقضه ، ولا على جرائم يرتكبها ، ولا على ابادات جماعية نفذها وأخرى يستمر في تنفيذها ، ولا على سلاح نووي يمتلكه ، ولا على اسرى وأطفال عرب ذبحهم .. ولا .. لا .. ولا .. العرب وحدهم يحاسبون ويجبرون على ان يحاسب كل منهم الآخر على مايطلبه الصهاينة والغربيون ولا ينفذه ، ومن يناصر العرب من المسلمين يحاسب ايضا . وتلك قمة المهزلة المأساة وما شئت ان تضم على ذلك من صفات ، في قرارة النفوس يتمنى الشعب العربي النجاح التام للقمة ، وفي مخزون الذاكرة العربية هواجس ومخاوف وأشكال من الاحباط تتجدد وتترك في النفوس عوامل قنوط . ولهذا السبب لا نريد ان ننفخ القمة أكثر ونضخم ما يمكن أن تخرج به من نتائج حتى لا نصدم وتزداد في نفوسنا عوامل الاحباط وترسبات القنوط . كل ما نرجوه ان تنجح الجهود التي تسبق القمة وتمهد لها في التخفيف من حدة الازمات القائمة في الملفات المطروحة عليها ، وهناك تباشير في الافق منها : تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية ، وتصريحات بعض أهل الحل والعقد من اللبنانيين وبتحرك باتجاه تفاهم داخلي باتجاه الحوار الذي يؤدي إلى بداية (حلحلة) لهذه المسألة التي يمسك بخيوطها أطراف عرب ودوليون بالدرجة الاولى وهم يستطيعون من تلك المواقع التي يحتلونها في الشأن اللبناني ان يعقدوا الامور او يساهموا في (حلحلة) العقد ، وكذلك في وضع أطراف عربية ضد أخرى واضعاف التضامن وضرب روح القمة في الصميم ، هم لا يهمهم شأن الشعب في لبنان بمقدار ما يهمهم ان يبقوا هم اللاعب الرئيس فيه وفي الوطن العربي من خلاله لا يهمهم شعب لبنان ومصالحه بل تهمهم مصالحهم ومصالح من يرتبطون بهم ، وعدوان الثلاثة والثلاثين يوما ونتائجه خير دليل على ما نقول . ان ما هو مطروح على القمة من ملفات مهم جدا وجوهري للغاية في معالجة شؤون المنطقة على المدى القريب والبعيد ، ومؤثر في وضع حد لتفاقم أزمات عربية راهنة واخرى مزمنة , ولكن علينا ان نحذر من التفاؤل المتورم ومن التدخل الخارجي المباشر أو غير المباشر . في شؤون القمة ومن عدم معالجة الملفات المقنعة أو المستترة المتصلة بالفتنة الطائفية والمذهبية ولو في الكواليس ، تلك الفتنة التي يجري ايقاظها وتغذيتها ، وتجاهل ذلك بذريعة انها غير قائمة وان المعالجة قد (توقظها) في حين انها موضوعة فعليا على نار خفيفة أو قوية تعس تحت الرماد وتنشر فوقه في مواقع ، وهناك من يغذيها ويستثمرها ويحاول ان يؤجج نارها ويعمل لجعل العرب والمسلمين يقعون في مصائدها ومكائدها . ان من يعمل على اذكاء نارها هم أعداء الامتين العربية والاسلامية وهم يؤسسون لنكون حطبا لنار الفتنة وقد نجحوا جزئيا ، فالدم يسيل كل يوم في العراق وما في نفوس المرضى والضعفاء من أبناء الامة ينمو باتجاهات غير صحية ، ان معالجة تلك الملفات بمسؤولية وجدية وبعد نظر واستقلالية تامة بعيدا عن تأثير المحرضين والاعداء وعملائهم وأدواتهم ، وبتقوى الله في البلاد والعباد ، كفيل بتغيير الكثير من الآراء والرؤى والمواقف والتوجهات التي تضع بعض العرب والمسلمين في مسارات متضادة يسيرون فيها الآن ، ومن شأنه ان يقربهم ويبصرهم بالامور ويحدد أمام العقل والضمير والمنطق من هو عدو الامة ومن يريد بالناس الفتنة والشر . وهذا يحتاج أولا إلى نبذ صيغة : (تحالف المعتدلين ومحور المتطرفين) حسب توصيف السمراء والشقراء ، وفضح خلفياته وأهدافه واللاعبين عليه ، ومحاصرة الفتنة في العراق ، وتحميل الولاياتالمتحدة الاميركية المسئولية التامة عما يجري فيه ، وعدم السماح لها بالقفز فوق الحقائق والقضايا والمسؤوليات والدماء كما تفعل دائما لتتنصل من المسؤولية المباشرة والتاريخية عن ذلك . انها تريد ان تحمل العراقيين وحدهم وهم ضحايا عدوانها واحتلالها الهمجي وممارساتها الوحشية مسؤولية الدمار والاقتتال الذي تسميه اقتتالا على السلطة والنفوذ ، بعد ان اسست له وتؤسس لنشره في دائرة أوسع من العراق . وعلى القمة العربية من بعد معالجة الجذور والفروع التي يستنبت عليها أعداء الامتين العربية والاسلامية فتنا أو يتخذون منها عوامل فرقة وضعف وتدخل في الشؤون الداخلية للعرب والمسلمين . ان اتفاقا عربيا لمرة واحدة على امر يتعلق بقضية كبيرة ، وخطيرة مثل قضية العراق ، يتضمن موقفا من الاحتلال وعملا جادا من أجل خروج المحتل مدحورا ، بالمقاومة أو بالمفاوضات أو بكليهما معا ، والمحافظة على وحدة العراق ارضا وشعبا ومؤسسات ، واخماد نار الفتنة المتقدة فيه .. كفيل بجعل القمة العربية تكسب بنظر الشعب العربي في كل قطر وتصبح موضع ثقة وباعث أمل ، وترتفع أسهمها دوليا . ان مواجهة تحديات هذا الملف ومعطياته بقوة ووعي ومسؤولية عربية عليا كفيل بتذليل بعض صعوبات الملف المزمن والاشد خطورة ، ملف قضية فلسطين ، لأن افلاس الاميركيين وهزيمة مشروعهم في المنطقة هو بداية تراجع وهزيمة للمشروع الصهيوني الام الذي يحتضنونه ويرعونه وهو ايضا بداية زعزعة شديدة لمقومات قوة ذلك المشروع ونفوذه وبقائه .. ومثل هذا الموقف العربي في هذه الظروف كفيل بكشف الكيان الصهيوني من الداخل وبيان هشاشته وانسداد الآفاق المستقبلية أمامه ، وامكانية انتزاع الحقوق الفلسطينية والعربية منه على الاقل .. حتى لا نقول بما هو أبعد من ذلك .