كشف موقع أمني صهيونى عن نقاشات تجري حاليا في تل أبيب بشأن القيام بعملية عسكرية في سيناء، وسط قلق متزايد من عودة الاهتمام المصري بسيناء على نحو يؤسس لمجتمعات حديثة ستشكل مستقبلا محاور ارتكاز سكاني في المنطقة. فقد ذكر الموقع الأمني الصهيوني "تيك ديبكا" أن العميد في جيش الاحتياط ورئيس المجلس القومي الصهيوني السابق "عوزي ديان" دعا إلى القيام بعملية عسكرية داخل سيناء، بحجة أنه آن الأوان لاسترداد الجيش قدرته على العمل في تلك المنطقة. كما أشار الموقع إلى اجتماعٍ عقده قائد هيئة الأركان العسكرية "بيني غانتس" مع ضباط هيئة الأركان لبحث الوضع في تل ابيب، والمناطق المحاذية لمصر، حيث كشفت محافل حضرت الاجتماع تأكيده الرغبة في الحفاظ على اتفاق السلام مع مصر، وفي ذات الوقت الحفاظ على أمن الكيان. ووفقا للتقرير نفسه، فإنه لا توجد أي إرادة صهيونية حاليا ل"تسخين" الوضع في الجنوب، لكن -في نفس الوقت- لا يريد أحد تحول الحدود مع مصر إلى مناطق تنطلق منها العمليات، الأمر الذي يستوجب -والكلام للموقع الأمني الصهيوني-احتمال التدخل العسكري الصهيوني داخل سيناء. وفي ذات السياق، أعرب تقرير صهيوني أعده مركز فرانكلين بيغين عن قلق الأوساط السياسية والاقتصادية من عودة الاهتمام المصري بسيناء في ضوء الاستثمارات المصرية التي تدفقت عليها، مما يؤسس لمجتمعات حديثة في شبه الجزيرة ستكون محاور ارتكاز سكاني في المنطقة مستقبلاً. ويكشف التقرير أن الكيان الصهيونى عرض على الرئيس المصري المخلوع "حسني مبارك" ضخّ استثمارات في وسط وشمال سيناء، إلا أن ذلك رُفض؛ لأن الشخصيات والمستثمرين المصريين الموجودين في المنطقة يتمتعون بحس شعبي ودعم جماهيري سيجعل دخول الصهاينة في هذه المنطقة صعباً للغاية. وأشار التقرير إلى أن الكيان الصهيونى لم يكن بعيدا عن عدم الاستقرار الذي لوحظ خلال السنوات الماضية في سيناء، الأمر الذي يعني أن هاجس الأمن الاقليمي والاستقرار يمثل تحدياً كبيراً للحكومة الصهيونية، خاصةً مع حصار غزة، وحشر ما يقرب من مليون ونصف مليون فلسطيني بمحاذاة الحدود المصرية، ووجود مستثمرين مصريين، وما يصاحب ذلك من سياسة غامضة تعتبر أحد أهم التحديات الكبيرة أمام الكيان الصهيونى في سيناء. لذلك يمكن تفسير تصاعد النبرة الصهيونية ضد الوضع في سيناء كمحاولة للضغط الخارجي على مصر، وإعطاء انطباع بعدم وجود سيطرة مصرية في المنطقة لإيجاد الذرائع للكيان الصهيونى للسيطرة عليها، مع العلم بأن معاهدة السلام تنص بشكلٍ لا يقبل التأويل على أن شبه جزيرة سيناء تقع ضمن السيادة المصرية الكاملة، وأن معاهدة السلام بين البلدين "ذخر استراتيجي" لهما. في المقابل ومن ذات المنطلق، ألمحت مصادر مصرية مسئولة في القاهرة إلى دراسة لزيادة عدد قواتها في سيناء لضمان الأمن بشكل كامل، وجاءت تصريحات وزير الدفاع" إيهود باراك" تأكيدا للتقرير الصهيونى، الذي أعرب ذات مرة عن قناعته بأن نظام الحكم القادم في مصر سيكون أقل تأييداً للكيان الصهيونى، وأن سيناء تتحول إلى منطقة بدون سيطرة أمنية تسودها "عصابات الإرهاب"، لكنه لم يشر إلى ضرورة الاستعداد لفتح جبهة جديدة مع مصر، لأن معاهدات السلام معها ثابتة.