فساد و كذب و تلفيق قضايا و خسائر بالملايين و نسبة قليلة من الأفراد تحصل على ملايين الجنيهات .. معتقلون و تضامن زملاءهم معهم .. مضربون عن الطعام يتساقطون و سيارات الاسعاف تحاول إنقاذ حياتهم .. متظاهرون بشكل يومي يواجهون تهديدات بضياع مستقبلهم الوظيفي و يتحملون اتهامات بالعمالة و التمويل الخارجي , سيفهم القارئ أني أصف مصر قبل الثورة أو أني أتحدث هنا عن عهد مبارك . ما أتحدث عنه الأن هو الوضع في الشركة المصرية للإتصالات بعد الثورة . و لأن قبل الثورة كان حاكم مصر هو مبارك – رأس الفساد - فكان من الطبيعي أن يكون هذا هو الوضع في مؤسسات الدولة كلها أما أن تستمر الأوضاع كما هي حتى بعد " الثورة " فهذا أمر غير مُبرر و غير مفهوم أو ربما بات مفهوما فقط لمن يلاحظ تصرفات و سياسات المجلس العسكري الذي أصبح يقاتل ليُبقي على كل أوضاع نظام مبارك كما هي بل و أسوأ ! بعد سقوط نظام مبارك ظن المواطنون أن كل منهم سيعود من التحرير إلى مؤسسته أو شركته ليجدها و قد تطهرت من الفساد و من أتباع مبارك و ذيوله إلا أنهم وجدوا كل شئ كما هو و كأن شيئا لم يكن . حاول هؤلاء الشرفاء – أصحاب الثوة الحقيقين - أن يطهروا هذا الفساد إلى أن البعض لم يعجبه هذا و أتهمهم بأنهم أصحاب مصالح فئوية فصمت هؤلاء لربما يحدث هذا التطهير مع الوقت و لكن حتى هذا لم يحدث بعد مرور 8 شهور من سقوط النظام . هذا هو الوضع في أغلب أو كل المؤسسات و المصالح و الهيئات الكبرى و منها الشركة المصرية للإتصالات و حتى لا يتهم أحد موظفي الشركة المصرية للإتصالات بأن مطالبهم فئوية تهدف إلى زيادة مرتب هنا او مكافأة هناك فإن المتابع للإحتجاجات هناك سيجد أن مطالب هؤلاء الموظفين الشرفاء لا تهدف أبدا إلى زيادات مالية بل كل همهم أو إقالة مجلس إدارتهم قبل وصولهم إلى المعاش حتى تتم محاسباتهم و ملاحقتهم جنائيا على كل تلك الأموال التي أهدروها . و للعلم يا سادة .. إن الشركة المصرية للإتصالات 80% منها مال عام و بالتالي فعلينا جميعا الوقوف بجانب الاحتجاجات هناك بدل من كيل الاتهامات لهم . في الأتي نستعرض بعضا مما جاء في تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات عن مخالفات تلك الإدارة : * صدر قرار مجلس ادارة الشركة في 8 مارس 2011 بإلغاء تنفيذ مشروعات الشركة على الارض المخصصة لها بالمنطقة الاستثمارية التكنولوجية بالمعادي على الرغم من قيام الشركة بصرف نحو 7.75 مليون جنية ...... * تم صرف نحو 47.64 مليون جنية على اعمال توريد و تركيب نظام تأمين شبكة التراسل ...... و لم نواف باي عقود و كذا اي فواتير أو مستخلصات توضح ما تم من اعمال رغم تكرار طلبها عدة مرات .... * خسارة الشركة لنحو 454 مليون جنية عن إستثمارها في مشروع إنشاء شركة CAT بالجزائر – مشروع مشترك بين المصرية للاتصالات و شركة اوراسكوم تليكوم لتوفير خدمات التليفون الثابت بدولة الجزائر و قد شاب هذا الاستثمار العديد من المخالفات لم تتخذ أي اجراء بشأنها . * المغالاة في صرف المكافات لبعض قيادات الشركة و شاغلي الوظائف الادارة العليا بإلاضافة إلى صرف نحو 1,61 مليون جنية لعدد 14 من السادة المستشارين بالشركة خلال الربعين الاول و الثاني من عام 2011 بمتوسط 20 الف جنية للفرد شهريا و لم نواف بإختصاصات كل مستشار و الاعمال المكلف بها فضلا عن إستمرار التجديد السنوي لبعضهم .
أعتقد أن من يهاجم الإحتجاجات ضد هذه الادارة الفاسدة - التي صرفت 21.5 مليون جنية لوزارة الداخلية في عام 2010 من مال الشعب المصري - لا يخرج أبدا عن كونه أحد ثلاث إحتمالات إما مشارك في تلك المخالفات التي ترقى لحد جرائم الفساد المالي و إهدار المال العام و إما أن يكون من فلول النظام السابق الذي يريد لهذه الممارسات المباركية أن تستمر أو أن يكون أحد هؤلاء الذين يريدون أن يُفرغوا ثورة شعب قامت من أجل العدالة الإجتماعية و محاربة الفساد من محتواها ليأخذوها إلى الطريق الذي يناسبهم و يناسبهم وحدهم حيث المتاجرة بشعارات الحرية و الليبرالية و التي لابد لها من مجموعات الفاسدين و الرأسماليين أمثال بشير عقيل رئيس الشركة و محمد عبد الرحيم الرئيس التنفيذي و باقي اصحاب و رؤساء المؤسسات و المصالح و المصانع ظنا منهم أن مصر يمكن أن تعيش في ظل سياسات مالية و أوضاع إجتماعية مشابهة لعصر مبارك و السادات الذي قد عفى عليها الزمن و ثارت عليها الشعوب . * أحد قيادات اضراب موظفي الشركة المصرية للاتصالات