حقائق تلو الآخري تنكشف وراء تصريحات النظام، فيما يخص القضايا الخارجية، وعلى رأسها وأهمها قضية سد النهضة، التي تهدد أمن البلاد المائي الذي فرط فيه النظام. حيث يؤكد خبراء أن "السيسي" أضاع على مصر فرصة التحكيم الدولي، أمام تعنت أديس أبابا وتلاعبها بالسيسي وأركان حكومة العسكر، واستنزاف الوقت حتى تتمكن من بناء السد في نهاية المطاف، ليكون أمرًا واقعًا لا تقدر مصر على مواجهته. ويرى الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، أن اللجوء للتحكيم في غير محله، وخارج السياق. وحول اللجوء لمجلس الأمن، يقول "سلامة" في تصريحات صحفية: إن الدول لا تلجأ فى الحالات المماثلة فيما يتعلق بالنزاعات القانونية والفنية إلى مجلس الأمن إلا نادرًا، وإن حدث ذلك فإن مجلس الأمن يصدر توصيات غير ملزمة، بموجب الفصل السادس من ميثاق منظمة الأممالمتحدة، وبفرض توصية مجلس الأمن لأطراف النزاع القانونى باللجوء إلى محكمة العدل الدولية لتسوية ذلك النزاع، فإن هذه التوصية غير وجوبية، أى تستلزم موافقة كل الأطراف على قبول اختصاص المحكمة للفصل فى ذلك النزاع، ووفقا للفصل الثامن من ميثاق الأممالمتحدة، وتحديدا المادة 52 من الميثاق، يكون اللجوء إلى المنظمات والوكالات الإقليمية خطوة سابقة قبل طرق أبواب مجلس الأمن لعرض النزاع القائم بينهم. يضاف إلى الأسباب السابقة مفاجأة من العيار الثقيل؛ حيث إن اتفاقية المبادئ التي وقعها "السيسي"، في مارس 2015 بالخرطوم، لم تشمل اللجوء إلى التحكيم الدولي؛ ما يعني أنه أضاع على مصر فرصة "التحكيم الدولي" حال كان هو المسار الوحيد المتبقى لمواجهة إثيوبيا وحماية حقوق مصر المائية. وينص البند العاشر في الاتفاق على أنه "تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتها الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقا لمبدأ حسن النوايا. إذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات؛ فيمكن لها مجتمعة طلب التوفيق، أو الوساطة، أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/ رئيس الحكومة". وتؤكد المصادر أيضًا أن "الاتفاق وضع مصر في ورطة كبيرة؛ إذ أضاع عليها فرصة اللجوء للتحكيم الدولي حال استمرت المنازعات". وبحسب خبراء، فإن الخيارات تتقلص أمام جنرال العسكر وأركان حكومته، فالمسار الفني فشل، والتحكيم الدولي غير متاح، والخيار العسكري مستبعد، فماذا تبقى من خيارات أمام العسكر لحماية حقوق مصر المائية؟. لم يتبق إلا مسار التفاوض السياسي بين السيسي ورؤساء السودان وأديس أبابا، وهو أيضا مسار غير مضمون النتائج، ولا يضمن حماية حقوق مصر المائية المقدرة ب"55,5" مليار متر مكعب.